مسؤولون أميركيون: قلة من الزعماء الذين تعامل معهم بوش كانوا بصراحة العاهل السعودي
مسؤولون أميركيون: قلة من الزعماء الذين تعامل معهم بوش كانوا بصراحة العاهل السعودي
تفاعلات تصريح «الاحتلال غير المشروع في العراق»: رايس تتصل بسفير الرياض
واشنطن ـ لندن: «الشرق الاوسط»
قال مسؤولون اميركيون ان من بين كل الزعماء الاجانب الذين تعامل معهم الرئيس الاميركي جورج بوش في السنوات الماضية، قلة منهم كانت مباشرة وصريحة في المحادثات المغلقة مثل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، واستشهدوا بذلك على ما حدث خلال محادثات جرت في عام 2002 عندما عرض خادم الحرمين الشريفين على الرئيس بوش صورا لأطفال فلسطينيين قتلتهم القوات الاسرائيلية وطالب بمعرفة ما اذا كان ملتزما بحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
جاء ذلك في مجال تعليقات لمسؤولين اميركيين لصحيفة «واشنطن بوست» على ما بدا انه تباين ظهر علنا في المواقف بعد استخدام العاهل السعودي تعبيرات الاحتلال الاجنبي غير المشروع في العراق، ودعوته الى رفع الحظر الظالم على الشعب الفلسطينيي، كما اشار الى عدم السماح لقوى اجنبية بان ترسم مستقبل المنطقة، في كلمته امام القمة العربية التي اختتمت اعمالها اول من امس في الرياض. وقال المسؤولون، ان حديث العاهل السعودي الصريح اصبح علنيا.
واعلنت وزارة الخارجية الاميركية امس ان كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية اتصلت هاتفيا بالسفير السعودي في واشنطن عادل الجبير للاستفسار عن الكلام عن الاحتلال غير المشروع في العراق. وقال المتحدث باسم الخارجية شون ماكورماك ان المكالمة بين رايس والجبير كانت جيدة جدا، وقال ستكون هناك مكالمات اخرى، وان مسؤولا اخر من وزارة الخارجية سيتصل في وقت لاحق بوزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل.
وكان نيكولاس بيرنز المسؤول الثالث في وزارة الخارجية الاميركية قال يوم الخميس ان بلاده ستطلب ايضاحات، بينما قالت واشنطن ان وجودها في العراق مدعوم بقرارات من الامم المتحدة. إلا ان متحدثا اخر من الخارجية هو توم كيسي كان قد هدأ من التكهنات بوجود تباينات مؤكدا ان العلاقات ممتازة وصلبة مع السعودية.
لكن ماكورماك قال في نفس الوقت لواشنطن بوست «لدينا علاقات طيبة بالسعودية. وهم اصدقاء وحلفاء جيدون. ولدى الرئيس بوش ووزيرة الخارجية رايس علاقات شخصية قوية بالملك عبد الله، ونحن نشعر بالامتنان لكرم الضيافة الذي يمدوننا به كلما زرناهم».
وكان الامير سعود الفيصل تطرق الى هذه القضية في المؤتمر الصحافي في ختام القمة اول من امس قائلا ان العاهل السعودي كان يصف امرا واقعا، وتساءل كيف يعرف عن بلد يحتوي على جنود ليسوا من جنسيته الا بالاحتلال.
وربط المسؤولون الاميركيون في تقرير «واشنطن بوست» بين الصراحة السعودية العلنية والدور المتزايد الذي تلعبه الرياض حاليا في محاولة لتهدئة التوترات المحتملة في لبنان والاراضي الفلسطينية، مشيرين الى قلق سعودي من نتائج السياسات الاميركية في المنطقة خاصة في العراق.
وقالت واشنطن بوست انه تردد ان العاهل السعودي ألغى عشاء رتبه بوش تكريما له في الشهر القادم وان كان البيت الابيض اعلن رسميا عدم وجود مثل هذه الخطة.
ولم يخف مسؤولون اميركيون ان الاتفاق الذي رعاه الملك عبد الله بين فتح وحماس وادى الي اتفاق على حكومة الوحدة الفلسطينية، غير تماما خطط رايس حول النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.
ونقلت «واشنطن بوست» عن باتريك كلاوسون نائب مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى انهم (السعوديين) يعتقدون ان الموقف صعب للغاية بالنسبة لمصالحهم الاستراتيجية، ولكن الولايات المتحدة لا تزال مهمة ولا يمكن الاستغناء عنها». ويشير المسؤولون الاميركيون الى العلاقات الدبلوماسية الحساسة بين البلدين، وان المسؤولين من البلدين يمكن ان يتحدثا عن بعضهما في بعض الاحيان بضيق لكن علنا يؤكدون مدى قوة العلاقات.
ومن الامثلة على ما يجري في الدبلوماسية بعيدا عن الاضواء انه في اغسطس (اب) عام 2001 وقبل هجمات 11 سبتمبر، بعث العاهل السعودي للرئيس بوش برسالة خاصة يعرب فيها عن قلقه لاندلاع اعمال العنف الاسرائيلي الفلسطيني، وقال انه سيعيد النظر بشدة في العلاقات الاميركية السعودية، طبقا لمسؤولين اميركيين اطلعوا على الرسالة. وقد رد بوش وتعهد بتأييد تأسيس دولة فلسطينية علنا، وهو الامر الذي فعله في خطاب امام الامم المتحدة بعد شهرين.
وبينما توترت العلاقات لفترة بسبب هجمات 11 سبتمبر زار الملك عبد الله في ابريل (نيسان) 2002، مزرعة بوش في كراوفورد بولاية تكساس وشعر بالاستياء من ان بوش سيتحدث في العموميات حول القضية الفلسطينية الاسرائيلية، وطبقا للمسؤولين السعوديين كان يبدو ان المعلومات التي ابلغ بها غير كافية بخصوص خطة سلام اعدها العاهل السعودي. وهدد الملك عبد الله الذي احضر معه فيديو من 10 دقائق حول فلسطينيين قتلهم الاسرائيليون، بالانسحاب الا اذا تعهد بوش بالقيام بالمزيد لانهاء العنف.
ويقول مسؤولون اميركيون ان معظم فترة حكم بوش كانت السعودية راضية بالبقاء في الخلفية وتدفع الولايات المتحدة للقيام بالعمل. وهم يعتقدون ان الدبلوماسية السعودية الناشطة تعود الى خريف العام الماضي، بعدما شعرت دول عربية بما فيها السعودية بالقلق من زيادة النفوذ الايراني في المنطقة. كما ان حرب حزب الله في جنوب لبنان اكدت الدور الاسرائيلي في عدم استقرار هذا البلد. وشعر مسؤولون سعوديون بالقلق من ان الولايات المتحدة ستتخلى عن العراق.
وحسب هؤلاء المسؤولين فانه بعد يوم من احتفالات عيد الشكر في اميركا زار نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني السعودية فجأة للالتقاء بالملك عبد الله. ورفض مسؤولون حكوميون من البلدين التحدث بتفاصيل اسباب هذا اللقاء، ولكن مسؤولين سعوديين اشاروا لواشنطن بوست الى ان النقاش كان اكثر من صريح. وفي بيان غير عادي بعد مغادرة تشيني، اكدت الرياض انه من المهم للنفوذ الاميركي ان «يتماشى مع ظروف المنطقة الفعلية والتوازن التاريخي».
وقال جمال خاشقجي المستشار السابق للامير تركي الفيصل السفير الاميركي السابق لدى الولايات المتحدة، ان «التورط الايراني هو نتيجة للاحتلال الاميركي للعراق».
ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤولين سعوديين انتقادهم لتقسيم واشنطن المنطقة الى معتدل ومتطرف قائلين، انه امر سخيف. كما ظهر بالاتفاق الفلسطيني الذي توصل اليه الملك عبد الله في الشهر الماضي.
وكانت رايس تحدثت عن املها في تشكيل تحالف من الدول العربية المعتدلة لمواجهة «المتطرفين» من امثال ايران وحزب الله وحماس.
منقوووول : جريدة الشرق الأوسط
