بسم الله الرحمن الرحيم
الوقت/ الثلث الأخير من الليل
اليوم / قبيل فجر الأربعاء
الثالث من جمادى الآخرة العام / 654 هـ
الخليفة / المستعصم بالله العباسي
والي المدينة / منيف بن شيحة
يقول المؤرخ / شهاب الدين أبو شامة نقلا عن شاهد عيان ( لما كانت ليلة الأربعاءثالث جمادى الآخرة
654 هـ حدثت بالمدينة زلزلة عظيمة اشفقنا منها 0 وباتت باقي تلك الليلة تزلزل كل يوم وليلة قدر
عشر نوبات 0 والله لقد زلزلت مرة- ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم – زلزلة اضطرب لها المنبر
الى أن أوجسنا منه 0 أذ سمعنا صوتا للحديد الذي فيه ‘ واضطربت قناديل الحرم الشريف ، وتمت الزلزلة إلى يوم
الجمعة ضحى ، ولها دوي الرعد القاصف ، ثم طلع يوم الجمعة في طريق الحرة في ( رأس أجيلين ) نار عظيمة مثل
المدينة العظيمة أشفقنا منها وخفنا منها خوفا عظيما0 وطلعت إلى الأمير ( منيف بن شيحة ) وكلمته وقلت له : قد أحاط
بنا العذاب ، أرجع إلى الله تعالى ، فأعتق الأمير كل مماليكة ، ورد إلى جماعة من الناس أموالهم ، فلما فعل الأمير ذلك
قلت له اهبط الساعة معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فهبط معنا وبتنا ليلة السبت ومعنا جميع سكان المدينة من
رجال ونسوان وأولاد ، وما بقي أحد في النخيل ولا في المدينة إلا وبات تلك الليلة بجوار النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم
سال من تلك النار نهر من نار ، وأخذ يسيل في وادي اجيلين وسد الطريق ثم طلع إلى بحرة الحاج وهو بحر من النار
يجري وفوقه حجر يسير إلى أن قطعت الوادي ( وادي الشظا ) وما عاد يجئ في الوادي سيل قط لأنها كانت حصرته
نحو قامتين وثلث علوها 0
وقد تاب جميع أهل المدينة ، ولا بقي يسمع فيها ربّاب ولا دف ولا شرب
واستمرت النار تسير إلى أن سدت بعض طرق الحاج وخفنا أن يجيئنا فأجتمع الناس و دخلو على النبي صلى الله عليه
وسلم وتابو عنده جميعهم 0
ثم ظهرت عندنا بالحرة وراء قريظة نار عظيمة تنفجر من الأرض ثم ظهر لها دخان عظيم في السماء وظهرت النار
ولها ألسن تصعد في الهواء إلى السماء كأنها القلعة )
ويصف أبو شامة دمشق ( وفيها ليلة الأثنين 16 جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل وكان شديد الحمرة وكسفت
الشمس وبقيت اياما متغيرة اللون ضعيفة النور )
لقد وصل الهباء البركاني إلى دمشق خلال أحد عشر يوما قاطعا مسافة 1100 كم بسرعة 100 كم
وأدى انتشار الرماد والهباء البركاني إلى تغيير بالمناخ حيث انخفظت الحرارة وارتفعت الرطوبة وازدادت كثافة تساقط
الأمطار بصورة غير طبيعية مماتسبب في غرق مدينة بغداد حتى اصبح الناس يتجولون في شوارع بغداد بالسفن 0
ويقول أبو شامة ( وقد وصل إلينا في جمادى الآخرة نجابة من العراق واخبروا أن بغداد أصابها غرق عظيم حتى طفح
الماء أعلى من اسوار بغداد وانهدمت دار الوزير وثلاث مئة وثمانون دارا 0
واشرف الناس على الهلاك ، وعادت السفن تدخل وسط البلدة وتخترق أزقة بغداد )0
تحقق معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( لاتقوم الساعة حتى تخرج نارمن أرض الحجاز
تضئ أعناق الأبل ببصرى)
ومن شدة ضوء هذه البراكين يقول القسطلاني ( إن ضوءها استوى على مابطن من القيعان ، وما ظهر من التلال ،
حتى وكأن الحرم النبوي عليه شمس مشرقة )
ويقول أبو شامة ( فأخبرني من أثق فيه ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوءها الكتب )
كما كتب ابوشامة ( وقد أخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي قاسم التميمي الحاكم بدمشق
فقال سمعت رجلا من الاعراب يخبر والدي ببصرى أنهم رأوا أعناق الأبل في ضوء النار التي ظهرت بالحجاز )0
مكتوب من مقال د عبدالحفيظ محمد مع الأختصار والتصريف 0
