اقرأ .............. وانتبه لذلك
سوا الجديدة» وأخواتها ومليارات ليست خيرية وغير مرخصة
الاستثمارات الوهمية والمساهمات المشبوهة يد أخرى للأرهاب
غياب الوعي ضخ 22 مليونا في أيدي أصحاب الضلالات
وليد العمير - ابراهيم القربي (جدة) خالد الشلاحي (المدينة المنورة) عارف العضيلة (القصيم)
ظلت احلام السفر وقضاء اجازة بتكاليف بسيطة مع افراد اسرته تراود حسام الموظف في شركة بالقطاع الخاص بعد ان اقنعه رجل انيق كان يجلس في مدخل سوق تجاري بشراء برنامج من اسابيع المنتجعات السياحية بنظام «التايم شير» او المشاركة بالوقت وعقب ان دفع مبلغا لابأس به بدأ في وضع خطة السفر ولكن فوجئ ان المؤسسة التي كانت تقوم بتسويق «التايم شير» ذهبت مع الريح وظل ينتظر وعد السفر والذي طال بلا انتظار. هذه القصة واحدة من حكايات عديدة لاشخاص خدعهم بريق المساهمات ومنها «سوا» الوهمية وبرامج المشاركة بالوقت اكتشفوا في النهاية انهم وضعوا «تحويشاتهم» في مساهمات غير معروفة المصدر وزادت وتيرة القلق وتصاعدت في نفوسهم بعد ان عرفوا ان اصحاب الفكر يستخدمون الاستثمارات الوهمية مثل بطاقات «سوا» والتبرعات الخيرية غير المرخص لها لتمويل اعمالهم الاجرامية. ثمة قصة لموظف من ذوي الدخل يدعى ناصر ظل لاكثر من «11» عاما يستقطع من راتبه لشراء مسكن لاسرته الصغيرة وعندما سمع ببريق مساهمات سوا غامر بكامل ما يملك في هذه المساهمات من اجل الربح السريع اعتقادا منه ان المبلغ سوف يتضاعف ويشتري منزل العمر حيث قام بتسليم «تحويشة» عمره لاحد رؤساء المجموعات بعد ان وجد من يتشفع له بقبوله كمساهم لكن بعد عدة اشهر اكتشف انه كان يحرث في البحر وان نقوده ذهبت في رحلة اللا عودة
وهم الثراء
ولا تختلف قصة احد المعلمين والذي كان في بداية حياته العملية عن حكايات الذين انخدعوا بـ «الفلاش» وحلم الثراء خاصة انه كان متعجلا للزواج وتكوين اسرة وفي مجلس احد زملائه سمع عن المساهمات وكيف انها تعيد رأس المال خلال شهر ونصف الشهر فحسبها في رأسه ووجد انه بامكانه مضاعفة مبلغ جمعه خلال اربعة اشهر وبواسطة معلم في المدرسة قام بجمع المساهمات من عدة معلمين وسلمها للوسيط مقابل نسبة من الارباح، المعلم الواهم بالثراء حصل في الاسبوع الاول من مساهماته على جزء من الارباح ولكن المفاجأة كانت توقفها في الاسبوع الثاني مع وعد له بتسليمها مجتمعة ولكن للاسف فقد ظل ينتظر ما دفعه في تلك المساهمات دون فائدة.
شرب المقلب
وقصة اخرى لعمرو الذي كان برفقة اسرته في احد المراكز التجارية حينما تقدم نحوه شخص مفرط في اناقته وطلب منه ان يستمع له لمدة دقائق معدودة ولدهشة عمرو فقد ابلغه محدثه انه فاز بجائزة ولكن حتى يتسنى له استلامها فعليه دفع «50» ريالا كضمان الالتزام بالحضور في الموعد المحدد وبطيب خاطر قام بدفع المبلغ المطلوب وطلب منه المراجعة في احد المواقع على ان يكون برفقة اسرته وعندما ذهب الى هناك وجد ترحيبا حارا واستمع الى تفاصيل برنامج لديهم يقدمه شخص متخصص عن «التايم شير» وكيفية الاستمتاع بالاجازة السنوية في كل عام دون عناء وامام اصرار زوجته شارك في هذا البرنامج وقام بدفع جزء من المبلغ المطلوب وعاد واستكمله على امل ان يقضي عطلة بواسطة المشاركة في الوقت ولكنه اكتشف ان الشركة التي كانت تقوم بتسويق هذا البرنامج اختفت ولم يعد لها وجود وعرف انه «شرب» مقلبا ثقيلا.
كيفية الاستئصال
واذا كان بعض المواطنين ينخدعون بالاستثمارات الوهمية التي تغذي الارهاب وافكاره الدموية فان القضية التي تنهض متماسكة ومترعة بوحدة الوطن والحفاظ على امنه تتمثل في كيفية استئصال الاستثمارات الوهمية التي تغذي الارهاب خاصة في غياب الوعي من بعض المواطنين بمخاطر المساهمات والتبرعات الوهمية.
متهم وبريء
وفي مثل هذه الحالة فان من ينجرف وراء مثل هذه الاستثمارات يكون في حكم «المتهم البريء» فهو متهم لان عفويته تدفعه للمساهمة في استثمارات غير معروفة المصدر او اقدامه للتبرع للفئة الضالة دون ان يدري تحت ستار العمل الخيري.
وفي نفس الوقت فهو بريء لانه لايدري ان مساهماته يمكن ان يستغلها التكفيريون لتنفيذ ما يتأجج في نفوسهم من حقد خبيث.
سد المنافذ
ولان الدولة وضعت النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بمراقبة التبرعات غير النظامية وانشطة العمل الخيري غير المرخص له وسد كافة المنافذ التي قد تتسلل منها الافاعي التكفيرية لتمويل انشطتها فان الارهابيين عمدوا الى تحقيق مآربهم عبر الاستثمارات الوهمية وبعض الروافد الخيرية غير المشروعة اعتقادا منهم ان مثل هذه الحيل والالاعيب المكشوفة سوف تنطلي على حماة الوطن ورجاله المخلصين.
اموال مشبوهة
واتساقا مع الانجاز الامني الاخير والضربة الاستباقية لخلايا الارهاب وارتباطها بالاستثمارات الوهمية اشارت بعض الاحصائيات الى ان المبالغ المالية النقدية المضبوطة مع الارهابيين بلغت منذ عام 1424هـ وحتى العام 1427هـ «2،162،575» ريالا فيما تم ضبط «20» مليون ريال في العملية الاستباقية الاخيرة لاستئصال خلايا الارهاب ومن هنا يتبين ان الفئة الضالة انتهجت جمع الاموال بالطريقة النقدية بعيدا عن البنوك عقب تشديد الرقابة على العمليات المصرفية.
اسئلة حائرة
ثمة اسئلة تعلن عن نفسها حول كيفية تقديم مصلحة الوطن دون النظر الى المصالح الشخصية والمادية وما الوسائل التي ينبغي القيام بها للحد من المساهمات المشبوهة حتى لايستغلها اصحاب الضلالات ثم شيء آخر ما دور الجهات المعنية في القضاء على مثل هذه الانماط من اساليب جمع الاموال.
تأصيل الوعي
ونظرا لان المجتمع كله اصبح اعينا مفتوحة فماذا يقول المواطنون ورجال الاعمال والاقتصاد حول تأصيل الوعي بالاستثمارات الوهمية التي تغذي الارهاب. العقيد متقاعد صالح الزهراني قال ان المجتمع بكافة مؤسساته بمثابة الحصن الواقي من مثل هذه المساهمات التي ينخدع بها بعض الناس في سبيل الحصول على الارباح الخيالية وحتى نضع حدا لمثل هذه المساهمات المشبوهة لابد من محاسبة كافة الوسطاء الوكلاء في عمليات جمع هذه المساهمات لان بعضهم لهم اغراض اخرى يسعى الى تنفيذها عبر جمع الاموال.
كما ان بعض الجمعيات التي تعمل تحت مسمى التواصل او ربما التكاتف هي الاخرى في ظاهرها اقامة المناسبات وتبادل التهاني انما لها اغراض اخرى مشبوهة حيث يجب ان تكون هذه الجمعيات وفق ضوابط معينة وتحت اشراف جهة رسمية تعرف حجم الاموال التي تجمع ومصادر انفاقها.
كما ان المسجد ينبغي ان يضطلع بدوره في توعية المجتمع وتأصيل الامن الفكري بمخاطر اصحاب الضلالات.
ملتقيات مفتوحة
وعلى ضوء محاولة الارهابيين التغرير بالسذج واصحاب الخبرات القليلة في الحياة مثل الطلاب في كافة المراحل الدراسية قال الدكتور صالح عبدالعزيز الكريم عميد شؤون الطلاب بجامعة الملك عبدالعزيز ان هناك علاقة تجاذب بين الوطن والمواطن تتمثل في الحب من كل طرف للاخر واستطرد ان البعض يستثمر فكره وحياته عبر مسارات ومساهمات ضلالية ووهمية اقرب ما تكون الى ضلالات الخوارج وتابع ان ايقاف مثل هذا النوع من الانحراف يكون من خلال مضادات فكرية واعية تعزز الجهاز المناعي التوعوي من خلال العلماء والخطباء والاعلام القنواتي والنزول الى مستوى الشباب ومخاطبة عقلياتهم ومستويات وعيهم الديني.
واستطرد ان المدخل الى الوسائل التي تقف حائلا دون وجود مواطن مشحون ضد وطنه انما هي التربية السليمة المتفتحة في «المحضنين» الاساسيين البيت والمدرسة فالبيت هو المعني الاول بالتوجيه والحوار الفكري والديني والمدرسة تلعب نفس الدور التربوي ولكل من البيت والمدرسة متطلبات حضارية في التعامل ثم هناك مداخل اخرى لها اعتبارات قيمة مثل الملتقيات المفتوحة والبعد عن التربية المنغلقة وكذا الاستعانة بوسائل الاعلام واتاحة مساحة اكبر للتعبير عن المتطلبات وكل ذلك يصب في مصلحة الوطن وتحصين الشباب والمواطنين بمصل واق يحفظ الارواح والممتلكات.
تبرعات الكوارث
ولم يخف استاذ الدعوة واصول الدين بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة عبدالرحيم المغذوي تخوفه من استغلال تعاطف المجتمع والمواطن مع طرق ابواب الخير والرغبة في التبرع للمساكين والفقراء في انحاء العالم لكسب الاجر وتحويل مسار هذه الاموال لدعم جماعات العنف والتكفير والارهاب سواء محليا او خارجيا. واضاف ان الضرورة تقضي حصر ومتابعة جميع طرق جمع الاموال والتبرعات الخيرية سواء عن طريق الاكشاك في الشوارع او الصناديق امام المساجد وداخل المجمعات والاسواق التجارية.
والمتسولون ايضا
ومن جانبه شكك عبدالله باوزير مسؤول احد الاوقاف في المدينة المنورة في مصداقية المتسولين وبخاصة النساء امام المساجد خوفا من ان تكون هذه الفئات تعمل لصالح جهات خفية خبيثة.
استغلال اجرامي
وفي ذات السياق اوضح الباحث الاجتماعي عبدالرحمن العقيلي انه لم يعد سرا ان اموال الاعمال والمشاريع الخيرية استغلها الارهابيون في دعم اعمالهم الاجرامية حيث ظهر ذلك باعترافات خالد الفراج الذي بثها تلفزيون المملكة والتي ذكر فيها ان الاموال التي تحصل من قسائم افطار الصائم كانت من مصادر تمويل الخلايا الارهابية الرئيسية كما اعترف ان هناك اموالا جمعت من مواطنين بهدف بناء مساجد تحولت لخزائن دعم الارهاب.
المهندسة وسيدة الاعمال ماجدة الطوخي قالت ان مسؤولية استئصال الاستثمارات الوهمية لابد ان يكون هاجسا جمعيا من اجل المصلحة العامة.
وألمحت الى ان العديد من المساهمات الوهمية راح ضحيتها الكثيرون سواء بحسن نية او بسبب الجشع وبالنسبة للتبرعات الخيرية اشارت الى ان المواطن السعودي مجبول على الخير ولكن يتوجب ان تكون التبرعات بالقنوات الشرعية حتى لاتذهب لايدي المنحرفين فكريا.
واضافت ان استباق الحدث يتوجب ان يكون ديدن كل مواطن يخاف على وطنه كما ان على وسائل الاعلام ان تقوم بدورها التوعوي وتحركها يتوجب ان يكون قبل ومع نشوء الخطر وليس بعده.
غياب الدور الرقابي
وفي سياق تشغيل الاموال بطرق غير نظامية قال عصام مصطفى خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي ان عمليات تشغيل الاموال بطرق غير مشروعة انتشرت في الاونة الاخيرة سواء على الاقتصاد العالمي او المحلي واصبحت تأخذ اشكالا وانواعا مختلفة وتنصب شباكا تناسب كل ضحية حيث يقوم المحتالون بعمل عمليات استثمارية ذكية ظاهرها مشروع وباطنها نصب واحتيال ولاشك ان جرائم النصب والاحتيال تعتبر ارهابا في حد ذاتها وبعضها يرتبط بعصابات الجريمة المنظمة عالميا كما انها يمكن ان تستخدم كوسائل لدعم وتمويل الارهاب كما سمعنا مؤخرا وهي تعتبر نزيفا للاقتصاد الوطني ويحدد خليفة اسباب الظاهرة في عدة نقاط منها:
- ضعف الانظمة التشريعية والرقابية وغياب الدور الرقابي الفعال لوزارة التجارة والاجهزة المختصة وعدم وجود تعليمات وانظمة واضحة لفتح المجال امام مشغلي الاموال لتحويل مؤسساتهم وشركاتهم الى مقار لاستقبال الراغبين في استثمار اموالهم.
- ضعف وقلة القنوات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين.
- غياب ضمير المحتالين، فهؤلاء مجرمون خطرون على المجتمع والاقتصاد الوطني.
- غياب الوعي لدى شريحة من افراد المجتمع نتيجة لجهلهم او طيبتهم او استعجالهم لمضاعفة رؤوس اموالهم وانسياقهم وراء استثمارات غير مرخصة وغير واضحة الاهداف، وكل مواثيقها الثقة الشخصية بأحد المساهمين او المستثمرين، لاتلبث ان تتحول الى حفرة تدفن فيها مدخرات عشرات المستثمرين الذين يتعلقون بالسراب يحسبونه ماء.
- تطور وسائل التقنية الحديثة والاعلام جعل استغلال بعض انواع التسهيلات في امور غير مشروعة امرا سهلا والتي يستغلها المحتالون افضل استغلال.
التمويل اشد خطرا
واذا كانت هذه آراء اهل الرأي والاقتصاديين في كيفية قطع دابر الاستثمارات الوهمية التي تغذي الارهاب فماذا يقول الرأي الامني.
العقيد محسن الردادي المتحدث الرسمي بشرطة المدينة المنورة اوضح ان تمويل الارهاب ودعمه اشد خطرا من العمليات الارهابية وان دعم اصحاب الضلالات يكون بعدة اشكال منها تأمين المال والتنقل وتجنيد العناصر المخدوعة وتوفير اماكن التخفي مشددا على دور المواطن في هذا الجانب حيث انه يعتبر خط الدفاع الاول في مواجهة التكفيريين وأصحاب الفكر المنحرف.
