إش ت أ ن ا ل ك
"يا ليل السكرانين"
صالح محمد الشيحي
أول قرار اتخذه غالباً فور وصولي لبعض العواصم العربية هو الهرب منها والسكن في ضواحيها.. مشكلة أغلب العواصم العربية مشكلة ليلية.
بمعنى أنها باتت تتحول تدريجياً إلى مرتع أو بؤرة يجتمع فيها ـ عندما تغيب الشمس ـ المجرمون واللصوص وبائعو الكيف والمخدرات والشرف، وبائعات الهوى والسكارى والقوادون وتجار اللحم الأبيض والمهربون وأشباه الرجال والهوام والدواب والمنخنقة والموقوذة والعساكر المرتشون..
ـ (الليل هنا عالم آخر)..أتذكر هذه العبارة جيداً.. قالتها لي فتاة عربية جميلة قبل سنوات، كانت تبيع الورود أمام أحد الفنادق.. كنت أسألها عن أصوات الصراخ والضجيج التي سمعتها قبل بزوغ الفجر أو بمعنى أدق: مع نهاية السهرة.
ـ كما ألمحت لا أحب العواصم، لكن ولكون أغلب المطارات الدولية تقع في العواصم يصبح لزاماً المرور بها في طريق الذهاب والعودة والمبيت بها ليلة أو ليلتين.. كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل.. لا أملك سكرتيراً يرتب لي حجوزاتي.. وليس لي صديق في السفارة يسهّل لي أموري.. ولا نسيبا عربياً يفتح لي أبواب منزله على الرحب والسعة.. ولم أحظ بعد بصداقة أحد مواطني الدولة يرشدني إلى أنسب وآمن وأسهل الطرق لأسلكها.. ولذلك فأنا "بتاع كله".. أعطيت لسائق التاكسي أربعة أسماء لأربعة فنادق وطلبت منه أن يمر بها، الأقرب فالأقرب.. مررنا بالأول فلم نعثر على غرفة واحدة.. كان موظف الاستقبال رجلا (جلفاً) ـ قبل أن نسأله أجاب: " الفندق عامر" ـ وكذلك غادرنا الفندق الثاني والثالث.. وأراد الله أن نجد غرفةً في الرابع.. بعد ساعة نزلت إلى بهو الفندق سألت موظف الاستقبال هل هناك مطعم ما يزال مفتوحاً من بين مطاعم الفندق.. فأجابني أن كل شيء مغلق باستثناء (النايت كلوب).. قررت العودة إلى غرفتي والاستعانة بخدمة الغرف.. قبل أن أصل إلى المصعد مر جواري شقيق عربي يتهادى بين رجلين، ضحكت وشر البلية ما يضحك، كان يغني ملوّحاً بيده: "راجع راجع يتعمر راجع لبنان"!
- غدا نكمل.
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006.../writers11.htm
مواقع النشر (المفضلة)