بعد التراجع الكبير لأسعار الأسهم المحلية منذ 18مايو 2004م، وفقدان المؤشر العام ما يزيد على 1200نقطة خلال الأيام السابقة، وتجاوز نسبة خسائر بعض المضاربين 50% من رأس مالهم، هل يمكن اعتبار ما حدث حالة طبيعية ومرحلة تصحيح لأداء سوق الأسهم، كما صرح بذلك بعض المحللين في الصحف من اقتصاديين وبعض كبار المضاربين؟ وهل التصحيح يتطلب ان يكون هناك تراجع كبير أو انهيار حاد في أسعار الأسهم؟ لماذا لا يكون التصحيح قبل وليس بعد حدوث الخسائر الكبيرة في أموال المضاربين؟ وإذا كان هناك من أسباب ظاهرة فيما حدث فلماذا لا تعالج تلك الأسباب خاصة وضع الشركات الصغيرة التي عرفت بشركات المضاربة؟ وأداء المؤشر العام للأسهم والذي أعتقد أنه لا يعكس الأداء الفعلي لحركة السوق ووضع الشركات المساهمة، وتأثر هذا المؤشر بشكل كبير بأسهم الشركات المساهمة الكبيرة، ماذا نتوقع ان يكون عليه وضع المؤشر العام فيما لو افترضنا استبعاد فقط أسهم شركة الكهرباء وسابك والاتصالات من الحساب عند قياس المؤشر العام للأسهم؟ العديد من التساؤلات التي تطرح نفسها هذه الأيام على الساحة الاستثمارية لسوق الأسهم وتريد المعالجة الفنية الأمينة وليست المعالجة المبنية على الأهواء
الشخصية والمصالح الأنانية.
إن ما حدث في سوق الأسهم هو بفعل فاعل وأيد خفية للصيادين المهرة الذين استطاعوا ان يأكلوا ما زرعته يد الكثيرين من المتعاملين في هذا السوق خلال أشهر وسنوات مضت؟ وفي ظني ان مجموعة من كبار المضاربين وربما تكون مدعومة من قبل بعض البنوك وبشكل غير مباشر لصيد الأسماك وهي تسبح في الماء، بعد ان أطعمتها أياماً وشهوراً ورأت أنه قد حان اصطيادها لأكلها والتلذذ بطعمها؛ لأن الذي يتابع حركة الأسهم اليومية ويراقب التدهور في وضع سوق الأسهم ويستمع إلى معاناة صغار المضاربين يدرك تماماً أنهم وضعوا في شبك الصياد بعد ان وضع الطعمة لهم ليتهافتوا عليها فلا يستطيعوا بعد ذلك الخروج منها وإن خرج أحد منهم خرج ورأس ماله قد تمزق وتهالك ولم يبقى منه إلاّ الشيء اليسير.
ماذا عن الأيام المقبلة.. هل يمكن توقع ما لا يمكن توقعه خاصة إذا كنا نتحدث عن سوق مالي ناشيء ورؤوس أموال ضخمة ومتعاملين غالبيتهم حديثي عهد بهذا السوق وكيفية التعامل معه؟!
والعجيب في الأمر أنه بالأمس نشر في إحدى الصحف المحلية بأن سوق الأسهم حالياً يعيش حالة من التعافي وأنه سوف يعاود انتعاشه!! وان المؤشر العام للأسهم سوف يرتفع في الأيام القادمة لأكثر من 8000نقطة، وقد فهم البعض من المتعاملين بهذا السوق ممن يقرؤون رؤوس العناوين دون ان يقوموا بتحليل المضامين وتفصيل المعنى المراد وصولاً للحقيقة المطلوبة، ان هذا سيحدث في الأيام القريبة القادمة ولم ينظروا إلى ان المقصود هو بعد سبعة أشهر من الآن على الأقل؛ لأن المؤشرات الاقتصادية والوضع البيئي العام تؤكد بأن المؤشر العام لسوق الأسهم المحلية سوف يأخذ بالتذبذب خلال الأشهر الثلاثة القادمة وان احتمال النزول أكثر من احتمال الصعود، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار، الأمور التالية:
قدوم الإجازة الصيفية وخروج كبار المضاربين من السوق للاستمتاع بإجازاتهم خارج البلاد.
المحاولات الكبيرة لتخفيض أسعار النفط إلى المعدل الطبيعي لأوبك، والتي تحرص على ان يكون هناك منتجين هامشيين وليسوا رئيسيين في السوق.
الإعلان بتخفيض سعر الفائدة العالمي إلى 2% تقريباً وهو ما يتوقع ان تعمله مؤسسة النقد بهدف امتصاص السيولة النقدية وتقليل عرض في السوق.
الاستقرار الأمني والاقتصادي في العراق في حالة تسليم قوات الاحتلال الأمريكية الحكم للعراقيين وتأثير ذلك على أسعار النفط.
ان الركود في حركة الأسهم غالباً ما تحدث في الأشهر الميلادية (7،8،9) والحصاد (البيع) في الأشهر (4،5،6) أما الشراء فيبدأ من مطلع الشهر العاشر الميلادي.
ويمكن اعتبار ما جاء في الخبر الصحفي بأن ارتفاع المؤشر العام سوف يزيد خلال الفترة القادمة صحيحاً بل أؤكد بأن المؤشر العام سوف يصل إلى أكثر من ذلك.
فتح المجال للأجانب للاستثمار في الأسهم المحلية.
خروج الشركات الصغيرة من السوق ودخول شركات مساهمة كبيرة محلية وأجنبية برؤوس أموال ضخمة.
دخول الشركات المساهمة المحلية إلى سوق الأسهم العالمية وتداول أسهمها في البورصة العالمية.
تحسين البيئة الاستثمارية لسوق الأسهم وتعزيز ثقة المضاربين بهذا السوق.
وقبل ان اختتم حديثي عن هذا الموضوع أنبه إلى ان الارتفاع في أسعار الأسهم المحلية قد يحصل أحياناً في فترة الصيف بسبب ظروف سياسية تجعل كثيراً من المتعاملين يقضون إجازاتهم في الداخل وليس في الخارج كما حدث في السنة الماضية، وربما يحدث في هذه السنة لكن هذا الوضع غير مؤكد، ولهذا لابد من تنبيه صغار المضاربين بأهمية توجيه استثماراتهم في مجالات أخرى في الفترة القادمة إلى ان تتضح معالم السوق وتصبح شفافة إلى درجة يمكن معها اتخاذ القرار.

سليمان بن صالح الطفيل
كاتب وأخصائي اقتصادي