سمو الامير مستقبلا المحمد قبيل الجلسة الاستثنائية
عبدالله السلمان وعلي البحراني وتهاني عيد:
تسارعت التطورات امس، فتحولت الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء، التي انعقدت ظهرا برئاسة صاحب السمو أمير البلاد وبحضور رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي، الى محطة لقرارات مهمة، في طليعتها استقالة حكومة الشيخ ناصر المحمد وصدور مرسوم بقبولها وتكليفها بتصريف العاجل من الامور، فيما لم تتخذ أي قرارات حول مجلس الامة، وان كانت الترجيحات وصلت في أقصاها الى ان قرار حله غير وارد الآن، او انه في حكم المؤجل بانتظار تطورات المرحلة الراهنة.
وجاء في كتاب الاستقالة أن بعض الممارسات السلبية التي أصرّ البعض على الاستمرار بها على حساب المصلحة العامة وعلى حساب التعاون المأمول بين السلطتين أدت الى تعثر مسيرة العمل الوطني وتعذر الانجاز المنشود، وتمثلت هذه السلبيات في الممارسة النيابية أبرزتها الاستجوابات المقدمة والتفرغ للمساجلات والمشاحنات وتسجيل المواقف بأي ثمن، امر كان
وسيظل محل استياء شعبي كامل، كما تحدث عن الاساءة في استعمال ادوات الرقابة والمساءلة. وتابع: كما برزت ممارسات جديدة وغريبة على مجتمعنا أثارت العديد من التساؤلات وفرضت جملة من المحاذير التي تحتاج الى التوقف عندها وأبرزها التشكيك في الذمم وكيل الاتهامات بالباطل والادانة بغير محاكمة وكذلك تهييج واثارة الشارع وزرع الفتن والبغضاء بين أبناء المجتمع بما يقوّض أمن الوطن واستقراره.
وتعددت الاتجاهات حول ما جرى داخل اجتماع مجلس الوزراء، غير ان بوادره كانت ظاهرة منذ ليل أمس الاول حين تم تسريب وتوزيع خبر استقالة ثلاثة وزراء هم هلال الساير وعبدالوهاب الهارون ومحمد العفاسي، وتفيد المصادر بأن عتبا شديدا وصل الى حد اللوم الكبير للوزراء الثلاثة على تسريب خبر استقالاتهم خارج نطاق الالتزام بالدستور وبمؤسسة رئاسة
الوزراء، وأجمعت المصادر على ان الاجواء كانت مشحونة وتعتريها حالة من الاحتقان السياسي، واعتبار ان الحكومة شهدت اختراقات ساهمت في استفحال الازمة السياسية بين السلطتين ومنع تعاونهما، وان هناك امتناعا غير دستوري من قبل احد الوزراء عن توقيع الطلب الى مجلس الأمة بخصوص رفع الحصانة عن نواب الاربعاء الاسود الذين اقتحموا قاعات المجلس،
وبالتالي فان الحكومة لا تعود ذات فائدة في اجواء التصدع التي تعتري صفوفها وفقدان العمل بداخلها كفريق واحد، وانما كفرقاء وولاءات وهو امر غير مرغوب في الوقت الراهن.
وفي الوقت الذي اعلن فيه امس، ان الاستقالة مقبولة، أفادت المعلومات عن اجتماع ليلي للأسرة يكون موضوع استقالة الحكومة والتطورات التي ستليه هو القضية الرئيسية على جدول
عمله، وسط تكتم شديد في المعلومات، عبر عنه رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي الذي قال بعيد عودته الى المجلس من اجتماع مجلس الوزراء انه لم يبلغ بحل مجلس الامة، «ولا اعلم عن استقالة الحكومة ولست مخولا بالاعلان عن استقالتها، بل الحكومة هي من يعلن عن ذلك»، ثم قال الخرافي لدى مغادرته في «دردشة» مع الصحافيين انه سيفتتح جلسة مجلس الامة
اليوم ثم يعلن عن رفعها مباشرة وقال: «لم يصلني كتاب رفع الحصانة ولا كتاب سحب الشكوى».
وهذا الكلام المختصر للخرافي زاد في درجة التكهنات عن مصير مجلس الامة اذ في الوقت الذي احتدمت فيه مطالبات المؤزمين بحله بل وذهب بعضهم الى اشتراط حكومة انتقالية للاشراف على الانتخابات الجديدة فان معلومات مناقضة نفت ذلك واكدت ان قرار حل المجلس قد يتم التفكير فيه اذا ما استمر التصعيد الشارعي على حاله خلال الايام العشرة المقبلة، وانعكست حالة
الشلل المقبل عليها مجلس الامة بالغاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقررا ان يعقده وزير التخطيط والتنمية عبدالوهاب الهارون بسبب تقديم استقالته.
وبعد شيوع خبر استقالة الحكومة انتشرت «السيناريوهات» وعلى شكل واسع جدا، حول من سيكون رئيس مجلس الوزراء المقبل، ورأى احدها ان هناك مطالبات مثلما قال النائب
روضان الروضان بدمج ولاية العهد مع رئاسة مجلس الوزراء. وتفيد معلومات موثوقة بأن سمو ولي العهد يرفض مثل هذا المنطق ويؤثر الابتعاد عنه مسافة طويلة في حين «رميت» اسماء كثيرة فوق طاولة التخمينات، بعضها تحدث عن استدعاء وزير الخارجية السابق الشيخ الدكتور محمد الصباح، او اعرب عن اعتقاده في ان يكون الرئيس المقبل احد الشيوخ
الشباب، او جرى الحديث عن النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، فيما انحرف عدد من النواب المؤزمين الى وضع اشتراطات ومواصفات مجددين تجاوزهم على صلاحيات صاحب السمو أمير البلاد، كما اعلنوا عن استمرار تحركهم واحتشادهم «بغض النظر عما جرى» حسب قولهم.
وتبقى كل هذه التوقعات مجرد احتمالات، فيما يتركز الهم السياسي، وعلى اعلى المستويات هذه الايام، على ازالة الاحتقان الموجود في الشارع وتذويب الازمة واعتماد الحوار والالتزام بالقضاء وبما سيصدر عنه من قرارات واحكام. |