وقفات مع رسائل الجوال....
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه الميامين أما بعد ،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ....
بادئ ذي بدء أرجو من الإخوة المشرفين على المنتدى حذف كلمة ( الشيخ ) من معرّفي لأنهم كتبوها لما كنت أجيب على الأسئلة في المنتدى الشرعي ،
أما ما أريد الحديث عنه في هذه العجالة هو أمر اشتهر عند كثير من الناس وهو ما يتعلق برسائل الجوال التي كثرت في هذه الأيام مثل رسائل البلاك بيري والواتس وغيرها ،
ولا يخفى على مسلم أن هذه الرسائل سلاح ذو حدين ، إن استخدمت في الخير فهي خير وإن استخدمت في الشر فهي شر ،
ويمكننا تقسيم هذه الرسائل إلى أقسام :
1- رسائل تحايا وسلام و تآخي وتفقد واطمئنان ووو...ألخ من الرسائل التي يعسر حصر آحادها واكتفيت بذكر أمثلة لها ، وهذه الرسائل مباحة إن شاءالله ، وقد تصل إلى درجة الاستحباب إن كانت وسيلة لهدف مقصود فالوسائل لها أحكام المقاصد ، فمثلا رسالة ود وفيها شعر حسن ترسلها لأخ لك مسلم فتدخل السرور على نفسه فهذه تؤجر عليها لأن إدخال السرور على أخيك المسلم من أفضل الأعمال كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
2- رسائل تشتمل على الخطأ والمنكر كالسب والشتم والغيبة والنميمة والتشهير والتعيير والكذب (ما يسمونه بالنكت ) وتشتمل ربما على مقاطع سيئة ومناظر كريهة من تهتك وعري وغيرها مما يعسر حصرها فهذه لا شك في حرمتها ، لما اشتملت عليه من الحرام والباطل ، وأنصح إخواني قبل كتابة أي رسالة في الجوال أو إرسالها النظر فيما كتبوه ، وهل يحب الواحد منا أن يرى ما كتبه في صحيفة أعماله ؟ وهذا ينطبق على كل كاتب ومكتوب وليس محصورا في كتابة رسائل الجوال فحسب ،
3- رسائل تشتمل على علم وعمل ودعوة ونصيحة ونعي وتذكير وموعظة واستفتاء وإفتاء بل تشتمل على آيات وأحاديث وآثار وحكم وغيرها مما يعسر حصره ، وهذا القسم انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام ، طرفان ووسط ،
الطرف الأول:
طرف مفرّط (بفاء مفتوحة وراء مشددة مكسورة )...كحاطب الليل ، يرسل كل ما يأتيه في جواله بنية الخير ، فقد يرسل الصواب وقد يرسل الخطأ وقد ينشر السنة وقد ينشر البدعة ، قد ينشر الصدق وقد ينشر الكذب الذي يبلغ الآفاق ، فهذا وإن كان له نصيب من الصواب إلا أن أصل فعله خطأ ، جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ،، ومعناه أن الشخص قد يسمع من الناس الصدق والكذب فإذا كان سينقل كل ما سمع فإنه سينقل الكذب الذي سمعه من الناس !
فهذا الطرف مخطئ في اجتهاده وإن كانت نيته طيبة وحسنة ، فالنية لوحدها لا تكفي بل لابد من صلاح العمل وإصلاحه ،
الطرف الثاني:
طرف مفرط ( متشدد ) فكل رسالة فيها علم أو عمل أو تذكير أو وعظ أو أي خير فإنها عند هذا الطرف بدعة وضلالة وجهل وكذب ، فيكيل لها الذم والتحذير والتبديع والتحريم ، دون أن ينظر فيها أدنى نظرة تمعن أو تفحص ، فهذا الطرف مخطئ في اجتهاده وإن كانت نيته طيبة وحسنة ،
الثالث:
الوسط ،
وهذا القسم لم يكتب في جواله ولم يرسل إلا بعد أن تفحص وتمعن وتثبت في الرسائل ، هل هي عبادة أو عادة أو وسيلة إلى عبادة أو بدعة ، فإن نطق تكلم بعلم ، وإن صمت سكت بحلم ،
وأضرب لذلك أمثلة وبالمثال يتضح المقال ،
1- رجل كتب إليك رسالة نصها ( أخي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، غدا هو يوم الجمعة ، وأذكرك بما روى أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لحمران بن أبان ما منعك أن تصلي في جماعة ؟ قال قد صليت يوم الجمعة في جماعة الصبح ، قال : أو ما بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة ؟ وإسناده صحيح ) فهذا المثال وما كان على نسقه من التعاون على البر والتقوى ، فالرسالة في هذه الحال وسيلة للتذكير كما أن الرسالة تكون في الدعوة إلى الإسلام كما في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم للملوك كرهقل وكسرى وغيرهما ،
2- رسالة من والد لولده رآه يلعب في وقت الصلاة ( يا بني اتق الله واترك اللعب واذهب إلى الصلاة مع جماعة المسلمين ) هذه الرسالة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ويالها من عبادة عظيمة ،
3- رسالة تذكير ووعظ ، يا أخي أرسلت لك سورة الملك كاملة ، فهي المنجية من عذاب القبر ، وقد جاء في سنن الترمذي وغيره عن جابر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينام حتى يقرأ الم تنزيل (السجدة ) وتبارك الذي بيده الملك ، ..... فهذه الرسالة فيها الدلالة على فعل الخير وقد جاء في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل أجر فاعله ، وكذلك جاء عند الطيالسي الدال على الخير كفاعله ، فهذه من أفضل الرسائل والوسائل في نشر العلم النافع والعمل الصالح ، وبعضهم يكون عنده قروب يرسل لهم كل يوم أو أسبوع سورة أو سور من القرآن يذكرهم بتلاوتها ويحثهم على عدم التشاغل عن القرآن الكريم فهذا من أعظم القربات إلى الله تعالى ، ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )
4- ومن الرسائل المحرمة والخطيرة نوعان اثنان ، نوع فيها أحاديث مكذوبة وموضوعة وضعيفة و(((منامات ورؤى وأحلام يريدون أن يسير الناس عليها)))، وهذه لا تصدر إلا من جاهل أو مغرض يريد أن يفسد على الناس دينهم ، ونوع منها يجعل العبادة على كمية أو كيفية ما أنزل الله بها من سلطان مثل أن يقول قل سبحان الله وبحمده عشرا وأرسلها إلى عشرة أشخاص وأحيانا يقول صاحبها ستسمع خبرا سارا إن أرسلتها ! وستسمع خبرا سيئا إن لم ترسلها ، وأحيانا يعزو ذلك للتجربة أن شخصا أرسلها ورزقه الله مليار وشخصا حذفها مات ابنه ووووو ... والجنون فنون ،، وأحيانا يحضر الحاسبة ويقول قل لا إله إلا الله عشر مرات وأرسلها لمائة والمائة سيرسلونها إلى ألف والألف إلى عشرة آلاف ويبدأ يضرب ويطرح ويجمع ويقسم والنتيجة سيكون في ميزانك يوم القيامة ديشليار (أظنه 63 صفر ) وأحيانا فلان رأى في المنام كذا وكذا وعليكم أن تفعلوا وتفعلوا وووووو.....وآخر من هذه الأشكال يعسر حصرها ...
الخلاصة :
1- لا ترسل إلا ما عرفت وتأكدت من صحته وثبوته ،
2- إذا أشكل عليك أمر الرسائل فابحث بتجرد واسأل ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )
3- لا تأمر إلا بعلم ولا تنكر إلا بعلم ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين لا يفترون على الله الكذب لا يفلحون )
4- وما من كاتب إلا سيفنى .... ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ..... يسرك في القيامة أن تراه ،
والله أعلم
ومعذرة للإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أخوكم/سامي الواكد ،
