السلام عليكم ورحمة الله ،،،
أيها السادة .... من خرج من بيته في سيارته وخلا بنفسه وهامت نفسه في دنيا الأحلام ، يفكر في كل شيء إلا
الله سبحانه وتعالى وفجأة كاد الموت أن يسرقه من دنياه ويودعه إلى الأخرة ، ولم يمنعه من ذلك وقد حضرت
الأسباب إلا أن الأجل ليس هذا وقته ! وهنا ستأتي هذه اللحظة وسيعرفها من رآها ، لحظة التفكير والذهول
والتأنيب وستقول له نفسه في تحذير شديد " لو أنك مت ! " ثم يتكرر السؤال مرة أخرى " لو أنك مت ! " ، الموت
مفزع ومخيف وهو نقيض الحياة ، وإن كنا هنا نتحدث عن الموت حديث الدنيا ونحن نشاهد ونسمع كل يوم
قوافل المودعين ومواكب الموتى ، فستأتي على كل إنسان لحظة يكون فيها محمولاً على الأكتاف ، يشيعه
الناس ، وقد يكون في الظهيرة عند شدة الحر وسطوة الشمس فيوضع في حفرة ويجمع فوقه التراب ،
وتسدل عنه الحياة ، وتغيب عنه الدنيا التي كان فيها حياً ! فلا يرى الشمس عند الشروق ولا يراها عند الغروب ،
ولا يركب سيارته التي اشتراها ولا يدخل بيته الذي بناه، ولا يأوي إلى فراشه الذي كان يأوي إليه ! حتى أهله
وأولاده لن يراهم ، وثوبه الذي كان يخشى عليه عند السجود في الصلاة أن يذهب كيه ، أصبح في صندوق
الجمعية الخيرية !
.................................................. ...
هذه هي الدنيا ! التي لا نعرفها ، نتكلم عن الموت ثم ننساه فلا نذكره إلا إذا رأينا جنازة أو دخلنا المقبرة ! نرى
التراب كل يوم فلا نتذكر أنًا إليه عائدون ونستمع آيات الأخرة فلا نتذكر أنًا إليها صائرون ! ومن يرى حالنا
يظن أنًا في دنيانا مخلدون ! فهل رأيتم أعجب من هذا !
.................................................. .
إن من يقف عند جنازة وهي تدفن سيرى الدنيا لا شيء ! أهذه هي النهاية ! كفن وقبر وتراب ومقبرة !
فقط لا غير ! أين ذهبت أيام العمر بأتعابها وأحمالها وأيامها واقواتها ! أين المستقبل لماذا لم يأتي ، لقد
مات الرجل ولم يأتي المستقبل ! أرهق الإنسان نفسه في الجري وراء سراب ، وقضى شبابه في هباب في هباب !
والنهاية في قبر ! ولا ينفع شيء سوى ذكر الله سبحانه وتعالى وكل شيء لا شيء إلا ماكان لله فهو أعظم
شيء وأنفع شيء وأجدى شيء ، فهنيئاً لأهل القبور الذين كانوا من الذاكرين ونسأل الله الرحمة والمغفرة لأهل
القبور الذين كانوا من الغافلين .
خاتمة : سنة الله في الحياة جارية وسيبقى الناس في أحوالهم يتقلبون .