وفي الدنيا حياة واحدة ترسم لي السرمدية (الجزء الأول ) : أمتي ! أمل يقتله الواقع !
[align=right]وقعت في حيرة حين عزمت على كتابة هذه السلسلة ، لالصعوبتها ، ولالغموض فيها ونحو ذلك ؛ بل لأنها واضحة جدا لدرجة أنك تحتار متى ستنتهي هذه السلسلة ؟ وهل لها نهاية أصلا ؟ وهل هي تسير على منهج معين يسهل معه معرفة بدايتها من نهايتها ؟
دعوني أبدأ فلا فائدة من هذه الأسئلة ؛ لأني لاأملك إجابة لها .
نحن من خير أمة أخرجت للناس ، سواد عظيم يفاخر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اخوته من الأنبياء - عليهم السلام - اختارنا الله - عز وجل - في آخر الزمان ، فتحنا أعيننا فإذا الله - سبحانه - قد من علينا بأننا جزء من هذه الأمة المسلمة ، وبأننا جزء من غرباء أهل السنة والجماعة - بإذن الله - ، قلبنا ببصرنا فإذا هذه الأمة تعيش في أخطر وأحرج مراحلها ؛ حيث الذل والهوان والإنبطاحية وكل معاني الخذلان والخيبة .... واليأس ، فضلا عن نطق الرويبضة ، وضياع الأمانة ، وتوسيد الأمر إلى غير أهله ، واستعلاء الأصاغر ... وغير ذلك .
نظرة أمل تمر بنا من حين إلى آخر ، إيماض من فأل حسن يعيد تلك النظرة إلى القلوب ، لايلبث أن يقتل من أقرب الناس إليها من علماء ودعاة وأهل الفكر والريادة - إلا من رحم الله - ، يقول قائلهم : شارك في إصلاح الأمة ، لكن لاتظن أنك ستعمل عمل صلاح الدين !!!
دعوني لاأتشعب في حديثي ، لايُجهل أن الوضع العام والخاص في توتر وارتباك ... مأساوي ! كما قيل : اختلط الحابل بالنابل ، والمتحليات بالعواطل ، من أراد أن يعد المصائب التي تعرضت لها الأمة اختلط عليه العد من كثرتها ، ومن عزم على معرفة دور الأعداء فيما وصلت إليه هذه الأمة احتار ، ومن هدف إلى وصف حال الأمة لحقه الإحباط قبل أن يكمل الوصف .
صدقوني ! أصاب بصداع حين أفكر في مثل هذا الكلام ، أهز رأسي سريعا ، ثم أخرج وأتجول بسيارتي في المدينة وأحدث نفسي : الحمدلله ! الأمر هين ، ربما أبالغ كثيرًا ، الحال طبيعية ، الناس تجري لأرزاقها ، أمن وأمان ... ونحو هذا الكلام فأهدأ! أعود إلى شقتي ثم أصحو من جديد ، ويتلاشى ذلك الهدوء المزعوم ، لست بقائد أمة ، ولابعالم ، ولاحتى بطالب علم ... أقولها صدقا ! لكن من حقي كفرد مسلم في هذه الأمة أن أكون مشاركا في نصرها ، ومعرفة الحق في ذلك ، حق يرسم لي هذه الحياة الوحيدة التي لارجوع إليها بعد الموت ، هي حياة واحدة عملي فيها ومنهجي وقبل ذلك عقيدتي وقبل ذلك كله رحمة ربي - عز وجل - ؛ كل هذا يرسم لي تلك الحياة السرمدية التي تنتظرني ، إما إلى جنة أو إلى نار تلظى ... فعلا ! لايصلاها إلا الأشقى .
أريد أن أنظر من حولي بعين العدل ، وأن أتعامل مع كل نازلة وأمر بالحكمة : (ومن يؤتَى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا)، هذا الذي أريده وأبغيه ، لتذهب حينها ألعاب الأطفال التي نتسلى بها إلى الجحيم ، ولتذهب تلك الحياة التي افتتن بها الكثير من الناس إلى السعير ؛ حياة أحلت لنا الإنفتاح على المعاصي والنقاش حوله والجهر بذلك !
سلسلة من المقالات الصريحة جدا ، لاأداهن فيها نفوسنا التي تميل - في السنوات الماضية - إلى الإنفتاح على عالم المعاصي ( مهما تغير مسمى المعصية ) ؛ هذا إذا لم يُجعل لهذا الإنفتاح غطاءا شرعيا ، قد لانعترف به نطقا ، لكنه ماحاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ؛ كل الناس ... إذ أن بعضهم لامانع لديه من مشاركتك هذا الإنفتاح ، فقد نزع الحياء من الله من قلبه !
والله هو الموفق وهو المعين سبحانه .[/align]