كم رصيدك العاطفي ؟!
أأنت من المستقرين نفسيا ؟!
أم تراودك أفكار الأسى والضجر ؟!
من أنت بالنسبة إليهم ؟!
من هم بالنسبة إليك ؟!
.
.
.
.
.
.
.
" فاقد حنان "
عبارة كتبتها ذات صباح ، على تلك السبورة البيضاء ؛ لتكون مثيرا بصريا في الدرجة الأولى ، صنع نوعا من ردة الفعل ، أتى في صورة شعورة صامتة أو مصمته ...
فـ ـا قـ ـد حـ ـنـ ـان !!
لاأعلم ما دعاني لكتابتها ، ولكنني عقدت العزم على أن تكون التهيئة الحافزة في ذلك اللقاء العلمي ، تهيئة نفسية تدغدغ المشاعر ، أو تناجيها !!
ما زلت واقفا أمام السبورة ، وما زال الصمت سيد الموقف !!
أعين تترقب ما يكتبه ذاك السمين !!
كأن كهربية الجسد قد بدأت تهمس ألف ألف وحدة عاطفية !!
وكأني أسمع خلفي آهاتمكتومة ومكلومة تعطر كآبة النعاس ، وتراود حالة " الطفش " عن نفسها !!
إنها آهات صادقة !!
أوليس الألم أصدق ؟!
أوليست الدمعة أوثق ؟!
أوليست الأنات ترمومترا يأبى إلا الدقة ؟!
أحبتي !!
لا ألومهم ، فقد كنت أيضا أتلذذ بقراءة ما كتبته ، كما تلذذت بالفكير فيه !!
فاقد حنان ...
أيناسبكم هذا النعت ؟!
ألسنا نركز على الدور الإداري في حياتنا ؟!
ألسنا نقيس علاقاتنا بالحقوق ، والواجبات ؟!
الأب في البيت ...
هو مدير إدارة تضم في عضويتها زوجا وأبناءً !!
هو يرى أنه ملزم بالمادة ، لا بغيرها معها !!
سلطوي ، يصدر القرارات ، أو لنقل الأوامر والنواهي !!
كثير اللوم ، كثير الشكوى ...
" أتعبتم أباكم "
" أهلككم الله "
" ... "
كم من الآباء لا يقولها ؟!
الأم في البيت ...
مدير تنفيذي ...
مدير أعمال حذر ...
حزب معارضة ، أحيانا !!
وأحيانا : " جاسوس حنون " هدفه الإصلاح !!
" أخفاكم ربكم "
" لعنة الله عليكم "
" أزعجتني يا ... "
سيمفونية جل الأمهات عازفها !!
..
..
..
الأبناء ، والبنات :
مصابون بفيروس :
" فاقد حنان " !!
متى كانت آخر مرة تقبل بها رأس أختك ؟!
متى كانت آخر مرة تطلب من أختك شيئا، باسما متلطفا ، مفتتحا عبارة الطلب إن لم تختمها ، بقولك : " لو سمحت " ؟!
متى كانت آخر مرة تشتري فيها هدية لأختك ؟!
وأنتِ :
متى كانت آخر مرة تعرضين فيها على أخيك قصيدة كتبتيها ؟!
متى كانت آخر مرة تقدمين فيها لأخيك طبقا من الحلوى أو العصير دون طلب ؟!
متى كانت آخر مرة تطلبين من أخيك مساعدتك في إعداد بحث ، أو حل مسألة أو تمرين ؟!
ولكم جميعا أقول :
كم مرة سمعتم داخل البيت ما يسلي عواطفكم ويصرفكم عن سد جوع العاطفة خارج المنزل ؟!
أحبتي :
ما بالنا لا نبالي ؟!
لم نحن جافون مجحفون مع الأقربين ؟!
لماذ لا تقام علاقاتنا الأسرية داخل بيوتنا على الحب الظاهر ، والباطن ؟!
لماذا يعز علينا أن نسمع أشقائنا عبارات مداعبة وملاطفة ؟!
.
.
.
.
.
نجد الفتاة تهمس لصديقاتها ، اللاتي يعشن ذات المعاناة ، بما يجعلهن مستغنيات عن عاطفة البيت ، كما يزعمن !!
ونجد الشاب يصارح الرفقاء - رفقاء صلاح أم فساد - بما لا يقدر على بوحه عند والديه !!
لقد التزموا أو ألزموا بالجانب الإداري ، وعلموا أن لهم حقوقا ، وأن عليهم واجبات ، وكل ذلك مادي المعنى والسلوك !!
" يا ويل حالي "
" أدوخ "
" يالبيه "
" يا عمري "
أتعلمون الآن سبب استهلاك مثل هذه المفردات من قبل المراهقين ؟!
لم يكن واحدهم سويا ... لا أعني جسديا ، ولا أعني أيضا عقليا !!
هو لم يكون سويا من الناحية العاطفية !!
لا بد له من اتزان عاطفي !!
لا مفر من تصريف الشحنات الزائدة !!
لا مناص من تنفيس المشاعر المكبوتة !!
وآه يا المشاعر المكبوتة ...
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
يتزوج الشاب والفتاة ، ويبدأ هنا التفجير ، وينتشي الحب ، وأسهم الغرام بارتفاع ، وتجدهما في همس ولمس !!
ما الذي يضمن لنا أنهما يحبان بعضهما فعلا ؟!
ما الذي يمنع من أن نرى أيا منهما إنما يجدد علاقته بالحياة ليس إلا ؟!
لعلهم عقدا معا شراكة لحل عقد الأمس ؟!
لست أشك في حب أي من الزوجين للآخر ، ولست أعمم مثل هذا الرأي ( لا حظوا أنني لم أعده حكما البتة )
ربما كنت مخطئا ، ولكن ...
أليس الملل ضيفا ثقيلا زار جل العلاقات الزوجية ؟!
أليست علاقة الأخ بأخته - عاطفيا - ستكون مثلها علاقة الزوج بزوجه ؟!
" أفيه "
" مشاويرك ما تخلص "
" عطني فلوس "
" ودني لبيت أهلي "
" اقلبي وجهك "
أسطوانة قد اعتاد عليها حتى أوفر المتزوجين علما وعملا !!
أحيتي :
لست متشائما ، ولكنها دعوة لممارسة التأمل ، في ممارسات سلوكية ، تحتاج إلى مزيد من الهندسة ، والجبر !!
.
.
.
.
.
لا بد من نفي أي قيمة اجتماعية سيؤدي بقاؤها في خريطة المجتمع المفاهيمية إلى ارتسام ملامح الجفاء الروحي !!
تلزمنا حيوية العلاقة !!
أليست العاطفة الصادقة دالة على النبل والكرم ؟!
أليست علامة سمو فكري ؟!
أليست مؤشر نقاء وصفاء ؟!
أحبتي :
لنشبع من حولنا عاطفة ، ولنعدهم مصادر آمنة للحب ...
أحبكم في الله ...
