في خضم الهجمة الصليبية الصهيونية على العراق ، كنت جالسا مع بعض الأحبة نستعرض الأحداث بأسى وحزن ، وكان من بيننا شاب اشتهر بمواقفه الطريفة ، وتقليعاته التلقائية ، كان يشاركنا الحديث وفي عينه عبرة ، وفي قلبه ألم وحسرة ، فلما اشتدت به الحال ، عمد إلى قارورة ( بيبسي ) بلاستيكية كبيرة ، ورماها على الجدار صارخا : الله يلعن اللي مايقاطع أمريكا .
خرجنا من المجلس وتركناه وحيدا ، وذهبت إلى شغل استغرق مني دقائق معدودة ، ومالبثت حتى عدت إلى المجلس ، فوجدت صاحبي يشرب بنهم من تلك القارورة التي رماها ، حتى أنهاها ، ولك أن تتخيل - قارئي العزيز - الموقف !
بين مقاطعة صاحبي لأمريكا عبر رمي قارورة ( البيبسي ) ، ثم الشرب منها دقائق معدودة ، وبين مقاطعة أمة المليار للدانمرك ثم الرجوع إلى ثدي أبقارها أشهر قليلة جدا ، هكذا نحن ! لانحمل في قلوبنا إلا مبادئ الإنهزامية والإتكال ، واعتياد الإهانة ، وقلة الصبر ، وضعف المجاهدة ، ماأسرع عودة بوك وأخواتها إلى رفوف محلاتنا وأدراج ثلاجاتنا .
[align=center]يامن لذلة قوم بعد عزهم **** أحال حالهم كفر وطغيان[/align]
لاأختزل نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بالمقاطعة ، حاشا لله ... وإنما أسلط الضوء على زاوية من زوايا الإنهزامية التي تعرضنا لها ، حين يخرج رئيس وزراء الدانمرك في تجمع أوروبي يعلن انتصاره ، وأنا إنما أركز على المقاطعة ، لأننا جميعا ركزنا عليها في بداية الأزمة ، وأجهدنا أنفسنا ، وأمضينا وقتنا في نشر المقاطعة ، كلامي هنا قد يُفسّر أنه كلام مُحبط ويائس ، ولكني - مع احترامي - أعتقد أنه تنبيه لابد منه إلى كل من أدخل إلى بيته المنتجات الدانمركية ، أو على الأقل لمن لم يتنبه ولم يحرص على ألا تدخل .
والله يتولانا وإياكم .
مواقع النشر (المفضلة)