ثلاث ليال يعصفها الحزن والأسى
هذه الليلة الثالثة .. من ليال يعصفني بها الحزن والأسى ..
اتصل بي بدر أبوعبدالله .. وطال الإتصال وفي نفسه شي .. لايقدر على قوله .. هكذا شعرت .. فسألته وقال"مافيه شي" ونبرة صوته تناقض قوله .. انتهى الاتصال .. ولم يستطع قول أي شي, لأنه يعلم محبة أخي في قلبي .. فأحسست بشي غريب جدا .. فذهبت لأرى المنتدى .. فقرأت العنوان "إلى جنات النعيم أيها البطل / معجب الطعيسان" فلم أستوعب ما أقرأ .. تمنيت أن "أخبار رفحاء" مخطيء .. تمنيت أنه حلم .. تمنيت أي شي إلا الفجيعة بهذا الخبر.
أعدت القراءة عدة مرات .. نزلت لأقرأ الردود لأتأكد ,فإذا به الخبر الذي لا مفر منه وفاة حبيبي أخي الغالي على قلبي الذي لم تلده أمي معجب الطعيسان ..
شهقت .. ودمعت عيناي .. بكيت .. إنهارت نفسيتي .. داهمني الحزن .. وتآكلت راحتي .. وتذكرت قول الله "فأصابتكم مصيبة الموت" حقا والله إنها مصيبة ..
وما أشدها في عزيز.
عرفته لمدة لم تكن سنين طويلة .. ولكنها كانت مباركة ودودة حميمة .. وفرحت بمعرفته .. فتمنيت لو أن الله رزقني معرفته منذ سنين قديمة .. حقا والله كانت أمنية .. كثيرا ما ذهبنا للمقناص .. وكل رحلة أروع وأمتع من سابقتها .. وفي الموسم الأخير كنا نذهب يوميا بعد صلاة الفجر.. وفي آخر الرحلات كنت أكرر على مسامعه "ويننا عن بعض يابوصبا كل هالسنين!!".. وفي كل رحلة يزداد إعجابي بخلقه .. وأغبط نفسي على محبته لي.
ذهبت لأكمل دراستي في أمريكا .. وكعادة الدارسين في الخارج .. لايبقى على وصال دائم معهم إلا نخبة الأحبة .. من يقيمون في القلب .. واصلني من يقيم في قلبي .. ولكن والله لم يواصلني أحد ولم أنحرج وأفرح باتصال أحد من الأعزاء بقدر ماانحرجت وفرحت بكثرة اتصالاته ووصاله لي .. وفي كل اتصال يسألني عن أقرب عودة لي "متى جيتك يالامريكي؟؟"
أتيت إلى السعودية عندما تعبت والدتي أسأل الله أن يعجل لنا بشفائها ويفرج كربنا وأن نراها على أفضل مما كانت عليه..
وكان من أول من أهدف إلى رؤيته من الغالين الفاضل أبوصبا .. أتيته أنا وأبوعبدالله الذي لم يستطع أن يفجعني بالخبر .. ولم يكن معجب يعلم بقدومي .. فرآني وفرح فرحا شديدا فتعانقنا من شدة الفرح .. فحيا وهلا ورحب ترحيب حار .. وقال "والله العظيم اني كل اليوم أفكر بك وحاس بشي ولا أدري وشو" إنها كانت مشاعر المتحابين .. وأجبرني ع طلعة إلى البر .. وكانت إجازتي جدا ضيقة .. فذهبت معه محبة ومودة له .. وفرحة به .. ووالله لو كان غيره لما ذهبت.
هذه هي الليلة الثالثة التي يرافقني بها الحزن والغم والهم .. وأنا أتذكر فيها أخي وحبيبي وترددي عليه في العمل وفي بيته وزياراته لي .. وأروع الأيام معه .. فقد كان متميزا بأخلاقه .. لا أجد لطبعه مثيل .. عرفت الكثير من أهل القنص .. ووالذي نفسي بيده وأشهد ربي على هذا الشي أنه من أحسنهم خلقا .. ومن أطيبهم كرما ..فلم يكن يتصنع الجود .. وما أخف نفسه على صاحبه .. وأنت معه تتمنى أن لا ينتهي يومك .. من شدة فرحتك بصحبته.
محافظا على صلاته .. لم يكن يذكر الناس بسوء .. وليس له شأن بسوء تصرفات الآخرين .. كان كثير التفاؤل .. وكثير حسن الظن بالله .. ولاتزال دعوته تتردد على أذني فكان كثيرا مايسأل الله ويقول "يالله انك ترحمنا برحمتك".
محبوب لدى الجميع .. لاتجد له أعداء .. والكثير يتمنى أن يكون برفقته من أهل الصيد وغيرهم .. واذا كنا في البر ورأى راعي غنم أو إبل يقف عنده ويعطيه ماكتب الله من الطعام وكان كريما في عطاءه وبنفسه الرضية السمحة .. رحمةً بهم أسأل الله أن يرحمه برحمته الواسعة .. وكان يحب مساعدة المحتاجين .. ولعل حسن خاتمته أكبر دليل على ذلك.
بينما أنا أدعو ربي أن يرحمه ويسكنه جنته .. تأملت أن:
منذ صغر سن المسلم وهو يسمع ويرى ويستشعر رحمة الله في الخلائق وبينهم .. وهذه صورة قد شكلها الانسان بنفسه في عقله من الأحداث التي حوله .. ولكنها في الحقيقة .. ليست فقط هذه رحمة الله المقصودة في الآيات والأحاديث, فرحمة الله لايدركها العقل البشري .. فهي أضعاف أضعاف مانتصور .. فهو أرحم الراحمين..
أسأل الله أن يرحم غالينا وحبيبنا معجب برحمته التي لاتدركها العقول وأن يغفر ذنبه وأن يسكنه الفردوس ويحشره مع نبيه .. و يبدله دارا خيرا من هذه الدار .. وأن يتغمده برحمته.
وأسأل الله أن يصبر عائلة الطعيسان وأبناء علي نزال في فقد أخيهم وحبيبهم معجب.
رحمك الله يا غااالي ..
May - 4 -2011