[COLOR="Black"]
وتتوالى الشبهات في مقال الكاتبة, مصبوغة بألوان من المفتريات, والتلفيقات. فتقول: مشيرة إلى ما روته أم سليم رضي الله عنها ( أم أنس بن مالك , وزوجة أبي طلحة رضي الله عنهم ) قالت: ( وكان – أي النبي صلى الله عليه وسلم – يقيل عندي – على نطع ). والنطع : هو الجلد المدبوغ.
فتقول الكاتبة معبرة عن هذه الرواية بألفاظها التي تناسب مرادها, وما ترمي إليه، تقول:( وكان يدخل على أم سليم في غياب زوجها, وينام في فراشها, بدون ريبة). فهل في رواية أم سليم ما يدل على أن أبا طلحة كان غائباً ؟
وهل فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في فراشها ؟ أم على نطع في بيتها؟
إن الكاتبة بهذا التعبير تصور مشاهد السيرة النبوية العطرة, وكأنها بعض أفلام هوليود, ولا تعجب, فهي تدعو إلى هذه الأجواء الليبرالية المنفلتة من القيود الأخلاقية, وما عليها أن تقول في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ما تشاء, فهي إنما تمارس الحرية من قيود التعبير والأمانة العلمية وهي نوعٌ من الحرية اللا أخلاقية التي ينادي بها المقال. ولم يبق إلا أن تدعو الرجال إلى أن يأتوا النساء في غياب أزواجهن, ويناموا في فرشهن, فلعل هذه عندها سنة. نعوذ بالله من الخذلان.
ثم تعرج الكاتبة على الصحابية الجليلة أم شريك التي عرفت ببذلها وعطائها للفقراء والمحتاجين, وكانت ذا مال, فكانت تعد الطعام في بيتها, فيأتي الفقراء ليطعموا حاجتهم, كما عرفت بكراماتها التي منَّ الله بها عليها, ومن ذلك نزول دلو من السماء لما أجهدها العطش بسبب تعذيب قومها لها, حتى ارتوت منه ثلاث مرات, فكان سبباً في إسلام قومها.
وكان لها عُكَّة من السمن تهدي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فطلبها صبيانها يوماً ولم يكن في العُكَّة شيء فقامت إليها لتنظر, فإذا هي تسيل, فأكلوا منها حيناً.
هذه الصحابية الجليلة تريد أن تصورها الكاتبة على أنها امرأة تستضيف الرجال في بيتها, وتخالطهم, مع أنها لا زوج لها. وتستشهد بقصة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها حين أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت أم شريك, ثم قال: إنها امرأة يغشاها الرجال فاعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه أعمى لا يراكِ. فقوله صلى الله عليه وسلم: (يغشاها الرجال) المقصود بهم الفقراء المحتاجون من الصحابة الذين يأتون إلى طعام تعده في بيتها. وليس فيه أنها تقابلهم، أو تخرج سافرة إليهم .
وأما حديث فاطمة بنت قيس فإنه حجة على الكاتبة, فلو كان للمرأة أن تخالط الرجال, أو أن يروها, لأذن لفاطمة بنت قيس بالبقاء في بيت أم شريك. وقد علل صلى الله عليه وسلم اعتدادها في بيت ابن أم مكتوم بأنه أعمى لا يراها. فلا حجة للكاتبة في ذلك بل الحجة عليها.
زد على ذلك أن الكاتبة نصبت نفسها للمحاماة, عن امرأة سبعينية – كما تقول- وجدت مع شاب في خلوة, حيث كانت تسكن معه فترة طويلة, وهي أجنبية عنه, فحكم عليها القضاء بأربعين جلدة, وسجن أربعة أشهر, وتسفيرها إلى بلدها. فثارت ثائرة الكاتبة لهذا الحكم, وصبت جام غضبها على القضاء الشرعي،
وعلى ( أولئك النفر أو الثلة- كما تقول- الذين يحتجون بأحاديث أثبت علماء الدين بطلانها أو ضعفها أو زورها(هكذا), فإلى متى يسيء أولئكم استخدام الدين لغاياتهم الشخصية على حساب تردي مجتمعاتهم,-والكلام لها- ثم تقول: لا أدري كم نسبتهم ولكنهم موجودون في كل زمان ومكان) .
ولم تورد الأحاديث, ولا كيف أبطلها علماؤها, ثم إنها لا تدري كم نسبتهم ولكنهم موجودون, كما تقول. بمعنى أنها ومن معها كثير, وأما علماء الدين وسائر المجتمع الذي يتلقى عنهم العلم والدين فقليل, سبحان الله كم يزري الغرور بأهله, حتى يجعلهم للخلق عبرة.
إنه من المعلوم أن الخلوة المحرمة على هذا النحو تستوجب العقاب شرعا, وهو ما حكم به القضاء, فلماذا تكابر الكاتبة وترفض الحكم الشرعي في هذه المرأة أو غيرها. بل تدعي بأنه ليس في الإسلام نص يقول بذلك؟. أبلغت إلى هذا الحد من الرسوخ في الجهل والمكابرة؟.
إن هذا الفكر الليبرالي الماسوني الذي بدأ يظهر في بلادنا, يجب على ولاة الأمر وعلماء الأمة, وجميع أفراد مجتمعنا المتمسك بدينه وعقيدته, أن يخرجوه من بين أظهرنا, وأن يواجهوه بالعلم الصحيح, والعقيدة السليمة, والرفض القاطع- وهو مقتضى واجبنا نحو ديننا, وأمانتنا نحو أمتنا- حتى يعيدوا أصحابه إلى منتدياتهم في الغرب, أو إلى دينهم وعقيدتهم بالتوبة النصوح.
نسال الله أن ينصر أولياءه, وأن يخذل أعداءه, وأن يهيئ لهذه البلاد, وولاتها, وأهلها, أمراً رشداً.
مواقع النشر (المفضلة)