هذه الحياة بدأت صعبة ومعقده كل شئ فيها تغير عن ذي قبل

لقد كانت الحياة رغم ما فيها من شظف عيش كما علمنا إلا أنها كانت بسيطة ومقومات بقاء العيش بكرامة في متناول الجميع لا يحتاج فيها الإنسان أن يريق ماء وجهه من أجل أن يجد له موضع قدم في الحياة
يكون لديه نخلة أو شاة يتبلغ بها ويعيش على نتاجها
ولديه قناعة ولا يشعر بعقدة النقص فهو يعيش مرتاح البال لا هم ولا دين ولا خطط إستراتيجية
يعيش ليومه الذي هو فيه وينام بملء جفنيه قرير العين مرتاح الضمير
إنهم بتلك الطريقة البسيطة مروا بهدوء تام وذهبوا بلا ضجيج ويرددون

وبيت تخفق الأرياح فيه ---- أحب إلي من قصر منيف

واليوم لما دخلت علينا هذه المدنية البغيضة لم نستطع أن نتأقلم معها فصرنا ننافس في البقاء ونجاري أهلها حتى طلبنا الراحة المزعومة بشقاء محقق وهم ملازم
منا من ظفر منها بظفر ومنا من خرج من المنافسة بخفي حنين
الزوجة مهرها على دفعات فإذا طلبت منها أمرا ذكرتك بالدفعة المتأخرة فيخرس لسانك عن المقال
السيارة بالتقسيط غير المريح
السكن ما تتمكن من الحصول عليه إلا بعد أن يشيب حاجباك وتنهد قواك
ثم فاتورة الكهرباء والجوال والهاتف ولوازم الأفراح والمناسبات والسفر والقطيات وإلا ستكون عرضة للتندر والسخرية والرمي بأسوأ الألقاب فتقول في نفسك ( الموت مع الجماعة رحمة )

بعدها لا غرابة أن تكثر الأمراض النفسية والخلافات الأسرية والأمراض الاجتماعية الأخرى
هذا كله لمن سهل أمره ووجد وظيفة تشبث بها لا يتزحزح عنها مهما لحقه من مهانة ونكد عيش فقط يريدها للبقاء في هذه الحياة

أما من لم يحالفه الحظ في الحصول على وظيفة أو عمل فلا تسل عن حاله فهو في نظرة المجتمع لا وجود له ولا حق له في الحياة


سبب ذلك كله أننا جعلنا الدنيا هي الهدف وجهلنا حقيقتها كما هي في النصوص الشرعية فنافحنا وجاهدنا من أجلها فحق لنا أن نتعس

تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم وللجميع تحياتي