فسكن كل شيء في الكون إلا نفسي ، قمت من فراشي أنظر
إلى السماء من " النافذة " أنظر إلى هذا الكون ، وفي ليلته يموت
عام ، وفي صبيحته يولد عام ! وجعلت ألج بخيالي نحو هذا الكون
حتى أشاهد " مراسيم " الوداع ورقرقت الدموع ! وأشاهد "
مراسيم" الاستقبال وضحكات السعادة بالمولود الجديد!
وبقيت بين المأتم والمولد أنتظر لحظة الوداع والاستقبال
فضحكت مني نفسي وقهقهت !
وقالت : يا قنديل أعرف نفسك !
قلت : هي نفسي وهي أنا فكيف لا أعرفها !
قالت : أنتم أيها البشر تفكرون في كل شيء إلا " أنفسكم "
قلت : كيف ؟
قالت : حينما تعود إلى فراشك سأحدثك عن نفسك ؟
عدت إلى الفراش ، وأنا أفكر في نفسي !
فقالت أنت تنظر إلى نفسك فتراها " عظيمة " فإذا نظرت إلى
الأرض وتأملت فيها " صغرت نفسك عندك " فإذا نظرت
إلى الشمس صغرت الأرض عندك ، فإذا نظرت إلى السماء ، صغرت
الشمس في عينك ، فإذا علمت أن الكرسي والعرش
أكبر ، فكيف سترى نفسك ! أنت عدم ولكنك لا تدري ، سخر الله
لك الكون فرأيت نفسك " شيء موجود " وما ذلك لك
بشيء ولكنه من الله سبحانه وتعالى ! فهل عرفت نفسك الآن .
ما علم الكون وما درى بك ، وما انتبه الزمان وما حسب لك ، أنت من
نظر إلى الكون لأنك الصغير ، وأنت من حسب الزمان لأنك المحتاج
الفقير ! هذه الساعة التي تلبسها بيدك ! أنت من صنعها وجعلها في
اليوم 24 ساعة وقسم الساعات إلى دقائق والدقائق إلى ثواني
والثواني إلى أجزاء ثم تظن أن الزمن هو من فعل ذلك !
من أنت في جانب البلايين من النجوم والكواكب ! والمجرات
والمذنبات ! كلها تسبح في فضاء عظيم كبير ! وكلها تسبح
بحمد خالقها وتعمل بإرادته وتدبيره ! وجدت منذ بلايين السنين لا
زمان يدركها ولا مكان يجمعها ، ثم صغرت كلها بعيني
وأنا أنظر إلى " سبع سماوات طباقا " انتثرت هذه الأفلاك والكواكب
في سمائها وتلألأت في عليائها ، وما من موضع إلا
فيه جرم !
يتبع