أهم محاور التنظيم القانوني لانتخابات المجالس البلدية
أهم محاور التنظيم القانوني لانتخابات المجالس البلدية
http://www.alriyadh.com/2005/02/25/img/252106.jpg
حمدان الفاعوري٭ ٭مستشار قانوني
تشكل انتخابات المجالس البلدية في المملكة العربية السعودية في هذه الأيام محوراَ من أهم المحاور التي تتصدر حيزاً كبيراً من الاهتمام والمتابعة سواء كان ذلك على الصعيد الرسمي باعتبارها خطوة إيجابية نحو تفعيل المشاركة الشعبية في إدارة الشؤون العامة، أو على الصعيد الشعبي باعتبارها تجربة فريدة يتطلع المواطنون إلى التفاعل معها بالشكل الذي يحقق دوراً أفضل في تلك المشاركة.
والحقيقة أن الانتخابات بالشكل المطلق ليست بالعملية التلقائية أو العفوية وإنما هي عملية تتشابك فيها جوانب عدة، يؤثر الخلل في واحد منها في مجمل نجاحها وفي مدى تحقيق أهدافها، ولعل أهم تلك الجوانب التنظيم القانوني أو النظامي، الذي ستكون بعض محاوره محل التناول والبحث هنا خاصة ما تعلق منها بحقوق والتزامات الناخبين والمرشحين، وفق منهجية تعتمد التبسيط والإيجاز بشكل يحقق الغاية التوعوية دون أن يخل بالمفاهيم أو المضامين.
التنظيم القانوني لانتخابات المجالس البلدية
يتمحور التنظيم القانوني للعملية الانتخابية بشكل أساسي حول مجموعة الأنظمة (القوانين) واللوائح والتعليمات الخاصة التي تنظم وتضبط كافة العلاقات المتبادلة في العملية الانتخابية وتحدد المراكز القانونية والحقوق والالتزامات والمسؤوليات والآليات والإجراءات بشكل واضح، وتوفر الضمانات اللازمة لإجراء الانتخابات بشكل يتوافق مع الهيكلة التشريعية في الدولة ويكرس مباديء الانتخابات ويراعي المعايير الدولية المعتمدة، ويتمثل هذا الجانب في انتخابات المجالس البلدية في المملكة فيما يلي:
1 - نظام البلديات والقرى الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/5 في 21/2/1397ه، الذي تضمن كافة الجوانب التي تؤطر بشكل واضح النطاق الانتخابي لانتخابات المجالس البلدية، فقد بين بتفصيل ما يتعلق بالمجلس البلدي واختصاصاته وتشكيله وآلية عمله وغير ذلك من الجوانب التي تبين مدى المشاركة الشعبية من خلال هذا المجلس، وحدد أن نصف أعضاء المجلس البلدي يتم اختيارهم بالانتخاب، وفوض هذا النظام وزير الشؤون البلدية والقروية بتحديد طريقة انتخاب أعضاء المجالس البلدية والشروط الخاصة بالناخبين وإجراءات الاقتراع والطعن من خلال اللائحة التنفيذية وفقاً لنص المادة الرابعة عشرة منه.
2 - قرار مجلس الوزراء رقم (224) وتاريخ 17/14248هـ القاضي بتوسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية عن طريق الا نتخابات، والذي فعل نصوص نظام البلديات والقرى المتعلقة بانتخاب نصف أعضاء المجلس البلدي.
3 - لائحة انتخاب أعضاء المجالس البلدية الصادرة بالقرار الوزاري رقم (38396) وتاريخ 15/6/1425ه، والتي حددت الأجهزة الانتخابية وتضمنت الأحكام الخاصة بحق الانتخاب وقيد الناخبين وحق الترشح وتسجيل المرشحين وتحديد الدوائر الانتخابية ونظام الاقتراع وعمليتي الاقتراع والفرز والطعون والتظلمات الانتخابية، كما اشارت بشكل مجمل إلى بعض ضوابط الحملات الانتخابية للمرشحين وأحالت إلى تعليمات خاصة تصدر بقرار وزاري بشأن تنظيم تلك الحملات.
4 - تعليمات الحملات الانتخابية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 54784 وتاريخ 6/9/1425هـ والتي تضمنت بشكل مفصل كل ما يتعلق بتنظيم الحملات الانتخابية للمرشحين من أحكام وضوابط والتزامات ومحظورات ورقابة.
5 - تعليمات الطعون والتظلمات الانتخابية الصادرة بالقرار الوزاري رقم (55270) وتاريخ 11/9/ 1425هـ التي تضمنت الأحكام الخاصة بتشكيل لجان الطعون والتظلمات واختصاصها وآلية إصدار قراراتها وطبيعتها وإجراءات تقديم الطعون.
6 - مجموعة القرارات الوزارية الخاصة بالعملية الانتخابية مثل القرار الوزاري بتحديد عدد أعضاء المجالس البلدية والقرار الوزاري باعتماد الجدول الزمني للانتخابات والقرارات الوزارية بتشكيل اللجان الانتخابية، وبتحديد الدوائر الانتخابية وغيرها من القرارات المماثلة.
حقوق الناخبين
هناك مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الناخبون لكن أكثرها وضوحاً في النصوص التنظيمية لانتخابات المجالس البلدية ما يلي:
1 - الحق بالمشاركة في عملية الاقتراع، وهذا الحق هو أهم الحقوق التي يتمتع بها الناخب، فالاقتراع هو العملية التي يثبت الناخب من خلالها اختياره، وقد تم إقرار هذا الحق في نص المادة الحادية عشرة من اللائحة، وعليه يعتبر مخالفاً كل تصرف أو إجراء يحول أو يمنع الناخب من ممارسة حقه في الاقتراع، سواء صدر ذلك التصرف من مسؤولي وموظفي الأجهزة الانتخابية أو من أحد المرشحين أو مناصريه أو من غيرهم.
2 - الحق بممارسة عملية اقتراع سرية، وهذا الحق ليس تكراراً للحق الأول، حيث يقرر الأول إمكانية المشاركة بينما يقرر هذا الحق كيفيتها، إذ أن ممارسة عملية الاقتراع لا تكفي إذا لم تتم بشكل سري يضمن حرية ونزاهة الاختيار، وهذا تكريس لأهم مباديء الانتخابات أقرته اللائحة في الفقرة الثانية من المادة الخامسة عشرة.
3 - الحق في أن يتلقى مساعدة لجنة الانتخاب والفرز إذا كان لا يستطيع الكتابة، وذلك بالإفصاح عن اختياره شفوياً للجنة التي عليها أن تثبته بحيادية ونزاهة في ورقة الاقتراع، وذلك وفقاً لنص المادة السادسة عشرة من اللائحة، والجواز هنا مقرر في حق الناخب فإن استعمل هذا الحق وجب على اللجنة أن تقدم له المساعدة اللازمة.
4 - الحق في التفويض في ممارسة عملية الاقتراع بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة ممن لا يستطيعون الحضور إلى مركز الاقتراع، ويكون ذلك بموجب تفويض مصدق من لجنة الانتخاب والفرز، وفقاً للمادة السابعة عشرة من اللائحة ، ويلاحظ أن اللائحة لم تشترط ان يكون المفوض في مثل هذه الحالة من بين الناخبين لذلك يجوز - وفقاً لللائحة - تفويض اي شخص حتى لو لم يكن مقيداً في جداول الناخبين.
5 - الحق في الطعن والتظلم أمام اللجنة المختصة، وهذا الحق من أهم ضمانات سلامة وحسن سير العملية الانتخابية، والناخب هو أولى الأطراف بأن يحرص على نجاح هذه العملية لأنها تقوم بمجملها لتحقيق رغبته وترجمة اختياره في إدارة الشؤون العامة، وقد تم إقرار هذا الحق في المواد (25، 26، 27) من اللائحة كما تضمنته بشكل مفصل تعليمات الطعون والتظلمات الانتخابية.
6 - الحق في ممارسة حق الترشح لعضوية المجلس البلدي إذا توافرت فيه الشروط اللازمة، حيث اشترطت اللائحة لممارسة حق الترشح أن يكون مقدم الطلب مقيداً في جداول قيد الناخبين وذلك وفقاً للمادة الثانية عشرة من اللائحة..
7 - الحق في أن يكون وكيلاً عن أحد المرشحين إذا طلب إليه ذلك، وهذا الحق يعزز من دور الناخبين أنفسهم في مراقبة العملية الانتخابية، واستناداً لهذا الحق فإنه يجوز لأي ناخب أن يعترض على تعيين وكيل لمرشح ممن لم يتم قيدهم في جداول الناخبين.
التزامات الناخبين
يعتبر نجاح العملية الانتخابية مهم في الدرجة الأولى للناخب ومن واجبه أن يلتزم بما يحقق ذلك. إذ أن الالتزامات التي تقع على عاتقه منها ما يتعلق بضمان نزاهة العلمية الانتخابية ومنها ما يتعلق بحسن إدارتها وتوزيع أعباء الاستعدادات اللازمة لها، ومن أهم هذه الالتزامات:
1 - ألا يقيد أو يحاول أن يقيد اسمه في جداول قيد الناخبين أكثر من مرة، وقررت اللائحة هذا الالتزام في المادة الحادية عشرة، وينصرف هذا الالتزام إلى التقييد أو محاولة التقييد في دائرة انتخابية واحدة أو في أكثر من دائرة، حتى لو كان للناخب أكثر من محل إقامة، وعليه في مثل هذه الحالة أن يختار واحداً منها،
2 - أن يمارس حق الانتخاب بنفسه ما لم يكن من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يستطيعون الوصول إلى مقر الاقتراع، وممارسة حق الانتخاب بالنفس هو الأصل وهو الذي يتفق مع مباديء ومتطلبات الانتخابات لأن ممارسته بواسطة الغير فيه خرق للسرية كما قد يكون فيه مظنة عدم الحياد والخداع إذا لم يكن الشخص المفوض على مستوى عال من الأمانة،
3 - أن يلتزم بسرية الاقتراع فلا يرفع صوته بذكر اسماء مرشحيه أثناء ممارسة حقة بالاقتراع ولا يكتب اسمه على ورقة الاقتراع ولا يضع عليها اية إشارة تدل على شخصيته، وهذا ما نصت عليه المادة الخامسة عشرة من اللائحة حيث جاء فيها «يكون الانتخاب بالاقتراع السري...» كما أكدت ذلك المادة الحادية والعشرون التي نصت على أن «تعد باطلة جميع أوراق الاقتراع... التي تحمل أي علامة تشير إلى شخصيته أو تدل عليه،...».
4 - أن يلتزم بإجراءات الاقتراع المبينة في المادة السادسة عشرة من اللائحة التي نصت على أن «يسلم كل ناخب ورقة اقتراع بعد التحقق من شخصيته. وعلى الناخب أن يتجه إلى المكان المخصص للتصويت داخل قاعة الاقتراع، وأن يثبت اختياره على الورقة ويضعها في صندوق الاقتراع...». بحيث يحترم خط سير الإجراءات ويستخدم ورقة الاقتراع المسلمة له من قبل اللجنة ولا يستخدم أية ورقة خارجية وإلا اعتبرت باطلة عند الفرز وفقاً لنص المادة الحادية والعشرين من اللائحة.
5 - ألا يعلق صوته على شرط، لأن العملية الانتخابية هي وسيلة لتحويل أصوات الناخبين إلى مقاعد منتخبة تمثل مصالح الشعب في إدارة الشؤون العامة، وعملية التحويل لا يمكن أن تتم ما لم تكن الاختيارات محددة وباتة، حيث لا يمكن تعليق النتائج الانتخابية إلى حين التحقق من توافر الشروط التي علقت عليها الأصوات، كما لا يمكن تحميل الأجهزة الانتخابية عبء هذا التحقق، لذلك جرى العمل وفق المعايير الدولية على إسقاط مثل هذه الأصوات واعتبار أوراق الاقتراع التي تتضمنها باطلة، وهذا ما قررته المادة الحادية والعشرون، ووفقاً لمفهوم هذه المادة فإن الورقة تعتبر باطلة إذا تضمنت اي شرط حتى ولو تعلق الشرط بمرشح واحد فقط، لأن النص جاء مطلقاً ولم يفرق بين ارتباط الشرط بمرشح واحد وبين ارتباط الشرط بكل المرشحين في الورقة.
6 - ألا يختار عدداً من المرشحين يزيد عن العدد المراد انتخابه، كما جاء في المادة الخامسة عشرة من اللائحة فإذا خالف الناخب هذا الالتزام اسقطت إرادته واعتبرت ورقة الاقتراع باطلة.
7 - أن لا يخل بالنظام العام وتقاليد المجتمع، وأن لا يثير اي فتنة أو أي نزاع طائفي أو قبلي أو إقليمي، أو الإساءة إلى أي من الناخبين أو المرشحين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا التزام من أهم التزامات الناخب لأن الهدف من العملية الانتخابية هو توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة، ويجدر بالناخب وهو المستفيد الأول من هذه العملية أن يسعى بكل ما أوتي لتحقيق نجاحها وسلامة سيرها، من خلال المحافظة على النظام واحترام تقاليد المجتمع وأن يحرص على عدم إثارة فتن من أي نوع سواء بقصد أو بغير قصد حتى لا تتحول الانتخابات إلى مناسبة لتصفية الحسابات وإثارة النعرات كما يحدث في العديد من الدول الأخرى،
يتبع
.