في بداية الثلاثينيات ويعطينا دروساً في الحياة
الرابط اضغط على الصورة ـــــــــــــــــــ>
http://www.suhuf.net.sa/images/jazlogo.jpg
في بداية الثلاثينيات ويعطينا دروساً في الحياة
سبق وأن كتب أحد الأخوة بصفحة الرأي بجريدتكم الغراء مقالاً عنوانه (هكذا علمتني الحياة) وتعقيباً عليه فإنني أقول قدمت إلى هذه الحياة في منتصف عام خمسة وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية الشريفة ومثلي مثل غيري فقد انتظمت كطالب في مدرسة الحياة الواسعة التي ليس لها مكان يحدها ولا مناهج ومقررات معينة تحصر الاستفادة منها ولا شروط تحد من طلبتها بل هي للجميع فإليكم معاشر قراء (الجزيرة) الكرام شيئاً مما استفدته من هذه المدرسة العامرة:
- علمتني الحياة أنها مدرسة وأن كل من فيها مستفيد كل بحسبه وما علينا إلا أن نستلهم منها الدروس والعبر.
- علمتني الحياة أن كل لحظة منها غنيمة فلنفرح صبيحة كل يوم أننا ما زلنا على قيد الحياة ولنعمل بما يرضي الله.
- علمتني الحياة أن طعم الحياة بحسب أهدافك فيها فإن كانت سامية طاب طعمها وإن كانت سافلة فهي كالحنظل.
- علمتني الحياة أن أصنع الأحداث وأن أكون في المقدمة فإن الصفوف الأخيرة يفوتها خير كثير.
- علمتني الحياة أن أستثمر الفرص قبل فواتها فيما يعود علي نفعه دينا ودنيا متمثلاً بقول الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها : فإن لكل خافقة سكون
- علمتني الحياة أن الصديق الوفي والصاحب المصافي من أعظم كنوز الدنيا والواجب أداء حقوقه ومراعاة مشاعره والحفاظ على مودته، علمتني الحياة أن محبة المسلمين والإحسان إلى الآخرين أيسر سبيل إلى السعادة وأقرب طريق إلى الصحة النفسية وأن الحسد والحقد أمراض نفسية مزمنة أول من يكتوي بنارها صاحبها، علمتني الحياة أن الصاحب ساحب والرفيق يحدد الطريق فلا تصاحب إلا مؤمناً كريم الأخلاق فإن المرء على دين خليله، علمتني الحياة أن الأولاد على ملة آبائهم فكما تريد ويسرك أن يكون أبناؤك فكن، علمتني الحياة بأن بعضاً من حوائجك لن يقضيها في الغالب أحد مثلك ولن يعبر عن ما في نفسك مثل لسانك وما حك جلدك مثل ظفرك، علمتني الحياة أن أمنح الحب والاحترام للجميع وأن أهتم بكل من أقابله وأن أنزل الناس منازلهم وأحسن الظن بالمسلمين، علمتني الحياة أن أقبل الناس على ما هم عليه وأن أحاول التعرف على نفسياتهم والتعامل معهم على ضوئها وأن آخذ العفو من أخلاقهم وأقبل ما سمحت به خواطرهم ومن كريم الأخلاق، علمتني الحياة أن أركز على الصفات الإيجابية فيمن أقابله وأن أثني عليه بها وأشكره عليها حتى يكون ذلك سبيلاً إلى قلبه وسلماً إلى نصحه، علمتني الحياة أن الاطلاع على سير الناجحين من أعظم ما يشحذ الهمة ويكون سبباً للصعود إلى القمة، علمتني الحياة أن الاستعجال في التصرفات والمواقف والحكم على الآخرين يؤول بصاحبه إلى الندم، فما أجمل التأني والتثبت وما أقبح العجلة فإنها حقاً أم الندامة، علمتني الحياة أن فراق الأحبة من أقسى ما يتذوقه المرء من المرارات، علمتني الحياة أن حسن الخلق يرفع الوضيع ويزيد في رفعة الرفيع وسوء الخلق يضع الرفيع ويزيد في ضعة الوضيع، علمتني الحياة أن أشيع إحسان الآخرين إليَّ وأذيعه وأثني عليهم به ما استطعت وأن أكتم إحساني إليهم وأن أستر ما رأيته من عيوب وتقصير في قريب أو جار أو صديق أو رفيق سفر وغيرهم فإن الكمال عسير، علمتني الحياة أنها لا تدوم على حال وأن استقرارها من المحال وأنها إلى زوال فهي غرارة خداعة. اعبروها ولا تعمروها منذا الذي يبني على موج البحر داراً، علمتني الحياة أن دروسها لا تنتهي وعبرها لا تنقضي وأن الإنسان لا يزال ينهل في معينها الذي لا ينضب حتى آخر رمق من حياته فمن ادعى الكفاية فهو من أجهل الناس ومثله كمن يكتفي بعشر المقرر الدراسي ويطمع في نيل أعلى الدرجات.
زيد بن فالح الربع - رفحاء - المركوز
