مأساة عرعر كمأساة غزة بل أشد !!!
المتحدث إليكم ليس بفقيرٍ بحمد من الله ونعم الله عليه سابغة يعجز عن شكره سبحانه عليها وحاله لايختلف كثيرا عن عموم الناس في المملكة إلا أنه شاهد عيان رأى بعينه وسمع بأذنه وما سيتحدث به إليكم ليس ضربا من الخيال أو حكاية عن فقراء مدغشقر بل هنا بيننا نراهم رأي العين ونشاهدهم عيانا بيانا رمتهم الدنيا بسهم الفقر
وفتك الدهر بما تبقى من أموالهم وطعنهم الناس برمح المنية وعلى ما أصابهم من مصائب ورزئهم من الرزايا إلا أنهم أعزة ذوو شمم لايساومون على الكرامة ولايفرطون في الشهامة يرحبون بك وهم لا يمتلكون من فتات الدنيا قطمير ولايحوزون منها إلا على قطعة من خشب يوارون وراءها نساءا كالثكلى من الحزن وأطفالا صراخهم يملأ سكون المكان ولا تظنوا أنهم بكرامتهم وشهامتهم يمثلون مسلسلا بدويا أو مشهدا تاريخيا بل دفعوا ثمنا باهظا لاتعدله كنوز الأرض ولا درر البحر
بالله من يتخيل منا أن طفله أو طفلته يتضورون جوعا لايجد لهم كسرة خبز يسد بها رمقهم .... من منا يتخيل أن يرى أبناءه يرتجفون من البرد لايجد غطاءا يسترهم به أو لحافا يلتحفون فيه إن مأساتهم لو كتبت لكانت ضربا من ضروب الخرافات الكل يتخلى عنهم الكل يلقي المسؤولية على من بجواره نظر الناس يتجاوزهم إلى غيرهم بل حتى الدعاء لايدعون لهم ودولتهم أغنى دولة بسلعة النفط
صوتهم لا يسمعه أحد...بكاءهم لا يتعاطف معه أحد...محاصرون من كل جهة لا قريب يرئف بحالهم ولابعيد يندب مأساتهم إن أهلنا في غزة وجدوا من يبكي عليهم ويشجب ما أصابهم
إلا نحن لم نجد البواكي علينا لم نجد من يرسل لنا غطاءا كي يستر نساءنا وأولادنا... البرد قتل منا والجوع أوهن من عزائمنا وصوتنا الضائع في معمعة وجعجعة قومنا زادنا أسى على أسانا وقنوطا على فقرنا
كلما سمعنا صوت سيارة قلنا جاء الفرج وإذا بها دوريات تفتش عن مجرمين قتله بين أهل الصفيح كلما سمعنا صوت طائرة قلنا جاء الفرج وإذا بها طائرات يقول لنا البعض أنها ترسل إلى لبنـــان لم نصدق ما قالوا
ولم نفقد أملنا في حكامنا وأهل الصلاح من بني جلدتنا إلا أنهم أطالوا علينا الغياب وكل يوم يمر, نقول لعله يوم الغوث لعله نهاية المأساة ولكن إلى الآن لم يجبنا أحد نحمل هم الليل المظلم الذي يدق عظامنا وعظام أولادنا ببرودته
لا نستطيع حتى أن نتوضأ للصلاة كنا نسخن هذا الماء ببعض الحطب المتراكم من سنين حول بيوت الصفيح حتى نفذ فأخذنا نوقد من خشب بيوتنا حتى لم يعد يسترنا إلا بعض الغريفات نتلملم بها من قرصات البرد القــارص نعتب على الكل ونحمل المسؤولية الجميع لم نكن نظن أنّا حقراء في أعينكم إلى هذه الدرجة نحن نجزم بأننا فقراء ولكن ليس بيننا من الحقراء أحد نحن نستطيع أن نمد أيدينا للناس ونتسول في الشوارع والطرقـات ولكن نفضل الموت الأحمر
والبلاء الأزرق على هذا ولو متنا واحدا تلو الآخر والكبـار بأثر الصغـار والرجـال تبع النساء فلن تجدونا يوما من الأيـام نمد أيدينا لكم أو نستدر عواطفكم بجاه عزتنا
أنتم تعرفون فضل الصدقه ولكنكم تعجزون عن فعلها إهتماماتكم تتجاوزنا كأنها لم ترانا وهي تنظر إلينا أموالكم يبذلها فاسدكم إلى الفساد وأما الصالح منكم فهو مغرم بالذي لا يستطيع عليه ويتمنى أن لو استطاع أن يبذل على من حيل بينه وبينهم ولكن من يستطيع أن يتصدق عليه فإنه زاهد به يظن أن فضل الصدقة فقط لأهـل فلسطين !!!
فاتقوا الله فينا ألم تسمعوا وتقرؤوا أن الأقربون أولى بالمعروف وأن فضل الصدقه على المتعفف خير منها على المتسول فهل تقرون بأنكم من الجهلاء الذين يرون الفقراء أغنياء من التعفف
هل هناك شيء مثير لكم؟
هل الجرح النازف يثير النخوة فيكم؟
هل البرد الذي قتل من أبناءنا يشجعكم على البذل؟
ماذا بعدالموت ؟
هل هناك أعنف وأقسى من أن تموت فتاة من البرد أو طفل من الجوع ؟
ونحن نرى خيركم إلى غيرنا وبذلكم إلى سوانا بل حتى دعاءكم لاتذكرونا به والذي لم نكن نتوقعه هو أن نرى الخير كل الخير يذهب بعيدا عنا فنتمنى لو كنا مكان البعداء كي ينالنا منكم خير من هذا الخير وعطف من هذا العطف
فإلى من نشكوا وإلى من نكتب مصيبتنـــــا والكل مشغول بقضية ليست بأهم من قضيتنا وبأناس ليسوا بأكرم ولا أزكى منا هل نشكوا للوحوش التي تلم بنا كل ليلة باحثة عن فريسة لها ؟
أم نشكو إلى الصخر فلعلنا نجد لدى الصخر اللين ولعلنا نجد عند الوحوش الرأفة والرحمة
مشـــاعــل قتيلة البرد ..هل تعلمون ماسبب قتلهــا إنها لم تنم في غطاء كأغطيتكم ولا فراشا كفرشكم كانت ترجف من قبل أن تموت بيوم كامل كما يقول أبوها حتى بدأ وجهها بالشحوب وجلدها يزرقّ وعروقها أبت أن تحمل الدم إلى قلبها ثم ..............ثم .............ثم مــاتت
إنها ماتت من شدة البرد ماتت وأمها بجانبها ماتت وأبوها ينظر إليها ماتت لأنها لم تجد غطاءا واحدا يدفع البرد عن جسدهـا النحيل
ثم بعد ذلك شكلت لجنة للبحث عن سبب مقتلها فهل تعلمون ماالذي قالوه إنه لشيء محزن ومفجع لايطيقه عقل عاقل
ولا يرضاه دين قالوا بأنه لم يكن هناك سبب إجرامي لموتها وإنما ماتت من البرد ؟؟؟؟
فوالله لو قالوا الأولى لكانت أهون من الثانية هـل هي نعـجة كـي تموت وتستبدل بغيرها ألا تنظرون إلينا كبشـر مثلكم لنا مشاعر ولدينا أحاسيس نبكي الدمـع حتى جفت مآقينا
حبيبتي مشاعل لعل الموت خير لكِ لعل إزهاق البرد لروحك أجدى وأنفع ممن أن تري هـذا الإحتقار والإزدراء بالبشر
عذرا يامشــاعـل إنكِ لسـتِ من أهل لبنـان كـي تجـدي التعـاطـف ممن ضاق بالمال ذرعا
إنكِ لستِ من أهل غـزة لنتعاطـف معك ونسمع الدهر لجاجنا وحجاجنا
إن ذنبك الوحيد أن أهلكِ لايرضـون الدنية ولايسألون النـاس إلحافـا فإلـى جنان الخلد
يامــن لابـواكــــــــي عليـهـا إلا والـديـهـا إلى جنان الخلد
ملحوظــــــــــات :
1 ـ مامضى من مقـال هو لسان حــال فـإن لـم ينطق به الكثـير فأنـت تراه بأعيـنهم وفلتـات ألسنتهم وحـديث صبيانهم...وبالمناسبة هذه الأيــام تتعرض المنطقة لموجة صقيعٍ أخرى يبدو أنها أشد من سابقتها
فعلى من الدور الآن من صبيان الصفيح ؟
2 ـ جاءت إعانات من المـلك ـ حفظه الله ـ وسأقولها صريحة صحيحة
لم توزع توزيعـا عادلا بل لعبت الواسطـة وإنعـدم الشـرف لدى البعض
حتى بات الفقراء صفر الأيدي من حقهـم الذي أتـى من والد الجميع
وأيضا الإعلام لم ينقـل الصورة الحقـيقة لما يحدث ولكني أختصـرها لكـم بكلمة "إنـهـا مـأسـاهـ"
3 ـ المسؤولية لا يتحملها شعب المملكة بل يتحملها من جعل فقرا مدقعا لبعض المناطق
وثراءا فــاحشا في منــاطق أخرى
كتبت المقـال علـى ضـوء الشمـس الخافت فقد حجـبـتها سحـب حمـراء وريـاح عاتيـة صفراء
والكهـرب لاينقطـع لدينا إلا بأحلـك الظـروف وأقسـى المـواقف ...لكـم الله ياأهـل الصفيـح كيـف تمسـون
في هـذه الليلـة الشاتيـة المظـلمة التـي لايسمع فيـها إلاعواء الرياح وحفيـف الأشجار المقـلوعـة من أمكنتهـا بفضل الريـاح التي تبلغ سرعتها 60 كيلا في الســاعة
لكم الله
اللهم هل بلغــت اللهم فا شـهـد
اللهـم فلا تؤاخـذني إن أخطـأت من حيـث إرادة الإحسـان
ولا أن أسأت من حيث إرادة الصـواب
اللهـم كـن لإخواننـا من أهل الصفـيح
اللهــم فأطعمهم
اللهـــم فاكسهم
اللهــــم شافِ مرضاهم
وصــلى اللــــه علـى نبيـــنا محمــــد
قـــــــالهـ كـــــــاتبهـ
أبـــــــو تــمــيــمـ الصـــــــــقــــــري
