مقدمة موجزة عن اللغات واللهجات القديمة

تحيات طيبات عليكم جميعا
سأبدأ بتدوين موضوع موجز عن الموطن الأصلي للغات واللهجات سواء القديمة منها او التي نتداولها الآن
.. وهذا الأمر لاندركه ونتعرّف عليه قبل ان نُدرك المكان الأصلي للشعوب والأقوام السامية التي كانت وراء نشوء هذه اللغات واللهجات ..
هناك خلاف كبير بين الباحثين وعلماء اللغة والآثاريين حول هذا الأمر . فمنهم من ذهب الى انّ رحم الجزيرة المبارك هو الموطن الأول والأصلي لها وهذا ما يصطلح الآثاريون عليه بالهجرة من الجنوب الى الشمال ( اي من الجزيرة والساحل الغربي للخليج بأتجاه العراق ) , وهناك فريق آخر ذهب الى رأي ينقضه وهو جنوب وادي الرافدين ( العراق ) , او الهجرة المعكوسة ( اي من العراق بأتجاه الجزيرة ) , ولكن الرأي الأول هو الأكثر تغليبا واخذا بين طائفة واسعة من الباحثين , وهو ما اميل اليه شخصيا .

اكتب هذا الموضوع في فضاء تجربتي الشخصية , لذا فأنا مستعد للأجابة عن الأسئلة التي قد تثيرها بعض الأفكار المطروحة في هذه المقدمة الموجزة .

ان مفردة الأقوام واللغات السامية ترجع الى سام بن نوح عليهما السلام وهي تسمية سبق للآثار السريانية ان اوردتها قبل زمن طويل , وكذلك احد الباحثين الألمان واسمه شلوتزر اكّدها ليسهل عليه التعامل مع هذه اللغات في اطار اكاديمي رصين , وكما لا يخفى عليكم ان الشعوب كانت تقسم قديما الى الأقوام السامية ومقرها الشرق الأسط الحالي والأقوام الحامية وهي اقوام القارة السوداء وبني يافث وهي الأقوام التي يُصطلح عليها حديثا بالهندواوربيين وتشتمل على ايران وآسيا واجزاء واسعة من اوربا .

اما اللغات السامية فهي

1 ـ العربية وهي اوسعهنّ انتشارا واكثرهنّ تطورا والصقهنّ باللغة السامية الأم ولها لهجات كثيرة وشهير ,وسبق لي ان بحثت هذا الأمر في موضوع طويل تناولت فيه اصول بعض المفردات في سياق اللهجات المعاصرة . ونشرت قسما منه في المنتدى

2ـ الأكدية : وهي من اللغات السامية القديمة , بل اقدمهنّ اطلاقا وتنقسم الى البابلية واللآشورية , والأكديون اقوام سكنوا العراق قبل ان يستوطن السومريون القسم الجنوبي منه , وسبق لهم ان اسّسوا حضارات موغلة في قدمها وعراقتها ,

3ـ الآرامية : وهي اللغة التي نشأت في جنوب الهلال الخصيب والمناطق المحاذية لشريط البحر الأحمر وتركت تأثيرا كبيرا على الدويلات العربية التي نشأت غرب الفرات كالأنباط وتدمر ومدائن صالح اما لهجاتها فتعتبر اوسع اللهجات انتشارا في تاريخ اللغات السامية , فلقد كان يتكلمها الثموديون والصفويون وسواهم من الأقوام , ومازات لهجاتها متداولة في العراق وبعض الأجزاء من سوريا .
4 ـ العبرية : وتنقسم الى قسمين ( العبرية الساكنة ) وهي العبرية القديمة و ( العبرية المتحركة ) وهي العبرية التي خضعت للتحديث متأثرة باللغة العربية وقواعدها وبنياتها,

وهناك لغات اخرى سأجملها اجمالا سريعا وهي ( الكنعانية والفينيقية والعربية الجنوبية وهي لغات اليمن السعيد كالسبئية والقتبيانية والحضرمية ,
كما تعتبر اللغة الحبشية بقسميها الأمهري والجعزي من الساميات ايضا ..
اتمنى ان لا اكون قد اطلت عليكم واعيد التذكير بأنني على استعداد تام للأجابة عن كل الأسئلة التي من شأنها ان ترفع اللبس والغموض عن الموضوع

صلاح

مبارك جهدك ايها الفاضل

مشكور اخوي صلاح على المعلومات القيمه
:)

مشكور استاذ صلاح

ونحن نستفيد كثير من كتاباتك لدرجه اني محتفظه بملف خاص للمواضيع المفيده التي تطرحها هنا

اخي الفاضل الكتور حديد مودّة خالصة
منذ زمن ونحن نفتقد الى حضورك بيننا ,, اهلا بك وبعودتك وشرّفني ان تحظى مادتي البسيطة بتعقيبك ,,
اتمنى لك اياما ليس كمثل بهائها شيء


اختي العزيزة الحلوة ام قصة تحيّة كبيرة لك ولأسرتك واتمنى ان تكونوا بألف خير
شكرا لك على وقوفك وتعقيبك , وكم اسعدتني كلماتك العذبة


اهلا بك ثانية يا اختي العزيزة الأصيلة
اشعر بأمتنان لايبلغه الكلام على تعقيبك النبيل
واتمنى حقا وصدقا ان يكون تواصلي معكم مفيدا ونافعا

دمتم لأخيكم صلاح

شكرا لهذه المعلومات القيمة ولكن ( الثموديون والصفويون ) اقوام عربية تتحدث بلهجة عربية شمالية وتستخدم قلم المسند اريد توضيحا وياليت المنتديات مثل منتداكم وشكرررا:^

اخي الهبكة . اهلا بك , اسعدني مرورك الكريم ,
وفيما يتعلّق بالثموديين تخصيصا فهم من الأقوام التي اُختلف عليها كثيرا , وذلك لأتساعها الجغرافي والزمني , فالأتساع الجغرافي يعني الأمتداد الشاسع الذي عثروا فيه على مدوّناتهم ونقوشهم , من جنوب الهلال الخصيب والأردن ودمشق وسيناء وحتى مصر ,
واما الأمتداد الزمني فهو يزيد على الألف عام ,
وهذه الدول العربية نشأت في محيط سامي شمالي , ولذا جاءت تاثيرات الأقوام السامية الشمالية بادية بوضوح عليهم , وهنا اذكر التأثيرات الفينيقية , التي هي بلا ريب حضارة سامية اقدم من الحضارة العربية الجنوبية بأجيال كثيرة , ومن الجدير بالذكر ان نعرف ان الحرف الثمودي حمل تأثيرات فينيقية واضحة تتمثّل بأكثر من عشرة حروف سواء على مستوى الرسم او التصويت .
وهنا سأذكر آراء ذهب اليها الكثيرون من علماء اللغات مفادها انّ المسند بزواياه المستقيمة التي لا يمكن لغير الحجر ان يبرزها قد يكون وصل الى اليمن من الثموديين والأقوام التي سلفت في المكان ذاته وليس العكس ,
وانّ الحرف الثمودي انفصل في مرحلة تاريخية عن الحروف السامية الشمالية وانتقل عن طريق ( غذاء الآلهة ) التجاري الى اليمن , وهذا الطريق هو الذي جعل ابرهة الحبشي لاحقا يفكّر بالأستيلاء عليه في حملته الشهيرة التي ابادها الله تعالى .
وتحتفظ لنا كتب التاريخ بمحاولات كثيرة قام بها اقوام حوض المتوسط للسيطرة على هذا الطريق .
وعموما فأن العربية الشمالية هي احدث اللغات السامية , ولكنّها اكثرهنّ تماسكا وشبها باللغة الأم المفترضة والتي يُعتقد ان اللغات الأخرى تحدّرت منها , ولعلّك تعرف يا اخي ان اقدم النقوش العربية الشمالية والذي لايخضع للأعجام والتشكيل هو نقش قبر امرؤ القيس في عام 328 م اي قبل حوالي 250 سنة على الهجرة النبوية المباركة ,
وهذا رأي , ان يكون عرب الشمال تكلّموا الآرامية بعد ان اثبتت الدراسات والمحفورات الآثارية انهم كتبوا بها خصوصا وانّ الآراميين هم ممن نشأ في هذا المحيط الجغرافي ..

دمت لأخيك

ثانية احيّيكم اخواتي واخواني في المنتدى
.. اثبت ها هنا بعض المعلومات الشيّقة في نشأة اللغات , كتبتها بعجالة ورأيت ان تشاركوني متعة قراءتها , وهي في الأصل بحث انجزته قبل 10 سنوات فأوجزته ايجازا شديدا حتى لا ارهقكم بمطالعته ..

تباينت آراء النحاة والبلاغيين والمناطقة بشأن اللغة ومنشئها بين التوقيف والأصطلاح , فالمنشأ التوقيفي يعني , انّ لا يد للأنسان في نشأة اللغة , وانها وحيا والهاما وتوقيفا من الله تعالى , والذين اتّخذوا هذا الرأي جعلوا من الآية الكريمة ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ) منطلقا لدعواهم ويُعتبر الغوي الشهير ابن فارس من زعماء هذا الأتجاه وتبنّاه في كتابه الصاحبي ,
اما الأصطلاح والمواضعة فتعني ان مفهوم اللغة ونشأتها خاضع لنوع من انواع النشوء والأرتقاء ومواضعة الألفاظ من قبل الأفراد للدلالة على الأشياء , وهذا الرأي اخذ به ابن جني في كتابه ( الخصائص ) .
لقد مرّ العقل البشري بأطوار كثيرة قبل ان يبلغ طوره الحالي , ولطالما حاول الأنسان ان يقف على سرّ اللغة وتكوّنها . فلقد شغلت بقواعدها وبنياتها الفلاسفة الأغريق وصار سبر اغوارها مادة بحثية تواتروا عليها زمنا طويلا دون ان يحسموا الخلاف بشأن نظريتي التوقيف الألهي والأصطلاح والمواضعة البشرية , وبأمكانكم الرجوع الى كتاب ( الجمهورية ) لأفلاطون من اجل الأستزادة من احدى محاوراتها على لسان سقراط .
ولم يقتصر الأمر على الأغريق بل انّ هناك رأيا لاهوتيا ساميا قديما ذهب الى ان نشأة اللغات جاء بعد ان بلبل الله تعالى السنة الناس في بابل بأن بعث عليهم ريحا صرصرا عاتية ففرقتهم وبلبلت السنتهم ليدبّ فيها الأختلاف بعد ان اجتمعوا على معصيته , وبهذا سوف لايقدرون على مخاطبة بعضهم البعض , وتذهب الرواية الى انّ بابل سمّيت بهذا الأسم لانها المكان الذي شهد تبلبل السنة الناس فيه . اما علم اللغات السامية يقول انّ بابل مفردة منحوته ومركّبة من مفردتين هما ( باب + ايل ) وتعني باب الله .
ومن الجدير بالذكر ان الفراعنة حاولوا ايضا استقصاء سرّ اللغة من خلال تجارب قام بها الفرعون المصري ( ابمستيك ) الذي عزل طفلين في صمت مطلق بعيدا عن الناس وكفل لهما الغذاء والكساء وانتظر شهورا حتى سمعهما ينطقان بأول كلمة مسموعة .
وكذلك قام الملك الصقلي ( فردريك الثاني ) سنة 1200 باعادة ذات التجربة السابقة , واعقبه بعد ثلاثة قرون ملك اسكتلندا ( جيمس الرابع ) دون ان يهتدي احد منهم الى الكيفيّة التي نشأت بها اللغة وكيف نطقها الانسان الأول .
ولا يفوتني ان اذكر انّ للعرب تجارب مرموقة في هذا الباب , اورد جانبا منها السيوطي في كتابه ( المزهر) واستوفاه حقّ استيفائه .

اكتفي بهذا القدر , وقد ارجع في المرّة القادمة للحديث عن لغات العرب العاربة والعرب المستعربة , وكيف نطق اسماعيل عليه السلام اللغة العربية الشمالية وماهي لغته الأم والعلاقة التي تربط اللغتين الجنوبية والشمالية .

مودّة خالصة

صلاح

اشكرك يا أخ صلاح على هذه المعلومات النافعة وبودي ان يتسع النقاش حول نشأة الكتابة العربية عموما ومن خلال المدونات القديمة.:)

شكر على هذه المعلومات التاريخية .......