[align=center]على قامة الريح
الأمر إليك معالي الوزير
فهد السلمان
في الوقت الذي تتجه فيه كل خطط الدولة وبرامجها للبحث والتفتيش عن أيّ فرص عمل لاستيعاب خريجيها، وفي تصرف أقل ما يُمكن أن يُوصف به أنه غريب.. أحجمت وزارة التربية مؤخرا عن التعاقد مع خريجي الجامعات وكليات المعلمين للعمل في مدارس محو الأمية (تعليم الكبار).. وهو الأمر الذي كان قد سبق لها وأن أعلنت عنه حيث تدافع المئات إلى مديريات التربية في مختلف مناطق المملكة على أمل الظفر بهذه الوظائف.. جاء هذا على لسان الدكتور : عبد الله المقبل وكيل الوزارة للشؤون المدرسية والذي قال لإحدى الصحف : إنه تم رفض جميع الطلبات التي تقدم بها الخريجون خلال الأسابيع الماضية والتي تم الإعلان عنها سابقا، وأن السبب وراء ذلك يعود إلى أن الوزارة رأت من خلال دراسة تطبيق التعاقد معهم
(أي مع الخريجين) العام الماضي أنه لا يصب في المصلحة التعليمية، وأن سلبياته أكثر من إيجابياته، وعليه فقد اتخذ القرار لوقف التعاقد مع الخريجين الجدد، وإسناد المهمة إلى المعلمين ذوي الخبرة من الميدان التربوي مقابل مكافآت مقطوعة ! .
ولا أحد يعرف لماذا لم (تر) الوزارة أن التعاقد مع الخريجين الجدد في مدارس محو الأمية (لا يصب في المصلحة التعليمية) قبل أن تعلن عنه، وقبل بدء العام الدراسي بأيام ؟.. ولماذا أخذت الوزارة كل هذا الوقت لاكتشاف ما وصفه الوكيل بالسلبيات.. إذ يبدو أنه تبرير يفتقر للتبرير.. فالمهمة تتصل بمحو الأمية وألف باء التعليم وليس بصناعة تكنولوجيا فضائية متقدمة حتى تحتاج إلى الخبرة التي أشار إليها سعادة الوكيل.. كما أنني لا أعتقد أن الوزارة تعول على برامج محو الأمية أكثر من (فك الحرف) لتحييد أمية القراءة وهي عملية ليست شاقة ولا هي مستحيلة على خريجي كليات تربوية .
كان الأحرى بالوزارة وهي التي تحتكر ثلث وظائف الدولة بجهازها الضخم، أن تساهم في حل معضلة البطالة بترك أنصاف الفرص هذه والتي لا يتجاوز دخلها ال (3200) ريال وفي ظل موجة الغلاء الفاحش لمن لا وظائف ولا فرص وظيفية لهم من الخريجين بدل أن تجود بها على معلميها الذين أخذوا فرصتهم.. خاصة وهي تعلم أن معظم المتقدمين على هذه الوظائف لا يجدون أيّ مغنم في هذه المكافأة.. عدا أنها الفرصة التي توفر لهم شيئا من الخبرة يمنحهم الأفضلية في التعيين حينما يحين أجله، وهم الذين سيذهبون في الغالب إلى قرى نائية .
في حائل هنالك (15) شاباً من الخريجين الجدد شاركوا هذا العام في الحملة الصيفية للتوعية ومحو الأمية في عز لهيب القيظ وفي قرى نائية لا تبلغها حتى الطيور المهاجرة.. ونالوا ثناء مشرفيهم على أدائهم، مع وعد استباقي بأولوية القبول في تعاقدات محو الأمية.. أحدهم كان موظف بنك يصل راتبه إلى ثمانية آلاف ريال قبل أن يسقط هذا القرار المباغت في أيديهم كما لو كان أحد مقالب الكاميرا الخفية !، وهم الذين كانوا يُعلقون آمالهم على أن تستوعب منطقتهم منهم حوالي (120) خريجاً في مدارس محو الأمية وقس على ذلك بقية المناطق.. مما يعني فعلا مشاركة الوزارة في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.. ونحن نتحدث عن خريجين لم يهبطوا من سطح القمر ولم يُستقدموا بنظام الكفيل من جزر القمر، وإنما تخرجوا غالبا من كليات المعلمين التي صنعتها الوزارة ذاتها ومن جامعات الوطن.. إذن ما الذي (لا يصب في المصلحة التعليمية ؟).. الأمر إليك معالي الوزير .[/align]
http://www.alriyadh.com/2007/09/07/article278045.html
مواقع النشر (المفضلة)