المحافظة على الذوق الأدبي
[align=center]المحافظة على الذوق الأدبي
الذوق كلمة مألوفة لها ترانيمها وجرسها الموسيقي اللذيذ على الأذن...
لا أريد أن أتكلم عنه كمصطلح عقدي صوفي، ولا عن تاريخ اللفظة فهي واضحة الدلالة من الذات، إذ هي ناتج امتزاج يكون بين القناعة الصحيحة والتطبيق،
ولكن لابد أن تكون هذه القناعة سليمة.. وهذا شرط لا بد منه حتى تكون الذائقة محمودة وإلا لم نحافظ عليها!
ما أريد الكلام عنه هو موضوع خطير إن غفلنا عنه وخلينا المساحة لغيرنا،،
ذلكم هو الذوق في الشعر العربي ببحوره الستة عشر، وفي النثر من جنس الخٌطَبْ، والرسائل، والأسجاع ونحوها من الأدب.
ونرى هذا المصطلح {{الذوق الأدبي بخاصة}} قد بخس حقه في هذا الزمن، فنجد في هذا العصر ومن قبل تسعين عاماً تقريباً انبرى للأدب العربي بشقيه،،
أناس ليس لهم صلة بالأدب ولا فنونه ولا تقاسيمه! {مثل جماعة أبولو} ويتكلمون باسم الأدب وكأنهم حماته! أولئك هم {الحداثيون}!!
الذين لم يجدوا لاسمهم ما يوافقه في المعجم العربي!! ثم بدأ مشروعهم الآثم في الهجوم على الذائقة العربية شعراً ونثراً، وذلك بتصفيف الجمل والإتيان باللفظ
الفضفاض المحتمل الذي ليس له معنى ثابت وليس له أصل قائم، وأنت لو قرأت تلك الكلمات المرصوصة من {شعرهم} لضحكت من تلك الألفاظ الغريبة وذلك
الربط العجيب بين البيت والبيت الذي يليه وإن العلاقة بينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب – مع الأسف – وقد تشعبوا في أشعارهم وتطرقوا بصنيعهم هذا إلى
أشياء لم تعهد من قبل بل إنهم تكلموا عن أمور كفرية بشيء عجيب تمجّه القلوب والأسماع وتنفر من العقول والطباع وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية
– رحمه الله–
في الفتاوى أناساً في زمانه ينظمون الشعر على غير بحوره ويأتون بكلام لا رابطة له – ويظنونه شعراً– فقال رحمه الله :{{والواجب على المسلمين المبالغة في
عقوبتهم...}} وقال:{{والذين يبدلون اللسان العربي ويفسدونه لهم من الذم والعقاب بقدر ما يفتحونه، فإن صلاح العقل واللسان مما يؤمر به الإنسان ويعين على تمام
الإيمان...}} وقال قبل ذلك:{{فنحن مأمورون أن نحفظ القانون العربي ونصلح الألسن المائلة عنه فيحفظ لنا طريقة الكتاب والسنة والإقتداء بالعرب في خطابها فلو
تُرِكَ الناس على لحنهم كان نقصاً وعيباً، فكيف إذا جاء قوم إلى الألسن العربية المستقيمة والأوزان القديمة فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان،
الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان الذي لا يهذي به إلا قوم من الأعاجم الطماطم العميان}} إنتهى كلامه في مجلد 32\252\255 بتصرف.
إذن المسألة خطيرة فإفساد الذوق الأدبي والعبث به من الموبقات عند رواد البيان والفصاحة السليمين، فهذا قد يجر مع عجلة الوقت إلى فهم القرآن والسنّة على
غير ما هي عليه، بل قد يفسَّرَان على مراد هؤلاء {الطماطم العميان} وقد يأتي أقوام فيستشهدون بأشعار هؤلاء على أمزجتهم ثم يعيدون أفكار المعتزلة وتمجيدهم
للعقل بلا هيمنة كتاب ولا سنّة مع أن الإسلام أعطى العقل حريّة لكن بضوابط معروفة في الكتاب والسنّة، فمن تخلى عن هذه الضوابط ورفضها فهو حقيقةًَ في
رق شيطان واستعباد هوى، وإلحاد بالله سبحانه،،،
ولو قرأت قصيدة لأحدهم لظننت أتها ترجمة لقصيدة غير عربية فأين هذا من هذا، وهذا المقال أسطره غيرةً على تراثنا العربي ودعوة للناس أن يفكروا
في مقاصد هؤلاء الباطنية الخبيثة والمفسدة إذ غالب ما يكتبونه ويرصونه ما هو إلا دعوة للجنس وسب الإله علانية – عياذاً بك اللهم–.
وإن كنتَ في شك من هذا فاستعرض شعر نزار قباني وغيره ممن انتكست فطرهم وليس في شعرهم ما يرفع الرأس ويبهج الأذن إلا نزراً يسيراً لا يذكر
ربما يكون سبقَ قلم.
وهذا الموضوع وإن لم أتعمّق فيه ولكن حسبي هذه الإلماحة وإن كانت خارجة عن تخصصي - والله أعلم – لكن هذا مما لا يسع جهله.[/align]
