كيف ستغير امريكا مناهجنا

أعد مجموعة من الخبراء السياسيين الأمريكيين البارزين الذين أطلق عليهم (مجموعة ال 19) تقريرا مهما تم رفعه إلي جهاز الأمن القومي الأمريكي تضمن إعداد دراسة هامة حول ما أسموه 'بمفهوم الجوانب النفسية' 'للإرهاب الاسلامي'.
وقد انتهت هذه المجموعة من اعداد دراستها شاملة توصيات متعددة تم رفعها إلي الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي وافق عليها.
أكدت الدراسة التي تنفرد 'الأسبوع' بنشر ملخص لها علي أهمية الجانب النفسي للأفعال 'الإرهابية' للعرب خاصة والمسلمين عامة.
وحذرت الدراسة من أن انطباع الصور السلبية عن الولايات المتحدة والعلاقة بينها وبين 'إسرائيل' هو الذي شكل البذرة الأولي للأفعال 'الارهابية' العربية والاسلامية.
وقالت الدراسة انه بات من الضروري الآن ايجاد صيغة ملزمة للتعاون بين الدول العربية والولايات المتحدة في تغيير مناهج التعليم والسياسة الاعلامية والقبول بأدوار مشتركة بين الطرفين.
وتري الدراسة ان الناحية الأهم من وجهة النظر الأمريكية تتمثل في تغيير المناهج التعليمية التي تحض علي كراهية اليهود والعالم الغربي تحديدا، خاصة أن هذه المناهج تدعو صراحة إلي القيام بأفعال ارهابية من خلال تدريس مواد تحض علي مفهوم يدعي 'الجهاد'.
وتقول الدراسة ان هذا المفهوم الجهاد يحرض المسلمين علي قتل انفسهم في مقابل تدمير وارهاب كل ما هو غير مسلم من اليهود والمسيحيين، وأن هذا المفهوم هو الذي يعكس الواقع في 'إسرائيل' لأن 'الارهابيين' الفلسطينيين علي حد وصف الدراسة يتعلمون في معتقدساتهم ان من يقتل علي هذا النحو ينال رضا الله ويوفر له مكانا آمنا بعد موته.
وتري الدراسة ان القضاء علي الآثار السلبية النفسية للارهاب العربي لابد وأن يبدأ من المراحل الأولي من التعليم الأساسي، وإلا فإن الحملة الدولية التي نقودها الآن ضد 'الارهاب' لن تكون سوي 'مسكن وقتي' للقضاء علي الارهابيين لمدة 5 أو 10 سنوات قادمة، ولكن ستظهر حقبة جديدة بعد ذلك يكون فيها 'الارهابيون' العرب اكثر شراسة وعنفا من الجيل الحالي.
وتشير الدراسة إلي القول: انه من واقع الدراسات والاحصاءات فانه كل 15 عاما تظهر مجموعات جديدة من الارهابيين تحمل خصائص أكثر عنفا ودموية من المجموعات التي تسبقها، وأن هذه الدورة الدموية زادت وضوحا منذ عقد السبعينيات ولكنها تواجدت فعليا منذ التسعينيات.
وتقول الدراسة: إن مصر تعد المورد الرئيسي للافكار 'الارهابية' العملية وتشكيل الخلايا الارهابية، وانه من خلال مصر تتوزع هذه الخلايا لتنتشر أولا في البلدان العربية ثم يعقبها القيام بأفعال ارهابية ضد المصالح الغربية.
وتشير الدراسة: إلي أن هذه الدورة الزمنية (كل 15 عاما) تخضع بالاساس لعوامل نفسية متعددة يأتي في مقدمتها الكتاب المقدس للمسلمين 'القرآن ' ويتضح أن هناك صعوبات عملية في مطالبة الحكومات العربية بتغيير القرآن، ولكن هناك العديد من المرجعيات الدينية يمكن أن تقوم بتفسير القرآن تفسيرا مختلفا يساعد علي تنفيذ المطالب الأمريكية.
وتري الدراسة أن التأثير الأكبر في الدول العربية والإسلامية ينبع من مصر والسعودية تحديدا، في حين أن أدوار الدول العربية والإسلامية الأخري هامشية وفرعية، وأن السعودية يمكنها أن تلعب الدور الرئيسي من خلال ثقلها الديني في المنطقة ووجود الأماكن المقدسة للمسلمين بها في حين أن مصر ستلعب الدور الأساسي من خلال انها بلد الأزهر وأكبر دولة عربية تموج فيها صراعات من الأفكار الدينية بين عدة مجموعات مختلفة، كما أن المصريين يميلون إلي التدين بطبعهم.
تقول الدراسة نحن لن نستطيع أن نغير من فحوي القرآن ولكن علينا التدخل لإفراغه من مضمونه.
وتطرح المذكرة عدة توصيات تطلب من الإدارة الأمريكية وضعها موضع التنفيذ وابرزها:
1 ضرورة الزام أصحاب المراجع والمسئوليات الدينية بالتركيز علي الفروع المتعلقة بالطقوس الدينية والعبادات والعمل علي أن يظل دور الدين محصورا في العلاقة بين الفرد وربه دون أن يتطرق الأمر إلي أكثر من ذلك، مع السعي إلي ابعاد المسلمين عن أي دور حضاري أو سياسي أو نضالي.
2 ضرورة أن يكون هناك تدرج في تغيير المناهج التعليمية بمصر والبلدان العربية وأن يشمل هذا التدرج.
أ مرحلة التعليم الابتدائي بحيث يتم تغيير محتوي المادة الدينية ليطلق عليها 'الثقافة الدينية' والهدف هو اعطاء صورة ايجابية عن الفضائل الأساسية للديانات اليهودية والمسيحية والإسلام والتأكيد علي دور كل الأديان في بناء الحضارة الإنسانية، علي أن يمتد التغيير والتبديل إلي مناهج اللغة العربية خاصة فيما يتلعق بموضوعات المطالعة والنصوص الأدبية، بعد أن لوحظ أن هذه النصوص تحض علي كراهية الآخرين، وتصور العربي بصورة المقاتل الشرس وتحض الأطفال علي تذكر تاريخهم الدموي في الحروب ضد الآخرين، مما يدفع هؤلاء الأطفال إلي عدم التعاون مع من يسمونهم أعداء.
وتقول الدراسة في هذا الصدد إننا سنوافق علي بعض موضوعات المطالعة عن حب البلد والوطن ولكنه بالشكل الجمالي الذي يرسم الطبيعة العامة لبلادهم، وسوف نحذف كل ما يثار من موضوعات أو نصوص أدبية وتاريخية هدفها بث الكراهية تجاه الغرب وكل ما هو أمريكي وأوربي أو حتي ما يخص دول الحوار 'والأمر مفهوم هنا فالمقصود هو إسرائيل'.
وتري الدراسة ضرورة تغيير مناهج التاريخ، وأن أفضل ما يتم التركيز عليه هو تاريخ الثورات العلمية في العالم، وكيف انتقل تطور الإنسان من مرحلة إلي أخري، والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في المراحل الأولي لحياة الإنسان ومدي تطور هذه العادات والتقاليد دون التطرق إلي ما سمي بمراحل الاستعمار أو تقديم القتلة علي أنهم أبطال وشهداء، بل يجب ترسيخ ايجابيات الحضارة الغربية ودورها الرائد لدي الشعوب العربية والإسلامية.
وهذه المفاهيم يجب أن تمتد إلي المدرسين والرواد المسئولين عن التعليم بحيث يجري استقطابهم وحل مشاكلهم واتاحة الفرصة امام بعضهم لزيارة الولايات المتحدة حتي يمكن محو آثار العداء النفسي لهم تجاه السياسة الأمريكية بحيث يستطيعون التأقلم مع المفاهيم الجديدة حتي يتمكنوا من تربية التلاميذ تربية سليمة بعيدة عن لغة العداء والرؤي التاريخية غير الصحيحة لطبيعة العلاقات بين الغرب والعرب والمسلمين.
أما بالنسبة لمرحلة التعليم الإعدادي فالدراسة تري بتواصل مراحل التطوير والتغيير الذي تم البدء به في المرحلة الابتدائية ولكن في هذه المرحلة سيتم التركيز علي المحتوي العلمي واكتساب المعارف والمهارات العالمية الجديدة والقاء الضوء علي ابرز الانجازات العالمية التي تحققت.
أما بالنسبة لمحتوي المناهج الدينية في هذه المرحلة فسيطلق عليها 'حوار وتفاهم حضارات العالم' وحول هذا المفهوم ستكون الدراسة في هذه المرحلة حيث سيجري التركيز علي أن حضارات العالم هي صاحبة رؤية مشتركة في بناء الإنسان، وأنه لابد من التزام الإنسان بالاخلاقيات القائمة في كل حضارات العالم.
ويجب أيضا التركيز في هذه المناهج الدينية الجديدة علي إلغاء ما يتعلق بمفهوم 'سلم أولويات الحضارات' أي لا يجب ان تدعي حضارة تفوقها علي حضارة أخري، فكل الحضارات يجب أن يكون واضحا أنها متساوية في نفعها للبشرية، وأن المعيار الأساسي لتميز حضارة ما عن أخري هو مدي قدمها وحداثتها وان الحضارات القديمة هي التي شكلت البنيان الأولي للحضارات الحديثة.
وفي هذه المرحلة تقول المذكرة يجب أن تكون اللغة ا لدينية مبنية علي العقل والمنطق لا علي النقل والتبعية للكتاب المقدس بدون تفكير، وهذا في حد ذاته سيمثل اسهاما كبيرا في منع هؤلاء الصبية من الانخراط في التيارات الإرهابية الشاردة.
وتقول الدراسة الأمريكية إن القوة التي اكتسبتها الجماعات 'الإرهابية' في مصر والسعودية والجزائر هي نجاحها في غرس مفهوم النقل والتبعية للكتاب المقدس وللأحاديث الشريفة والغت تماما مفهوم العقل والمنطق.
وتقول الدراسة إن الإنسان يتعرض في هذه المرحلة الإعدادية لجملة من المتغيرات الفسيولوجية الكبري، وهذه المتغيرات أما أن تكون لصالح بناء إنسان متعاون تختفي لديه النزعات العدوانية تجاه الآخر واما أن تكون ضده في زيادة هذه النزعات بحيث يتحول الأمر إلي مشروع إنسان إرهابي قابل للانفجار.. ولذلك فإن تدخلنا القوي في هذه المرحلة سيولد المزيد من النجاحات المهمة للقضاء علي الأساس النفسي للإرهاب.
اما عن المرحلة الثانوية فيعترف المشروع الأمريكي أن هذه المرحلة ستكون الأولي من نوعها التي تدرس فيها موضوعات دينية خاصة بكل أصحاب ديانة علي حدة، ففي الصف الأول سيتعلم الطلاب المفاهيم الأساسية لدياناتهم خاصة من ناحية العبادات وكيفية ادائها وشروط الأداء وفائدة هذه العبادات، وفي السنة الثانية يدرس الطلاب بعض القصص التاريخية عن الانبياء، وفي المرحلة الثالثة تكون هناك نظرة فاحصة واعادة تقييم عقلانية لبعض الأخطاء الدينية الشائعة حول عدوانية الدين الإسلامي والعلاقات مع الأمم والشعوب الأخري، والتآخي بين أصحاب الحضارات، ونفس المفاهيم يجب أن تمتد إلي كتب التاريخ والمناهج الأخري بحيث يتم دراسة ما يتعلق بآثار الحربين العالميتين الأولي والثانية علي البشرية وكذلك يتم تدريس الرؤية المستقبلية للتعاون بين الأمم والأفراد المتباينين في اتجاهاتهم وانتماءاتهم الدينية.
ولم تخل الدراسة من الاشارة الي المناهج الجامعية والتأكيد علي ان المناهج الدينية لا وجود ولا اثر لها في الجامعات، مع الاشارة الي ضرورة ان تتشكل مجموعات طلابية للتعارف والتعاون مع مجموعات طلابية من دول العالم الأخري وفي المقدمة منها الولايات المتحدة، حيث سيطلق علي هذا البرنامج 'برنامج التعاون الجامعي'.
وفي هذه المرحلة تقول الدراسة: يجب ترسيخ النمط الاستهلاكي الأمريكي والاطلاع بنوع من الروية علي افضل النماذج العربية التي تحاكي النموذج الأمريكي واعطاء أفضلية لهذا النموذج وامداده بما يحتاج إليه ماديا ومعنويا.
وتركز الدراسة الأمريكية ايضا علي ضرورة الاعتماد علي فكرة 'التأويل واستحداث لغة دينية جديدة' في كل مبادئ واساسيات الدين الاسلامي في التعامل مع العالم الغربي خاصة الولايات المتحدة. والتأويل هو نمط من التفكير سائد لدي العديد من المجتمعات العربية ويهدف إلي اعطاء تفسير أو معني محدد لأنواع عديدة من المسائل التي لا تتصل بالعبادات وانما التي تحض علي الكراهية والعنف والانتقام، وان التفسيرات الدينية التي سيعتمد عليها في هذه التأويلات لابد وان تكون ايجابية حتي يتم تعميمها بالقدر الذي تختفي معه كل الافكار السلبية الأخري.
وتشير الدراسة الي ان الافكار الأمريكية المطروحة لابد ان تتم في اطار العلاقات الاستراتيجية الاساسية بين الولايات المتحدة والدول العربية، وأن هذا المحتوي لابد وأن يتم التأكيد عليه في اطار مكافحة الارهاب الدولي بل ولابد أن يمتد هذا الأساس الي عقد اتفاقات ثنائية مع دول عربية أخري إذا لم يكن هناك التزامات استراتيجية مشتركة، ولذلك يجب رفض اية احتجاجات من قبل البعض علي هذه السياسة الأمريكية الجديدة بادعاء أن ذلك يمثل تدخلا في مسائل السيادة الوطنية لهذه الدول.
وأخيرا تدعو الدراسة الي ضرورة مقاومة ورفض قيام الدولة الدينية في الشرق الأوسط لأنها تمثل مرتعا اساسيا لنمو الجماعات والتيارات الارهابية، كما أن هذه الدولة ستقوم بتركيز مناهجها التعليمية علي الدين الاسلامي ومن خلال القرآن والاحاديث الشريفة ولذلك تبقي ايران والسودان من الدول التي يجب اسقاط انظمتها، كما يجب التدخل بشدة لاجبار السعوديين علي التخلي عن تطبيق الشريعة الاسلامية في البلاد.
وهكذا رفعت الدراسة إلي الرئيس بوش فصدق عليها، لكنه قرر تأجيل ابلاغ الدول العربية بها وإلزامها بالتنفيذ إلي ما بعد ضرب العراق وتغيير نظام الحكم حتي تجد الأنظمة العربية نفسها مرغمة علي القبول بتنفيذ التوصيات كاملة أو ان المتغيرات التي ستطال دولا عديدة في المنطقة بعد اسقاط الحكم في العراق من شأنها ان تدفع بتنفيذ المخطط بأكمله من خلال عناصر تدين بالولاء للسياسة الأمريكية.
منقول