.. الرجولة .. التي .. نريد .. مـــقـــــامــــة ..
الرجولة التي نريد
منازل الأبطال ، صعبة المنال ، لا تشترى بالمال والدنانير ، فهي بيد الغني والفقير ، وليس لها مع أحد نسب ، فلا تكون
إلا لمن بذل السبب ، ولا تعتمد على الأجناس والألوان ، فافهم هديت البر والإحسان ، لكن مع الأسف الشديد ، تغيرت
الأفهام لدى بعض العبيد ، فجعلوا من السفهاء ، مضرب المثل والإقتداء، وأصبح ميزان الرجولة ، منصباً على شنب
وفحولة ، حتى لو كان معه خلل وتقصير ، وإعراض عن شرع الله القدير ، فالبطل عندهم من جاهر بالفسق والعربدة ،
وظاهر الباطل على الحق وأيده ، والرجل في عرفهم من كان صاحب غنىً وترف ، ومال إلى أوتار العود وعزف ، وفي
نظرهم أن من ملك الدنيا ، كأنه ضمنت له الأخرى ، فلا ينظر أمن حلال أكل أو حرام ، نعوذ بالله من شر الختام ، لكن
الرجولة الحقيقية ، لمن كان حسن السجيّة، وخاف ربه ونهى النفس عن الهوى، وسلك سبيل الحق والهدى ، وخالط أهل
الهمم السامقة ، وبحث عن المراتب السامية ، وجعل قدوته رسول الله خير المرسلين ، من كان أتقى الناس لرب العالمين ،
كان التواضع حلته ، والصدق مقولته ، مقدام شجاع ، يأسر القلوب والأسماع ، لم يلبس الناعم من الثياب ، لأنه يرجو ما
عند الوهاب ، كان يصوم النهار ، ويقوم الأسحار ، متواضع من غير ضعف ، وقوي من غير عنف ، يقف مع المسكين
والأرملة ، ويختار من الحديث أجمله ، ويجلس مع الغني والفقير ، ويسلم على الصغير والكبير ، ومهما تحدثت وقلت ،
أجدني عن وصفه ما أنصفت ، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، فاتبع هديه فهو خير الطرق ، ومن أراد العز
والمجد في غير هذا السبيل ، فبشره الندم والخسران الطويل ..