العزلة التي نريد ؟؟؟ حقيقتها وآراء الناس فيها
العزلة التي نريد
كثير هو كلام الناس وجدالهم حول العزلة بين مؤيد لها ومعارض وهذا راجع بطبيعة الحال إلى اختلاف آراء الناس واجتهادا تهم فالأهواء كما يقال بعدد رؤوس الخلق، والمتأمل بعين البصر والبصيرة حول هذه القضية يجد أنه لا بد أن يوضع لها ضابط محدد فإذا خرجت عنه عارضناها وإذا سارت عليه أيدناها وعليه فإن العزلة عن الناس لا بد منها وهي حقيقة ينبغي أن لانغفل عنها أو نتغافل لأن فيها اجتماع للقلب وعكوف على النفس والاهتمام بإصلاح مواطن الخلل فيها وهي تربية للذات من خلال التفرغ للعبادة والقراءة والبحث عن الفائدة. والبعض عندما يسمع عن العزلة يدور في خلده ترك الناس وعدم مخالطتهم والحديث معهم فإن هذا خطأ فادح في مفهومها ؛ إنما المراد بالعزلة هو اعتزال المعاصي والمحرمات ومجالس اللهو واللغو التي لا تعود للإنسان العاقل بأدنى فائدة وهي من غير عين العلم زلة ومن غير زاي الزهد علة . حقيقة تعبنا من مجالس القيل والقال وسئمنا من مخالطة التافهين الأنذال ما أجمل الراحة النفسية وما أحسن الخلوة الربانية التي يخلو بها الإنسان مع ربه عندما يتنقل في رياض العبودية وبساتين النفحات الإلهية وأقسم بالله أن من جرب هذه الحلاوة لم يستطع أن يفارقها إلى غيرها.