[poet font="Simplified Arabic,6,crimson,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/15.gif" border="outset,4,gray" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
رائعة من روائع الدكتور عبدالرحمن العشماوي
رسالةٌ من سجينٍ عراقي
شعر:عبد الرحمن صالح العشماوي
سجينٌ عند أعدائي أسيرُ =جريحٌ، قلبيَ الشاكي كسيرُ
سجينٌ، ليلُ مأساتي طويلٌ =وفجري ما له في السِّجْن نورُ
سجينٌ، في فؤادي نارُ حزنٍ =وفيض الدمع من عيني غزيرُ
يحاصرني من اللُّقَطَاءِ جيشٌ =وبئس الجيشُ ليس له ضميرُ
وتلحقني مجنَّدةٌ، وكَلْبٌ =فيا لَلَّهِ، أيُّهما الحقيرُ؟!
ويطعَنُ عفَّتي وَغْدٌ رماني =وفي عينيه شَرٌّ مستطيرُ
كأنَّ دقيقةً في السجن دَهْرٌ =عليه من الأسى القاسي دُهورُ
تُشَدُّ يدي إلى ظهري، وصدري =لضربِ سياطِهم هَدَفٌ مُثيرُ
سجينٌ في العراق، ولستُ فيه =لأنَّ عراقَنا سجنٌ كبيرُ
وما بغدادُ بغدادي، فإني =أراها لا تُجار ولا تُجيرُ
مكبَّلةُ اليدين بشرِّ قيدٍ =وفي أجفانها انطفأ الحبورُ
وفي فمها تعثَّر كلُّ قولٍ =فلم تنطقْ، وقد نطق الزَّفيرُ
يتابعها العدوُّ بعين لصّ =يفيض البغيُ منها والفجورُ
سجينٌ والمآسي شاهداتٌ =بأن عدوَّنا لصٌّ خطيرُ
عدوٌّ سجنُه نارٌ تَلَظَّى =وحسبُك أنْ يقال: هو السعيرُ
سجونٌ تنفر الأخلاقُ منها =ومعنى الظلم منها يستجيرُ
أيا لُغَةَ الأسى أَتْقَنْتِ وصفي =وصوتُكِ في مخاطبتي جَهيرُ
تداعي الآكلون على عظامي =وأمَّا اللحم فهو لهم فَطيرُ
مضى صدَّامُ واجتمعتْ علينا =وحوشٌ ساقها الجيش المغيرُ
وحوشُ الغَرْب ليس لها خلاقٌ =ولا دينٌ يَصُدُّ ولا شعورُ
أأوصى بعضهم بعضاً، فهذا =ظَلُومٌ للعبادِ، وذا مُبيرُ؟
وما ضَرْبُ السياطِ يُثير، لكنْ =إهانةُ آدَميَّتِنا تُثيرُ
ولو أنَّا إلى الغرب انتمينا =لقام لنا من الغَرْبِ النَّصيرُ
ولكنَّا إلى العَرَب انتسبنا =وحائطُهم لأعدائي قَصيرُ
تجافَوا عن مبادئهم، فلمَّا =دعا الداعي، تمزَّقتِ الظهورُ
كأني بالجهادِ بكى عليهم =خَوالفَ حينما نَفَر النَّفيرُ
أتبقى أمتي تقتاتُ ممّا =تقرِّره الحمائمُ والصُّقورُ؟!
وتنتظر انتخابات الأعادي =ليأتي بعد قيظهِمُ الهَجيرُ
أتُغْصَبُ أرضُنا شِبْراً فشبراً =ويُطْلِقُ حرَّ صرختِه النَّذيرُ؟
ويخنقنا دخانُ الحربِ حتى =تضيقَ به الحناجر والصدورُ
وتبقى أمتي هدفاً قريباً =لمن يرمي السِّهامَ ومَنْ يُغيرُ
سجينٌ في بلادي، والأعادي =لهم كَذِبٌ يُضلِّلُكم وزُورُ
بكى جِسْرُ الرّصافةِ من أَنيني =وقد تبكي من الظلم الجسورُ
وعكَّر ماءَ دِجْلَةَ دمعُ عيني =ونَزْفُ دمي، وبركانٌ يَفورُ
أما في أمةِ الإسلام سَيْفٌ =يَخاف صليلَه الباغي الكَفُورُ؟!
أما للّيل فيها من نهارٍ =تُغرِّد بابتسامته الطُّيورُ؟!
بلى والله إنَّ الفجرَ آتٍ =لأنَّ الله للحقِّ النَّصيرُ
[/poet]
مواقع النشر (المفضلة)