من معوّقات العمل الدعوي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أولاُ : علينا أن نعلم أن هذه الحياة قصيرة والعاقل من تهيأ لما بعدها بما ينفع ، والدعوة والنصح للآخرين من ركائز العمل فيها .. إلاّ أنه قد تختلط بعض الأمور ببعض فيلتبس على طائفة كثير من الأمور ويصبح استجلاء الصورة صعباً ومعقّداً ، وعدم تبيّن كثير من هذه الأمور يعود لأسباب عدّة منها : الضبابية التي يعمل من خلالها الآخر ، والشفافية من قبلنا في تفسير الأمور ، والنظرة السطحية لما يجري ، ونسيان الماضي في حالة كونه مؤثراً على الواقع ، وتداخل الأمور والأفراد والمواقع بشكل كبير ، وغير ذلك ...
وما سأتطرّق إليه من معوّقات في العمل الدعوي هو بشكلٍ عام سواءً من حيث المكان أو من حيث جانب العمل وما يرتبط به فالحديث يشمل جانب العمل الخيري والدعوي والتوعوي على مستوى المراكز والجمعيات والملتقيات وغيرها ..

ثانياً : ينبغي علينا أن نعلم أن وضع الأمور في نصابها هو من وسائل تحقيق النجاح بإذن الله .. ولذا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم - ذلك موضع التطبيق ، فلو أخذنا مثالاً على الأفراد لرأيناه كلّف بعضهم بأعمال ومهام دون غيره لأنه أكثر أهلية لها .
إن تلك النظرة الثاقبة للأسف غائبة عنا اللهم إلاّ في مجال التنظير ، ولذلك وسِّد الأمر إلى غير أهله ، والذي يزيد الأمر سوءاً أن غياب الجانب التطبيقي لذلك شمل المجالات الدعوية أيضاً !
متى لم يُتنبّه إلى ذلك فإن سوء العمل وما يترتب عليه سيكون هو المحصلة النهائية ، لأن شخصاً لا يُحسن أن يعمل لن يُتقنَ عمله ومن باب أولى لن يُنتج ما يُؤمل .
ليست القضية المحكّ هي مجرّد العمل وكمّيته ، بل نوعيّة العمل وكيفيته .. وذلك ينسحب على الأشخاص .


ثالثاً : يجب أن نعترف أن الناس طاقات ، وما كل من تسلّم أمراً أحسنه ، والناس معادن فما كل ما يريده الواحد استطاع تحقيقه ، ولعلّنا نلتمس العذر لهؤلاء بما يُقال : مكرهٌ أخاك لا بطل .. وإن كان الإكراه في هذه المسائل فيه نظر ، فإيجاد العذر المجرّد أحياناً مطيّة يستطيعها الجميع لكن .. هل هو مقنع ؟


رابعاً : السكوت عن الأخطاء خطأ بحد ذاته ، ومعالجة القصور والتنبّه إلى مكامن الخلل خطوة مهمة في طريق التصحيح ، إلاّ أن هناك إشكالية لدى كثيرين وهي أنه عند الحديث عن جوانب القصور في عملٍ ما ينسحب ذهن الآخرين إلى الأشخاص القائمين على هذه الأعمال ، وهذا قصور في الفهم لأنه قد يكون السبب في طبيعة العمل من حيث الصعوبة أو الظروف المحيطة ، بل ربما يعود السبب لأشخاص معدودين دون غيرهم ، وعلى العموم فلكل حالة ملابساتها ووضعها الخاص بها حتى يمكن الحكم على مدى مسؤولية الآخرين عن جوانب القصور .

خامساً : برزت ظاهرة لم تكن خافية في السابق ألا وهي الشلليّة – إن صح التعبير - في العمل فتجد فئةً من الناس لا يروق العمل لأفرادها إلاّ مع بعضهم البعض ، وما إن يتسلّم فردٌ ما زمام العمل حتى يهب مستنجداً بمجموعته ورفقته الخاصة .
قد يبرز أمامنا عذر الانسجام في العمل ولذلك وجه ، بيد أنه سرعان ما يتلاشى هذا العذر أمام الإمكانيات الضعيفة لغالب المجموعة العاملة .. وهنا يبرز السؤال : لماذا هذه المجموعة تحديداً تستأثر بالأعمال دون غيرها ؟ ثم بعد حين يأتون إليك شاكين من ابتعاد الآخرين .. يداك أوكتا وفوك نفخ ! فلا غرو أن ينأى الآخرون عنك .. فهناك أناس لا يرضون بأن يكونوا رقماً مجرّداً ، غير قادرين على العمل بالصورة الصحيحة .


سادساً : لدينا مشكلة عويصة نعاني منها طويلاً وهي غياب التخصّص في كثير من الأعمال والمهام ، وليس السبب في عدم وجود هذه العيّنة ، بل السبب هو هذا التسابق المحموم من كثيرين لأعمال هم في قلّة إدراك بتسييرها .. لتبرز بعد فترة نتائج متهالكة تئنُّ من وجع السقوط أو تكاد .
حالُ أحدهم : أنا أعرف كلَّ شيء وأصلح لكل شيء .. فإذا ما تسلّم زمام العمل كانت المحصّلة : لا شيء .
كما ذكرت سابقاً : يوسّد الأمر إلى غير أهله .. لتبرز مشكلات تجبر كثيرين على الابتعاد أو العمل على استحياء أو في جوٍّ غير مريح ليخرج العمل بصورةٍ أقلّ من المأمول .... فهل المطلوب من كل شخص أن يصبر على كل ما يلاقي حتى يستمر !؟
أحبّ أن أوضح شيئأً قبل الانتقال للنقطة التالية وهو أنني لا أتهم نوايا هؤلاء ، لكن قلة الدّراية وضعف الخبرة أفرزتا مثل هذه الأمور ، وأمّا قضية المحاباة فيبدو أن السبب الرئيس يكمن في جانب التأثير والتأثّر .


سابعاً : إنَّ الحساسية التي أصبحنا نشاهدها من عملية النقد أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها ..
يقولون : الحرب لم تنشأ هكذا وإنّما كانت ناشئة عن تجاوزات وأخطاء تراكمت ربما على مدى سنوات لتصبح في مرحلة من المراحل فتيلاً مشتعلاً يصعب إطفاؤه .. وقِس على ذلك .
إنَّ الوقوف على الأخطاء دون حراك يصل بالحالة إلى ما يشبه الكارثة ، وما كان ذلك ليكون لولا السكوت والتغافل عمّا يحدث .
أعود لأؤكّد أن جانباً كبيراً من هذه الأخطاء كان عن حسن نيّة ، ولم يكن مقصوداً .. لكن بالمقابل الانكفاء على النفس وتجنّب المحاسبة يؤدي بالأمور إلى عواقب وخيمة ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ويا هلا فيك ... وحياك الله .. يا أبو شذا

انتظرنا مشاركتك معنا .. طويل ..

شكراً لك بأن توجت هذا الانتظار .. بهذه المشاركة الرائعة ..


( .. علينا أن نعلم أن هذه الحياة قصيرة والعاقل من تهيأ لما بعدها بما ينفع ، والدعوة والنصح للآخرين من ركائز العمل فيها .. )



كلمات رائعة .. ولكن عندي تعقيب يتعلق بالفقرة السابعة ..

أنت تقول : ( .. سابعاً : إنَّ الحساسية التي أصبحنا نشاهدها من عملية النقد أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها ..)

أعتقد أن كثير من الناس لا يقبل النقد ..لأنه لا يعرف الفرق بين الناقد و ( الحاقد ) .. فيعمم النظرة .. ويعتقد أن كل ناقد هو ( حاقد ) .. لذلك لا يستطيع هو معرفة أخطائه .. ولا يقبل نقداً من أحد .. وتكون لديه حساسية من أي نقد ..

أبو شذا أكرر شكري لك على هذا الطرح الرائع ...

نظرت الى مشاركاتك فوجدتها عند كتابة هذا الموضوع بـ 1 واحد
فقيمتها بأن ضربتها 100 في القيمة والمضمون

مشاركة من الدرجة الممتازة وان سنحت لي الفرصه دخلت في نقاش معك

الله يعطيك العافيه

هلا فيك اخوي ابوشذا..

حياك الله معانا..
وجزاك الله خير على الموضوع الحو..
يعطيك العافيه .. وأتمنى لك التوفيق...

تحياتي... :k:..

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وبعد:

اضافة لموضوعك اخي أبو شذا جزاك الله خير الجزاء فاني أقول:

ان العمل الدعوي هو الوسيلة الوحيدة لنشر هذا الدين الحنيف ولتذكير الغافل من المسلمين ممن ألهتهم الحياة وجرتهم في مساراتها، ومن عظيم بلائنا في هذا المجال أن أوكل الامر الى غير أهله -كما قلت حفظك الله- ممن يسعون وراء غرض دنيوي ولا أتهم أحداً ولكنكم قد تحسون ذلك فنرى من يخذلنا من المشايخ والقضاة والائمة هداهم الله و بهذه الطريقة فان الداعية يفقد مصداقيته لدى الناس فلم يعد أحد يريد أن يستمع الى النصيحة حتى، لاقتناعه بان من ينصحه قد يكون يكون (حاقداً)كما ذكر الاخ فواز ولما لم تكن لديه القدرة على التفريق بين المخلص وصاحب الغرض الدنيوي عمم الشر على الكل وأساء الظن بالجميع فلعله من المفيد أن يطرح الأخوان حلاً لانعدام الثقة هذه .

وانا أرى أن يسعى المخلصون من الدعاة الى الوصول الى اماكنهم الطبيعية المشغولة بغيرهم ..

ولابد من التكاتف في هذا المجال فاليد الواحدة لا تصفق وجميل أن تطرح هذا الموضوع على الانترنت وجميل أن نناقش أمورنا بكل صراحة واحسان ظن بالاخر لعل الله أن يهدي قلباً ضالاً الى طريق الحق والصواب.

فلنلتمس العذر للاخر ولا نسكت على تكرار الخطأ.

وختاماً أذكركم بقول الله تعالى:

*قال تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) الذريات:55

) رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة: من الآية286)


والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

حياك الله أبا شذى
ولك الشكر على هذا الطرح المتميز والاتيان على الموضوع من جميع جوانبه دون طول ممل ولا تقصير مخل
وكم هو جميل أن نضع أيدينا على جراحنا .
ربما تكون بداية الشعور بالالم والتأذي لكنها بداية استخراج الداء وتشخيص الدواء

أحسنت على هذا الطرح الجميل الرائع

أحسنت على هذا الطرح الجميل الرائع

أحب أن أشكر كل من كان له تعليق أو مداخلة على موضوعي الأول في المنتدى

الأخ ( فواز ) قولك لا يستطيع معرفة أخطائه صحيح وقد يعلمها ويأبى تصحيحها ، عندها لسنا مكلّفين بأن يستجيب الطرف الآخر للنصح والنقد البناء ، ما ينبغي علينا هو المناصحة وتبيين الأخطاء بالحسنى بما يخدم العمل ( إن عليك إلاّ البلاغ ) . لك الشكر .

( رهج السنابك ) النقاش البناء خطوة في طريق التصحيح يتغافل عنها البعض . لك الشكر .

( المرجوجة ) رغبتي أن يكون الموضوع ذا تأثير إيجابي ولو بشكلٍ بسيط . لك الشكر .

(طالباني ) انعدام الثقة مشكلة من ضمن حلولها الحوار الهادئ الذي يرجى منه الوصول للحق ، أما مسألة أن يوكل الأمر إلى غير أهله فهذا من علامات الساعة ، وعلى المخلصين أن يدخلوا المجال على بصيرة ، ولك الشكر .

الأخ ( همام ) ما ذكرته صحيح لكن البعض يخشاه . لك الشكر .

( المهندس ) لك الشكر .

السلام عليكم
اشكر الاخ العزيز ابو شذا على هذا الطرح الرائع والمفيدوالذي ننصح الاخوة في المشاركة بمثل هذه الاطروحات المفيدة .....

بصراحة موضوع قيم ولا اعتقد انه بحاجة الى اشادة مني لكن حب المشاركة واضافة لبنة في جدار الدعوة الشامخ يجعل الشاب مأسورا امام هذا الجدار يريد ان يحظى ولو بالقليل في المشاركة


الاخ ابو شذا
ذكرت في النقطة الرابعة
السكوت عن الاخطاء في العمل الدعوي
ثم ذكرت بعد ذلك في النقطة الخامسة وجود ظاهرة الشليلة في العمل
وانا اعتقد انهما محصلتان لنتيجة واحدة لان الاصل واحد فاذا كان العمل كما تفضلت محصور على طائفة معينة ..فكيف يرون اخطائهم وكيف يتبين لهم سوء ماصنعوا ......لانه لا احد يرى ان عمله خطأ ... والذين حول العمل سوف يطبلون له ولو كان مليئا بالاخطاء لانهم لا يريدون ان يروا زميلهم واحد اعضائهم يفشل في عمله.........


وايضا هناك ملاحظة حول حصر العمل على طائفة معينة الاغ وهي ان العمل اذا كثر وتفرع فانه يلزم من ذلك كثرة الاعضاء كي يتم تغطية العمل بأقل نسبة اخطاء ان وجد وهنا تكمن المشكلة اذ يلجأ اعضاء الطائفة الى توكيل العمل واسناده الى جميع اعضاء الطائفة حتى وان كان لا يعرف كوعه من بوعه ...وهذا مشاهد.....
فتجد ان شخصا لا يفقه من امور دنياه شيئا فضلا عن دينه تجده يتحدث عن هذا المشروع او ذاك بل تجده لا يشاور من له باع في هذا المجال



اخيرا اكرر الشكر للاخ ابو شذا على هذا الطرح الرائع وبانتظار طرح اخر

اخوك سراب

العزيز ( أبو شذا )

تحية طيبة ..


لقد أثريت الفكر والقلب ..

طرحٌ متميز ، ولغة جميلة ، من رجل رائع ..

هذا أنت ، دائماً متميز ..

أيو شذا : أكتب إليك الآن من جبال (عمّان ) حيث الثلوج المؤنسة ، والضباب الكثيف المريح ..

أكتب وبرد ( الأردن ) يلسعني بكل دفء ، والرذاذ الخفيف يقبلني بكل لطف ..

العزيز ( أبوشذا )

دمت لنا وللمنتدى ...


وعلىالمحبة ,,,

الاخ العزيز ابو شذا ...
حقيقة لقد قرأت موضوعك ذا الطرح الجيد والاسلوب البديع قبل فترة من الزمن ولم ازل محتفظا به نظرا لصراحته من جهه ولاهميته من جهة اخرى ولا استطيع ان اقول الا ان يجعلنا الله من خدم شريعته وانصار ملته وان يبعد عنا الاخطاء في الدعوة اليه ولعل في القريب العاجل يكون بيننا لقاء بإذن الله اما خطي ( ورقي ) او شفهي ( كلامي )مع اني احب الاول لحاجة في نفس يعقوب قضاها .
كلمات مضيئة في الدعوة :
ميدان الدعوة فسيح اطاره الارض مطلق الارض وحده السماء من دون نسب وانتماء
الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم
الدعوة تحتاج الى تأمل ودراسة ونظر للمستقبل من حيث المصالح والمفاسد فكثير من عنده فقه شرعي وقليل من يملك الفقه الدعوي
اخوك ابو فيصل

الاخ/ ابو شذا..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
موضوعك جميل..ولكنه ربما لايعجب الكثيرين ممن يخلطون بين امور الدعوة وبين الصداقه..
لك جزيل الشكر لعرض وبث مثل هذه المواضيع النافعه.
X

( سراب ) ليس شرطاً أن يكون السكوت عن الأخطاء من الداخل بل قد يكون ممن هم خارج نطاق العمل المحدد ولعل الحساسية من النقد أحد أسباب السكوت ، لك الشكر .

( العذب ) شاعرنا العذب لك الشكر .

الأخ ( أبو فيصل ) علينا أن نحسن الظن ولا نصل بالتصورات إلى مرحلة الأذى التي استشهدت أنت بها ، وإن كنت تقصد عامة الناس فهو ليس محور حديثي ، ثم علينا ألاّ نغفل جانب المركزية في هذه الأعمال بصورتها الحالية ، وعموما أريد أن أنبه إلى أن نقد العمل لا يعني بالضرورة نقد القائمين عليه ، بل حتى نقد العاملين فيه لا يعني بالضرورة نقدهم لذواتهم وأشخاصهم . لك الشكر .

( الذيب الأحمر ) توجد فئة مما ذكرت ، والنصح أحد عوامل التصحيح ، وربما المواجهة أحد عوامل التغيير ، لك الشكر .