نعم لقد أزمعت الرحيل إلى خلجات قلبها الأسود الداكن , المليء بالبغض والنكران للجميل ,
كان رحيل اليائس من سجن الحب إلى سجن غمار الهيام ,
لقد وقعت فريسة اعتذارها , كانت أبدع حوارية تمثل دور الضحية بإتقان ,
نعم أقنعت فؤادي بدموعها الكاذبة المصطنعة أنها بريئة ,
وأن الظروف قد أحالت عشقها إلى سراب واهي ,
وأنين ناي شجنها الكئيب ,
التي كانت تعزفه عبر حروفها المفعمة بزفرات الألم ,
هو الدليل على براءتها من طعنات الغدر في عمق العمق ,
وأن القمع والإرهاب والتسلط والتحكم قد مورس عليها من قبل أهلها , وأن الذنب ذنب العادات والتقاليد , وأن الكثرة غلبت الشجاعة ,
لقد بدت كأنها وحدها تحارب على كل الجبهات ,
دون أي مساندة أو معونة من أي أحد , ودون سلاح فعال , كان سلاحها بدائي عبارة عن كتلة من المشاعر الصادقة حسب ما روت لي ,
وبالمقابل كان العدو يتمتع بكل الدعم من عتاد وسلاح متطور ,
وأن جحافل الجيوش الجرارة قد دكت موقعها دكا ,
واحتلت أرضها , واغتصبت حقها ,
بأن تتخذني حبيبا , وأتت إلي وطلبت اللجوء ,
والاختباء في خندقي الذي كان مترعا بدمائي النازفة إثر هجرها وبعدها عن حضني الملتاع والمحروم من حنانها ,
وكعادتي مددت لها من أوردتي بساطا لتستلقي عليه ,
وحكت لها من رموش عيني غطاءا لتلتحف به من شدة البرد ,
وأسرجت لها من دمع المآقي قناديلا لتنير ليلها القاتم ,
وأوقدت لها نارا من مشاعري لأبثها الدفء والطمأنينة , وقلت لها
( هاأنا أهبك قلبي من جديد )