أرجو أن تقبلوا بكرمكم إهداء متواضع لعل أن نجد فيه من الفائدة
القوى الداخلية
بقلم : ريميز ساسون
ترجمة : سيد عارف الهاشم
كلنا نملك قوى داخلية , ولكنها في أغلب الأحيان ما تكون خاملة . لكي نوقظ هذه القوى نحتاج أن نستخدمها , و ذلك يتطلب تدريب و عمل داخليين . في أحيان وفي ظروف مختلفة غير متوقعة , البعض من هذه القوى قد تظهر وبشكل مفاجئ ومؤقت .
ما هي هذه القوى الداخلية ؟ دعنا نذكرها بشكل سريع
قوة التركيز
هي القدرة على توجيه الانتباه إلى موضوع واحد أو فكرة واحدة , في الوقت الذي تبعد فيه جميع الأفكار غير ذات الصلة من العقل .
التركيز على فكرة واحدة أو موضوع واحد يوجه الطاقة العقلية إلى نقطة واحدة وتمنع تشتتها . التركيز ينشط القوة الذهنية , ويمكن أن يصنع العجائب . فهو يشبه الزجاجة المكبرة التي تركز أشعة الشمس في شعاع واحد , والتي يمكن بها إشعال ورقة .
هذه القوة يمكن أن تطور بواسطة تمارين خاصة . والوقت الذي يُصرف في تمارين مشابهة لهو وقت مستهلك بشكل مفيد جدا . كلما صرفت وقتا وطاقتا أكثر في تدريب هذه القوة كلما صارت أقوى و أقوى .
قوة الإرادة
هذه القوة الداخلية من أجل اتخاذ القرارات , القيام بالعمل وأخذ زمام وتنفيذ أي هدف أو مهمة , بغض النظر عن المقاومة الداخلية , أو الضيق أو الصعوبة . وهي تظهر كحزم داخلي , وفصل , وحسم , وإصرار .
الانضباط الذاتي
هذه القوة الداخلية تظهر كقدرة على التخلي عن الرضا الفوري من أجل شيء أو مصلحة أفضل , و التخلي عن المتعة والارتياح من أجل هدف أسمى . هي قدرة الفرد على التمسك بالأفعال و الأفكار و السلوكات , التي تقود إلى التحسن و النجاح .
قوة الخيال
هي القدرة على تجربة كل العالم في داخل العقل . الخيال هو قوة مبدعة . بتدريبها واستعمالها بشكل صحيح يمكن أن تخلق وتجذب الصحة , والثروة , والسعادة والأحداث والظروف المناسبة .
الخيال ليس محددا لرؤية الصور فقط في العقل . بل المشاعر والأحاسيس المتعلقة بالحواس الخمس يمكن أيضا تخيلها . من الممكن تخيل الأصوات , الأذواق والروائح والمشاعر والعواطف .
لا يجعل الخيال القوي من الإنسان إنسانا غير عمليا , بل على العكس , إنها تقوي القدرات الإبداعية , والقدرة على حل المشكلات وهي أداة عظيمة من أجل الاستمتاع وإعادة صياغة حياة المرء وظروفه .
فهذه قوة عظمى والتي يمكن أن تغير حياة إنسان كاملة ً . وهي تستعمل على نطاق واسع في السحر , التصور المبدع والتأكيدات . قوة الخيال تبدع وتحول الظروف والأحداث . عندما نستطيع التعامل معها نستطيع أن نجعل رغبات قلوبنا تتحقق .
الإصرار
من السهل على المرء أن يتوقف و يستسلم عندما لا تسير خطته كما هو متوقع لها أو أنها تأخذ الكثير من الوقت لإنجازها . الإصرار يظهر كقوة داخلية للمواصلة على الرغم من الصعوبات , العقبات , والفشل .
الحافز
الحافز قوة دفع داخلية .والتي تدفع الإنسان نحو ما اختار من هدف أو غاية . لتحقيق أي شيء يحتاج الإنسان إلى دفع , وإلى قوة موجهة , وإلا فإن شيئا لن يحدث . والحافز يسد هذه الحاجة .
الطموح
التفكير القائم على الأمنيات ليس بتلك القوة التي تجعل الإنسان يتحرك . الأمنية مجرد رغبة ضعيفة . الرغبة القوية فقط هي التي تقود الإنسان إلى الأمام , لاتخاذ الإجراءات , وللسير على الخطط وتحقيق الرغبات والأهداف .
الثقة بالنفس
هي إيمان المرء بقدراته , و قواه و قابلياته . الثقة تؤدي إلى الشجاعة , القيام بالأشياء , محاولة أشياء جديدة وإلى النجاح .
الانفصال
وهي القدرة أن تبقى هادئا وغير متعلق بالمستويات العاطفية والعقلية . هذه القدرة تحفظ الإنسان من الكثير من المشاكل , المضايقات , المخاوف والمقلقات . تساعد هذه القوة الإنسان على أن يتقبل بهدوء ما لا يمكن تغييره و أن يستمر بحياته . يؤدي الانفصال إلى التوازن الداخلي و السلام .
سلام العقل
العقل الجميل خال من المكرهات المستمرة ومن التفكير القلق . عندما لا تزعج الأفكار هدوء العقل فإن الإنسان يجرب السعادة الداخلية . المرء الذي يمتلك سلاما عقليا يكون هادئا ومسيطرا على نفسه . مثل هذا الإنسان يمتلك توازن داخلي و تقريبا تحت كل الظروف , وبالكاد ما تؤثر فيه الظروف والحالات السلبية .
هل يمكنك أن تتخيل إنسانا ناجحا , لا يستطيع التركيز على مهمة واحدة , لا يملك قوة الإرادة لإتباع هدفه / هدفها أو غير قادر على تصور النجاح الذي يريد / تريد إنجازه ؟
هل يمكن لأي إنسان أن يصل لمستويات روحية عالية بدون التركيز وقوة الإرادة و الانضباط الذاتي ؟
حتى الناس الذين يسعون للروحانية والتدريبات الغامضة يحتاجون إلى القوى الداخلية المذكورة أعلاه .
هل ترغب في إتباع أعمال من نوع خاص , تغير عادات , تتعلم مهارات جديدة , الدراسة أو النجاح في اختباراتك ؟
هل تريد أن تكون بارعا في التصور المبدع ؟
مهما كان هدفك في الحياة فإن كل القوى الداخلية المذكورة أعلاه ذات أهمية كبيرة ويجب أن تقوى وتطور
قوة الإرادة والانضباط الذاتي
أحيانا تتمنى أن تذهب للتمشية , لمعرفتك بأهميتها لصحتك و بأنها ستجعلك تشعر بشعور لطيف , على الرغم ذلك فأنت تشعر بالكسل , وتفضل مشاهدة التلفزيون بدلا من ذلك . أنت قد تكون مدركا لحقيقة أنك تحتاج أن تغير من عادات أكلك أو تترك التدخين . ورغم ذلك فليس لديك تلك القوة و الإصرار الداخلي لتغيير هذه العادات .
هل هذا يبدو مألوفا لديك ؟ كم مرة قلت لنفسك : " أتمنى لو كانت لدي قوة الإرادة و الانضباط الذاتي " ؟ كم مرة بدأت في القيام شيء , وبعد فترة وجيزة فقط تركته ؟ . . كلنا لدينا تجارب مماثلة .
كل شخص يمتلك إدمانا ما أو عادات يتمنى لو أمكنه أن يتغلب عليها , مثل التدخين , أو الإفراط في الطعام , أو الكسل , أو التأجيل أو قلة الإصرار . وللتغلب على هذه العادات أو هذا الإدمان , فإنه يحتاج لامتلاك قوة الإرادة و الانضباط الذاتي . فهما ما يحدثان فرقا كبيرا في حياة كل شخص , ويجلبان له قوة داخلية , وسيطرة ذاتية , وحسم .
تعريف كل من قوة الإرادة والانضباط الذاتي ؟
قوة الإرادة تعني السيطرة على ذلك الاندفاع غير الضروري و الضار . هي القدرة على التغلب على الكسل و التأجيل . هي القدرة على اتخاذ قرار ما و المثابرة حتى إنجاز بشكل ناجح . هي القوة الداخلية التي تتغلب على الانغماس في العادات الغير ضرورية و الغير نافعة , هي القوة الداخلية التي تتغلب على المقاومة العاطفية والعقلية الداخلية التي تحول دون القيام بالعمل المطلوب . هي إحدى أحجار زاوية النجاح , بنوعيه المادي والروحي .
الانضباط الذاتي رفيق قوة الإرادة . إنه يهبك القوة و قدرة التحمل على المواظبة على أي عمل , ويمنحك القدرة على مقاومة الصعوبات و المشاق , سواء كانت جسمية أو عقلية أو عاطفية , إنها تمنح القدرة على رفض الشيء الفوري من أجل الشيء الأفضل .
إن الإنسان مليء بالاندفاعات( الدوافع) الغير واعية , أو الواعية جزئيا . فأحيانا يقول الناس أشياء أو يفعلونها ثم يأسفون في وقت لاحق لقولهم أو فعلهم إياها . و في العديد من المناسبات لا يفكرون قبل أن يتكلموا أو يتصرفوا .
بتطويرك لهاتين القوتين , أولا ستصبح مدركا للاندفاعات (الدوافع) الداخلية الغير واعية لديك , وستكتسب القدرة على رفضها متى كانت في غير صالحك .
قوة الإرادة و الانضباط الذاتي تساعدنا على أن نختار سلوكياتنا وردود أفعالنا بدلا من أن نكون عبيدها . لا تفكر في أن الحياة ستصبح جافة ومملة بهذه الطريقة , بل على العكس فأنت ستشعر بمزيد من القوة , وبالمسئولية والإحاطة بنفسك ,وستكون أكثر سعادة ورضا .
كم مرة شعرت بالخجل , أو الكسل , أو بشدة الضعف عن أن تقوم بشيء كنت تريد أن تقوم به ؟ يمكنك أن تزداد قوة ً داخلية , ومبادرة , و قدرة على اتخاذ القرارات والالتزام بها . صدقني ليس من الصعب أن تطور هاتين القوتين . فإذا كنت راغب وجاد في أن تقويها , فستنجح بالتأكيد .
في هذه المقالة ستجد بعض التمارين و التقنيات كي تطور هاتين القوتين . فذلك سهل , وهذه التمارين الفعالة يمكنك أن تقوم بها في أي مكان , وفي أي وقت . سر ببطء وبشكل تدريجي وسوف ترى كيف أنك تصبح أقوى و أن حياتك تتحسن .
هناك وهم في عقول العامة من الناس حول قوة الإرادة . وهو الاعتقاد بصعوبتها وبأنها متعبة , و أن على العقل و الجسم أن يقوما بجهد وتوتر حتى يجسدانها . فهذا مفهوم خاطئ جدا . فهذا أحد الأسباب التي تجعل الناس يتجنبون استعمالها , مع أنهم واعون لمنافعها . فهم يعترفون بأن توظيف قوة الإرادة في حياتهم وشئونهم سيساعدهم كثيرا , وأنهم يحتاجون أن يقوونها , و رغم ذلك لا يقومون بشيء تجاه الأمر .
تصبح قوة الإرادة أقوى عند أخذ القرار بعدم التراجع وعد السماح لتلك الأفكار , والمشاعر, و التصرفات , وردود الأفعال الغير مهمة , و الغير ضرورية ,وغير الصحية بالتعبير عن نفسها .
هذه القوة إذا بقيت داخلك ولم تعبر عن نفسها , فهي تبقى مخزونة بداخلك مثل البطاريات , وستصبح متوفرة لديك عند الحاجة لها .
مثلما يقوم الإنسان بالتمارين العضلية كي يقوي عضلاته , أنت أيضا تستطيع تطوير قواك الداخلية من خلال تمارين خاصة تلتزم بها .
هناك طريقة واحدة كي تطور قوة الإرادة والانضباط الذاتي لديك وهي أن تتمرن على القيام بتلك الأشياء التي لا ترغب أن تقوم بها في حياتك اليومية . فعقلك ومشاعرك من المحتمل أن يرفضوا القيام بهذه الأشياء , وعلى الرغم من ذلك قم بفعلها . دعني أوضح ذلك , فأنت بقيامك بشيء لا ترغب القيام به أو أنك متكاسل لفعله , تتغلب على المقاومة اللاشعورية , وتدرب قواك الداخلية , وتزيد من قوتك الداخلية . العضلات تصبح أقوى بمقاومة الأثقال . ونصل للقوة الداخلية بالتغلب على المقاومة الداخلية .
تذكر , بأنه بمجرد أن تقوي إحدى هذه القدرات فأنت تقوي الأخرى بشكل أوتوماتيكي .
