[align=justify]أحب المفكر العاقل المجرب وهو يوجه بكلامه الرصين بعض العقول التي تنتج البلاوي المتلتة.. وهي تحسب أنها تحسن صنعها، وربما بنت حياتها على هذا الظن.. ودخلت في مليارات الأرقام البشرية الذين غادروا الدار الفانية وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ![/align]
ويعجبني أيضا إذا اقترب المفكر من مجتمعه، وأخذ بسرد الأمور [ على بلاطة ].. فإنه بذلك يختصر الكثير من الأمور المزعجة التي قد تصدر عنه إذا حلق بعيدًا وأيضا من غيره إذا حلقوا بعيدًا في الرد.
قبل مدة كنت أقرأ لقاء للدكتور المفكر محمد الأحمري وهو من هو في ثقافته العالية وخبرته الواسعة التي نهلها من الثقافة العربية والإسلامية في بداية حياته وخلالها، وأيضا من الثقافة الغربية من خلال المتابعة والمعايشة في أمريكا سنوات طويلة جدا، قرأت له هذه الأسطر وهو يحذر من أمر نحسّ به لكننا لم نستطع جمع ما يتعلق به من أفكار في مصطلحات مختصرة، لكنه -وبتوفيق الله تعالى- قالها ففرج عن أفكارنا وهمومنا.
قال في سياق الحديث عن مجتمعنا: [ الشيء الجدير بالذكر أنه يتحقق بلا وعي نمط تدين وتثقيف جديد يمتد بلا وعي وبنعومة في ثقافة المجتمع القديمة وطريقة تدينه، بسبب الثراء والاستقرار، تدين ناعم رقيق أو خلوق (أو مجامل) وسلبي، مستنكر للطابع القديم، يطمح للتجديد وللإصلاح بخجل، لم يبن أفكاره بعد، ولكنه ناتج من سلوك التمدن لا من فكرة مسبقة ] فعلا.. البعض بوجوده أو بكلام يصدر منه يختصر الكثير من الأفكار التي تدور في رؤوسنا وتجول، ويرتبها ثم يسقيك منها -بتنسيقه وبيانه- على مهل حتى تستوعب وتفهم، بعد قراءتي لهذه الكلمات أدركت سر تصرفات بعض الكتاب الذين كنت أجزم أنه لا يدفعهم فكر منحرف كالليبرالية ونحوها، إنما يدفعهم شيء آخر.. أتصور اللون الوردي حين أفكر به، فإذا كلمات المفكر الأحمري تخترق ضبابية هذه الأفكار.. وتختصرها في جمل واضحة، قلت عنها بعد أن قرأت كلامه:
[ نعم يا دكتورنا الفاضل: تدين ناعم رقيق إلا على العلماء وأهل العلم وطلبته،
يستسذجون [ التدين ]،
ويجمع بين بعضهم كره النهي عن المنكر وغيابه عندهم !
عندهم أن [ التدين ] الذي يأخذ الكتاب بقوة عبارة عن (حماس) كان يغمرهم في الطفولة والمراهقة.. ثم خفت، وفي نظرهم أنهم أصبحوا أكثر اتزانا،
أو أن ذلك التدين هو في حقيقته تشدد وحشي يغمر السذج من الناس.. لا تحتمله مشاعرهم الرقيقة،
ماكو مشكلة يطالعون المسلسلات،
هَم ماكو مشكلة ينفتحون على الإعلام الذي لا يراعي حرمات الله،
ترحم على غض البصر،
ترحم على ترك الغيبة،
ترحم على الاعتزاز بالمظهر !
تكلم عن بعض المعاني المفقودة في حديثٍ عن (التقوى) و(الصبر) و(الثبات) و(غض البصر) سيستثقلونها،
ثم اربط كلامك بمرابط الواقع المثير سياسيا واقتصاديا وثقافيا.. سيتراقصون على مفرداتك ! ]
*********************
ماعلينا.. مو هذا الموضوع، نحن اليوم مع المفكر إبراهيم السكران الذي مال -يوما من الأيام- إلى بعض الأقوام الذين نكصوا على أعقابهم أو كانوا ناكصين منذ البداية، وأخذوا يحاولون هدم المجتمع المسلم بآراء معجبة حد الثمالة بالغرب أوله وآخره وظاهره وباطنه، يسبحون بحمده وكفره وألوانه وحسناته وسيئاته.. لا يفترون، لكنه عاد إلى عزة المسلم بدينه وراجع كتاب ربه وكلام علمائنا وسلفنا ثم أعمل عقله وجلد عقول الفاسقين بكتابه الإلكتروني الرائع الماتع المهم المؤثر جدا:
مآلا الخطاب الديني
http://www.saaid.net/book/9/2444.zip
هذا الكتاب الإلكتروني الذي لم أقرأ نقدا مباشرا لواقع الحراك الفكري والثقافي الآخر (الشاذ) وحتى الحراك (الشهواني) المضاد للفضيلة في مجتمعنا.. أكثر جودة منه، فقد كفى ووفى.. جزاه الله خيرا وبارك في وقته وفكره.
ما أدري ليش تذكرت مقال الرائع محمد الرطيان من شرفاء كتابنا في مقاليه الساخرين:
ورقة مُهربة من: "مذكرات داشر سابق"!! - الجزء الأول
http://www.alwatan.com.sa/news/write...no=2640&id=864
ورقة مُهربة من: "مذكرات داشر سابق"!! - الجزء الثاني
http://www.alwatan.com.sa/news/write...no=2640&id=984
واليوم قرأت مقالا طريفا جدا، ولاذعا أيضًا للمفكر إبراهيم السكران بعنوان [ الإصلاح في السعودية.. ليس مسألة فقهية ] يسخر فيها بانتقاد صارم تلك الجمل المعلبة التي يقول عنها في مقاله: (أنني تشبعت تماماً بمثل هذا الكلام .. وأصبحت أحفظ بعض مقطوعاته عن ظهر قلب)، وله الحق في ذلك فإنني أقرأ لبعض الكتاب من أولئك المساكين جملا معلبة بذاتها لم تتغير أبدا عن التي كان يقول بها أسيادهم الهلكى قبل 30 إلى 80 سنة.. نفس الاتهامات.. نفس الألفاظ الشتائمية.. وعلى بالهم أنهم منفتحون ولعلهم يطمعون بمكان بين صحف وطننا.. إلخ تلك السيرة الذاتية التي لا تختلف أبدًا بين أولئك الأشخاص.. تشابهت قلوبهم وعقولهم وأفكارهم بسيء الأمور، وواحدهم يحسب أنه عبقري زمانه.
طبعا المقال يدور حول تعليق مصائب التنمية وغيرها على [ المشايخ وأهل العلم ] وإلهاء الشعب بالمصطلحات الشتائمية كـ [ المتطرفين ] و[ المتشددين ] وأنهم سبب مصائبنا، كما يقول الأستاذ حسن مفتي ساخرًا في رد على الأحمق الذي قال أن الصحوة سبب في تفشي المخدرات: (مثل هذه النظرات التي تحاول النفاذ إلى ما وراء أعماق الظواهر الاجتماعية, وتحاول الكشف عن المساحات الجرداء من التفكير العلمي, تستحق التنويه والدعم, وإبرازها كنماذج مهمة للتفكير العلمي التحليلي العميق.. ويمكن أن نعرض -على سبيل التمثيل فقط لا على سبيل الاستقراء- لموضوعات مشابهة, تنتظر آركيولوجيا التحليل, وإزميل التفسير العلمي, والحرث المعرفي في هذه المناطق الخصبة والغنية بترابطات وعلاقات مضمرة لا يستوعبها كثير من الناس, فمن العناوين المقترحة في هذا الصدد:
-علاقة الصحوة بانهيار سوق المال.
-أثر المطوية الصحوية في ظاهرة نفوق الإبل.
-تأثير المسواك الصحوي في تغير الشكل الجغرافي للجزيرة العربية.
-دور الضغوط الصحوية في نزول “آيات الحجاب”.
-الخلفيات الصحوية لخروج آدم من الجنة.
-الترسبات الصحوية في عقلية ابن كثير وتفسيره.
-المضمون السياسي في العبارة الصحوية “جزاك الله خير”.)
ويتجاهلون الأسباب الفعلية التي خلفت هذه المصائب.
في هذا المقال يتناول المفكر السكران كل ماذكرت بأسلوب ساخر، صادر عن رجل ملم بما يذكره من اتهامات مع الرد عليها.
كما ذكرت.. المقال ساخر ويستحق القراءة، وسأضعه لكم في الرد الثاني بإذن الله تعالى.
مواقع النشر (المفضلة)