بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

-------------------------------------------


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه لما جرى الحادث المروِّع حادث التفجيرات في مدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد على أيدي وحوش ضارية خرجوا على الدين وعلى الإنسانية واتخذهم الكفار مطية لهم للنيل من الإسلام والمسلمين،



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه لما جرى الحادث المروِّع حادث التفجيرات في مدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد على أيدي وحوش ضارية خرجوا على الدين وعلى الإنسانية واتخذهم الكفار مطية لهم للنيل من الإسلام والمسلمين، وكان فعلهم هذا نتيجة لجهلهم وغرورهم ونشأتهم السيئة وعزلتهم عن المجتمع وإعراضهم عن تعلّم العلم النافع وأخذه عن أهله واقتصارهم على أفهامهم الخاطئة وآرائهم الكاسدة فشأنهم في ذلك شأن الخوارج المارقين الذين قتلوا الخليفتين الراشدين: عثمان وعليا رضي الله عنهما وهمهم بقتل معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما وقتل غيرهما من قادة المسلمين - أقول لما حصل في أيامنا هذا الفعل الشنيع تنفس المنافقون الصعداء وحملوا مسؤولية فعلهم هذا على الدين وأنه السبب في تجريهم على المسلمين وعلى البشرية جميعا.

وقالوا ـ قبحهم الله ـ إن فعلهم هذا بسبب اعتناقهم لآراء شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب وغيرهما من أئمة الإسلام - هكذا يتطيَّرون بالإسلام وعلماء الإسلام مثل آل فرعون الذين قال الله فيهم: {وإن تٍصٌبًهٍمً سّيٌَئّةِ يّطَّيَّرٍوا بٌمٍوسّى ومّن مَّعّهٍ (131)} [الأعراف] وكما تطيَّر المشركون بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله عنهم: {وإن تٍصٌبًهٍمً حّسّنّةِ يّقٍولٍوا هّذٌهٌ مٌنً عٌندٌ اللَّهٌ وإن تٍصٌبًهٍمً سّيٌَئّةِ يّقٍولٍوا هّذٌهٌ مٌنً عٌندٌكّ (78)} [النساء] وكما قال المنافقون في غزوة الأحزاب لما أصاب المسلمين ما أصابهم من الشدة والضيق كما ذكر الله عنهم: {وإذً يّقٍولٍ المٍنّافٌقٍونّ والَّذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌم مَّرّضِ مَّا وعّدّنّا اللَّهٍ ورّسٍولٍهٍ إلاَّ غٍرٍورْا (21)} [الأحزاب] وكما قالوا يوم بدر في المسلمين: {غّرَّ هّؤٍلاءٌ دٌينٍهٍمً(94)} [الأنفال] وقالوا يوم أحد: {لّوً كّانّ لّنّا مٌنّ الأّمًرٌ شّيًءِ مَّا قٍتٌلًنّا هّا هٍنّا (154)} [آل عمران] فما مقالة هؤلاء المنافقين في هذه الأحداث إلا كمقالة أسلافهم في الأحداث السابقة ولكل قوم وارث. إن دين الإسلام يحرم الاعتداء بجميع أنواعه وأشكاله قال الله تعالى: {ولا تّعًتّدٍوا إنَّ اللَّهّ لا يٍحٌبٍَ المٍعًتّدٌينّ(190)} [البقرة] وقال: {ولا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ أّن صّدٍَوكٍمً عّنٌ المّسًجٌدٌ الحّرّامٌ أّن تّعًتّدٍوا (2)} [المائدة] وقال: {ولا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى أّلاَّ تّعًدٌلٍوا اعًدٌلٍوا هٍوّ أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى} [المائدة: 8] وإن هؤلاء المخربين إنما أخذوا فكرهم الهدام من فكر الخوارج الخارجين من قبل على الإسلام، وأخذوه من دعاة الضلال الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها قيل: صفهم لنا يا رسول الله قال: هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا· ولقد طالب هؤلاء المنافقون بإلغاء الولاء والبراء اللذين هما أوثق عرى الإسلام، وطالبوا بإلغاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين هما ضمانة بقاء المجتمع الإسلامي، وطالبوا بالغاء الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، وطالبوا بتصفية المناهج من المواد الشرعية ودعوا إلى موالاة الكفار والمشركين وعدم التفريق بينهم وبين المسلمين فماذا أبقوا للمسلمين من أسباب النجاة - إنهم ما قالوا هذه المقالات القبيحة إلا لأنهم متضايقون من الإسلام وأهله ولما سنحت لهم الفرصة أبدوا ما عندهم من الحقد والبغضاء للإسلام والمسلمين كما قال الله في وصفهم {ولّتّعًرٌفّنَّهٍمً فٌي لّحًنٌ القّوًلٌ واللَّهٍ يّعًلّمٍ أّعًمّالّكٍمً (30)} [محمد] ولكن سيكون شأنهم شأن أسلافهم من الذلة والهوان ولا يضرون إلا أنفسهم {ٌ قٍلً مٍوتٍوا بٌغّيًظٌكٍمً إنَّ اللَّهّ عّلٌيمِ بٌذّاتٌ الصٍَدٍورٌ (119)} [آل عمران] .

وإن الشدائد والمصائب لا تزيد المسلمين إلا تمسكاً بدينهم واقتداء بنبيهم وبأئمتهم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى كشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب اللذين جعلهما هؤلاء المنافقون نموذجاً للغلو والتطرف وهكذا لعمى بصيرتهم اعتبروا مصادر الخير والهداية مصادر للشر والغواية، كما تطيَّر أسلافهم بالأنبياء وأتباعهم.

وقل للعيون الرمد للشمس أعين


سواك تراها في مغيب ومطلع


وسامح عيونا أطفأ الله نورها


بأهوائها فلا تضيق ولا تعي


ومن يك ذا فم مر مريض


يجد مرَّا به العذب الزلالا


وإن من عمى البصيرة أن يعتقد الإنسان الباطل حقاً والحق باطلاً، وإننا ندعو هؤلاء أن يثوبوا إلى رشدهم ويكفوا ألسنتهم وإلا فإنهم لا يضرون إلا أنفسهم وللإسلام رب يحميه وللعلماء رب ينتصر لهم {ومّا نّقّمٍوا مٌنًهٍمً إلاَّ أّن يٍؤًمٌنٍوا بٌاللَّهٌ العّزٌيزٌ الحّمٌيدٌ (8) الذٌي لّهٍ مٍلًكٍ السَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ واللَّهٍ عّلّى كٍلٌَ شّيًءُ شّهٌيدِ (9)} [البروج] وليسامحني القارئ الكريم - إن وجد في كلامي هذا قسوة - فإن كلام هؤلاء أقسى والبادئ أظلم - والله حسبنا ونعم الوكيل.

وإن مما يشرح الصدر ويريح القلب ما أجاب به صاحب السمو الملكي وزير الداخلية - حفظه الله - لواحد من هؤلاء حين اقترح هذا الشخص إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأجابه - حفظه الله - بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبقى في هذه البلاد ما بقى فيها الإسلام.

وقد سدد - حفظه الله - ووفق في هذا الجواب الحاسم، فإن هذه الدولة قامت على الإسلام وأسسه ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا بقاء لهذه الدولة إلا ببقاء الأساس الذي قامت عليه·

اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا في ديارنا ولا تسلِّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحفظ ولاة أمورنا ووفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام والمسلمين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه وأردد كيده في نحره إنك على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه·



مجلة الدعوة