بسم الله الرحمن الرحيم

يعجب أحدنا لما يرى حال كل من دخل صومعة التفكير والثقافة المزعومة أشد العجب ، هل أصبحت الثقافة هي التمردعلى القيم والمسلمات ، وهل أضحى المفكر هو من يأخذ مايقرب من الهوى ، بدعوى ( وجود الخلاف ) و ( لا إنكار على المجتهد ) و .. و ... إلخ ، حتى أصبح الأخذ بالمستغرب من القول ديدن دعاة التثقف والفكر ، وهؤلاء منهجهم على قسمين :

القسم الأول : غير الملتزمين :

هم مجرد " سرابيت " و " أرباب المقاهي والإستراحات " قرؤوا كتبا للغربيين ، وأضاعوا أوقاتهم على البرامج الهادفة - زعموا - ، وهم ممن أصيبوا بعقدة الأجنبي الذين تشخص أبصارهم وتخشع قلوبهم لرؤية أصحاب الكرفتات ، ممن يلقون في عقول " سرابيتنا " زبالة الأذهان وكناسة العقول ، وقد شاهدنا بعضهم يصفقون بشدة وحماس للرجل الكبير بيل كلينتون حامل شهادة حقوق المرأة - واسئلوا مونيكا - لما قال : أن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لو كان حيا لجعل زوجته مديرة لمصنع السيارات ، وإليكم مظاهر هؤلاء :
1- البغض للملتزمين وأهل العلم ( حسدا من عند أنفسهم ) .
2- إعجابهم الشديد بأنفسهم ، والذي يسمونه " احترام العقول " لذا غالبا عندما تأتي أحدهم بفتوى لعالم تجده يقول : " أنا لاأسلم عقلي لغيري " ظنا من هذا الأحمق أن اتباعه لفتاوى ورثة الأنبياء هو قلة احترام لعقله.
3- الدفاع عن كل رذيلة : يعني الدفاع عن ( السربته ) الذي قد انغمس فيها ، فلو - مثلا - رأيت أحدهم يحب الغناء وجدته في كتاباته ومقالاته يدافع عن الموسيقى " وأنها رسالة سامية ، وترفيه بريء ...إلخ " وهكذا تتبع لخطوات الشيطان ، حتى وجدنا من لايكفر اليهودي والنصراني ، ووجدنا من يدافع عن اللوطيين - أكرمكم الله - ، إلى أن يصل بهم الأمر إلى المدافعة عن الشيطان نفسه....
4- الهجوم على كل فضيلة : مشكلة " السربوتي " إذا إنعطى وجه
( يامثقف ... يامفكر ... ياكاتب ...) تجده يصاب بسكرة العجب " احترام العقل " فيجد أنه أهل لينقد كل شيء ، فينقد أهل العلم والهيئة والجمعيات الخيرية وحلقات التحفيظ إلى أن وصل الأمر إلى الهجوم على القرآن والحديث الشريف ، وبعضهم يصل بهم الأمر - من احترام عقولهم - إلى مهاجمة الذات الإلهية - والعياذ بالله - .
5- طبعا غالبهم لالحية ولاعلى الأقل شنب ومسبل .
6- المرأة : وبما أنهم " سرابيت " ولاشك أنهم جربوا كل الطرق ليصلوا إلى المرأة
( مغازلة - ترقيم - اتصال عشوائي - انترنت ...إلخ ) لكنها لم تنجح ، فوجدوا أن أفضل وسيلة للوصول إليها هي تعريتها ، وانظروا إلى زبائلهم...عفوا...أقصد جرائدهم لتروا حقوق المرأة ، فجريدة الوطن المسكينة - كمثال- تريد أن توهم العالم - بشتى الطرق - أن النساء عندنا في السعودية قد نزعن الحجاب ، فلا تظهر فتاة سعودية ، إلا والوجه ظاهر ، والغريب أنهن كلهن من ربع ( الصيني - خاشقجي - كبشكري - مقشندي...إلخ ) وآخرهن التي خرجت لتشترك في البرنامج الهالك ستار أكاديمي .

القسم الثاني : ممن ينسبون لأهل الإلتزام :

وهؤلاء ممن كانوا من خيرة أهل الإلتزام - وإن شاء الله أنهم مازالوا - ، لكن هناك شيء حصل لهم ، تزامن حصوله مع تلبسهم بألقاب ( المفكرين - المثقفين - الأدباء - الشعراء ) والعجب كل العجب ليس من القسم الأول ؛ لأنهم أساسا " سرابيت " وجدوا من يصفق لهم ويلعب بهم ، لكن العجب - والله - من أناس كنا نحترمهم لدينهم وعلمهم وأخلاقهم وخفة دمهم ثم هاهم الآن - مع تلبسهم بالألقاب - نجدهم من أثقل الناس دما ، لو رآهم الأعمش ( عدو الثقلاء ) لترحم على معاصريه من ثقلاء الدم ، ولاعتبرهم خفيفي الدم والظل بالنسبة لهؤلاء ، ولكي لانطيل الكلام فلندخل إلى مظاهرهم :
1- تغيير جذري في الظاهر ، وهذا التغيير قد يكون ليس فيه محذور شرعي ، لكنك تسأل نفسهم : لماذا الآن؟؟ أنتم سنين عديدة وأنتم على مظهر معين ، لماذا الآن بالذات تغيرتم؟؟ وأعني هنا ( الأخذ من اللحية - طول الثياب تقريبا - لبس العقال ) لماذا كل من أصبح مفكرا لابد له من هذه الأمور ، هنا العجب؟؟؟
ملاحظة : أنا ألبس العقال وأحبه ، لذا فسؤالي هنا ليس عن سبب لبس عين العقال ولكن سؤالي عن سبب لبسه بشكل كبير - وفجأة - بعد غزل ألقاب ( التفكير والتثقيف ) .
2- محبة الخوض في الخلافات المشهورة .
3- تقييم العلماء وتصنيفهم ، وقد رأينا نهاية من اتخذ لحوم العلماء مائدة لمجالسه فتجده إما قد انتكس ، أو ابتلي بسجن أو فضح بأمر ارتكبه في سر...إلخ ، لذا هذا تحذير لمرتكبي هذا الذنب العظيم ، احترامك - المزعوم - لعقلك قد يودي بك إلى مهاوي الردى فاحذر .
4- محبتهم الدائمة لإثارة البسطاء من أهل الإلتزام والدين واستفزازهم بأمور ظاهرها الإستفزاز ، وإن لم تكن غير ذلك .
5- التكبر على القديم - عندهم - مما تعلموه سابقا من أمر دينهم ، والتي كانوا متحمسين لها في السابق ، فتجد الشخص منهم يحتقر مثلا أن يسمع شريطا عن التقوى..الإخلاص ..قيام الليل.. ، تجد عنده كبر عن حضور الدروس التربوية وكبر عن الدعوة كتوزيع الأشرطة والكتيبات.
6- لدى هؤلاء ضعف كبير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويتعذرون بأمور يخرجونها من زبالة عقولهم ووسوسة شياطينهم ، ويعتبرونها عين العقل والعدل والله المستعان .

أخيرا :

للقسم الأول هذه القصة :

- يقال أن شخصا من احدى القرى ذهب ثلاثة سنين إلى الغرب ، وكان قد ترك قريته وأهله البسطاء الذين هم على الفطرة والسنة ، وعندهم شيخ كبير وعالم يشرح لهم ولطلاب العلم عندهم كتاب ( زاد المستقنع ) ، فحدثت في تلك الثلاث سنين أن وصل الغرب - كما زعموا - إلى القمر....المهم : أن ذلك الشاب ( في مظهر مختلف عن مظهره الذي ذهب به )عاد إلى قريته فوجد أهل القرية متواصلين مع الشيخ في شرحه ، فلما دخل المسجد والشيخ يشرح ، توجه الشاب إلى حلقة الشيخ وقال : يااااه ياشيخ الناس وصلت القمر ، وإنت إلى هالحين تشرح ( زاد المستقنع ) فرد الشيخ بحكمة وسرعة بديهة : الحمدلله...إنت لاانت اللي وصلت القمر ، ولاانت اللي جلس معنا يستفيد...اخرج برّا حلقتي.

وللقسم الثاني هذه القصة :

يقال أن لأحد المشايخ المشهورين - نسيت اسمه - عدة طلاب يهتم بهم ويقيم لهم دروس خاصة ، فجاءه علم أن أحد طلابه بدأ يتغير ويتكلم في أمور فلسفية ويبدي إعجابه في العصرانية ، فتأكد الشيخ من ذلك ووجده صدقا ، وفي أحد الأيام تكلم الشيخ فرد عليه ذلك الطالب بكلام العصرانيين ، فسأله الشيخ : ماهي الكتب التي قرأتها في الفلسفة والعصرانية ؟؟ فعد ذلك الطالب عددا من الكتب بزهو وتفاخر وكانت عدد الكتب حوالي الـ 8 كتب ، فأمسك الشيخ يد الطالب وأدخله مكتبته الخاصة ، وأشار إليه لينظر إلى قسم من مكتبته ، فرأى الطالب قسما كبيرا في مئات الكتب التي كتبها أرباب العصرانية والفلسفة ، فقال ذلك الشيخ الحكيم :
ياولدي ، أنا قريت هالكتب وهالخرافات كله من أوله لآخر ماحركت مني ولاشعرة لأنه زبالة عقول ، ماهي كلام الله - سبحانه وتعالى - ولا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ... فبهت الطالب وفهم الدرس وعاد مثل سابق عهده......بل أفضل .


وأعجبتني مقولة يتداولها الشباب ، فيها :

الطريق طويلة..
يمل فيها من يمل..
ويسقط فيها من يسقط..
وييأس فيها من ييأس..
وتبقى قلة مؤمنة...تصبر لأمر ربها..
جعلنا الله وإياكم منهم

والله المستعان....



وصلى الله على الحبيب وسلم...