تحيات طيبات على الجميع
ما هو الأصل في هذه المقابر الجماعية التي لا يكاد يخلو شبر من ارض السواد وسرّة الدنيا منها ؟

هل هي كما كتب احد اركان النظام العراقي ومخابراته وازلامه وقام بنسخها الأخ رفحاوي دون ان يعلّق عليها ؟

ابدأ حديثي كما رأيت وعرفت والله على ما اقول شهيد

في البدء لا اعتقد ان هناك من يجهل صدام كشخص وتاريخ , او لايحيط علما ولو ببعض من تصفياته الشهيرة لخصومه ومواليه على حدّ سواء , او لايدرك انه جاء بقطار اميركي وغادر بذات القطار .

كنت ذات يوم جنديا في اواخر الحرب الأولى مع ايران . بعد ان تمّ تسويقنا من الجامعة الى الحرب حيث لم نكن جزءا من برنامج تدريب الكوادر الطلابية ( لعدم ايماني بالعنف وطريقة تسويق البعث لأفكاره الدموية ) .

كان ذلك في عام 1988 ورأيت الحرب واهوالها ودُفعنا الى جحيمها دفعا , ولم تكن هناك مقابر جماعية , اذ ان القتلى من الطرفين يتمّ تبادلهما من الأرض الحرام بعد انتهاء المعركة , وفي اسوأ الحالات اذا صار توغل من احد الجيشين الى ما وراء الأرض الحرام فهذا يعني ان يدفن القتلى في قبور معلّمة ومعروفة ..وهذه المقابر تمّ الكشف عنها وتبادل رفاتها قبل انتهاء الحرب الأولى وبعد انتهائها بقليل . بالأضافة الى ان الحرب كانت تدور رحاها في الحدود الشرقية للعراق في ( شرق البصرة وميسان وكركوك ) ولم تُكتشف اي مقبرة جماعية في هذه الأماكن .
وبهذا تكون هذه الحجّة قد سقطت

والسبب الآخر ان هناك حربا طائفية وعرقية كانت وراء هذه المقابر ..

وهذا السبب لا يقلّ ضعفا وتهافتا عن السبب الأول , بسبب ان العراق من اكثر بلدان العالم تنوّعا عرقيا وطائفيا ففيه ( العرب من السنة والشيعة والأكراد من الفيلية والطورانية والشبك والصابئة المندائيين والمسيحيين واليهود واليزيديين والآشوريين والسريان والكلدان والأرمن والتركمان وسواهم , وهؤلاء عاشوا في العراق منذ الآف طويلة من السنين , بل يُعتبر الوجود العربي في العراق احدث بكثير من وجود الصابئة والآشوريين والكلدان والسريان والأكراد ... فهل سمعت ذات يوم بقتال بين مسحيي العراق واكراده ؟ او بين مندائييه وعربه ؟ او بين كلدانه وارمنه ؟ او بين سنّته وشيعته ؟

لم يحدث هذا الأمر من قبل ابدا برغم الجهود المشبوهة والمضنية التي بذلها صدام واوغاده لبثّ روح التفرقة واشاعة الطائفية وتأجيج الصراعات الأثنية والعرقية .
وهاهو العراق اليوم يعيش بدون اية مؤسسات امنية , فهل سمعت ان السنة تقاتلت مع الشيعة في مكان واحد من ارض السواد الشاسعة ؟

وهذة الحجّة سقطت وتهافتت

والحجة الأخرى التي تقول ان جيوش الحلفاء كانت وراء هذه المقابر بعد حرب الخليج الثانية , وهذه اوهى الحجج , لأن وجود المقابر في بغداد وبابل وكربلاء يكذّبها جملة وتفصيلا , فهذه المدن كانت بمنأى كامل عن الحرب ولم تصلها الجيوش او فلولها .
وهكذا الأمر مع ما تبقّى من الحجج , لأنك لو ادركت ان هناك ما يربو على الخمسة ملايين عراقي يعيشون خارج العراق بعد ان فتك بهم صدام وابنيه ومؤسساته القذرة ,
ومنذ سنوات طويلة يعيش عراقيون في مدينتكم رفحاء للسبب ذاته .

فهل هولاء من السنة او الشيعة او المسيحيين او طائفة بعينها ؟
لا , ابدا , بل هؤلاء يمثلون النسيج العراقي بكلّ تنوّعه والوانه

المقابر الجماعية هي في جوهرها تصفيات دموية طالت العراقيين جميعا من السنة والشيعة والأكراد والآشوريين , ورأينا فيها الأطفال والنساء والشيوخ وبسقوط الطاغية ونظامه بزغت المقابر من جوف الأرض لتشير بأصابعها الى مرتكبيها بعد ان اذلّهم الله واظهر بطلان دعواهم وتهافت افكارهم ومنظوماتهم القمعية التي تخلّت عنهم مع اوّل اطلاقة وسلّموا الجمل بما حمل وهاهم يقعون كاجرذان بين ايدي الشعب المظلوم

( يوم المظلوم على الظالم اشدّ من يوم الظالم على المظلوم )

تحياتي الخالصة للجميع

صلاح