السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
؟
؟
عمل فردي أم مؤسساتي؟
منيف خضير
قبل بضع سنوات من الآن وقف معالي وزير الزراعة السابق عبدالله بن معمر بنفسه على بحيرة التبخير التي تتوسط أحياء محافظة رفحاء وتشكل لهم قلقاً مستمراً بروائحها الكريهة وخطراً لغرق أحد الأطفال فيها، ومرضاً بكمية تجارية لحشرات وباعوض من العيار الثقيل، وكان معه وفد من وكلاء الوزارة في زيارة للمحافظة، واستمعت أنا للحديث الذي دار بين معاليه وبين الأهالي، بحضور محافظ رفحاء ورئيس البلدية وعدد من الأعيان وجيران البحيرة المتضررين، وكانت الوزارة آنذاك قد رصدت مبلغاً قارب الخمسين مليون ريال لإزالة هذه البحيرة خارج النطاق العمراني، وكان معالي الوزير يرى أن المبلغ كبير، خصوصاً وأن وزارته قد رصدت مبلغاً يزيد عليه لإنشاء محطة تحلية جديدة وإلغاء هذه البحيرة التي تستخدم مكباً لنفايات المياه الملوثة والمالحة من محطة التنقية الوحيدة في المحافظة، والتي تحولت بمرور الزمن إلى اللون الأخضر لكثرة الطحالب والباعوض والشجيرات المائية التي لم تفد معها وسائل التنظيف المتكررة والتي شهدت أوجها قبل مقدم معاليه بأيام!
الآن مر ثلاثة وعشرون عاماً على هذه المكبات المائية والتي يسميها العامة تجاوزاً بحيرة دونما حل، سمعنا الكثير من التصريحات الصحفية عن قرب موعد إزالتها، ولكن هيهات!
وأنا هنا لا أتهم أحداً بالكذب - لا سمح الله-، ولكن كل ما قصدته بإيراد ذكر هذه البحيرة هو مثال على الصبغة الفردية في القرارات التي تتخذها الوزارات، لدينا هنا للأسف قرارات وزارية تتبخر بمجرد زوال من أصدرها وقررها، ملايين الريالات تصرف وبحماسة منقطعة النظير من أجل مشروع وزاري لا يلبث أن يتلاشى بمجرد تغيير هيكلة الوزارة، والأمثلة كثيرة وحاضرة ليس المجال هنا لسردها.
وبعض المشاريع الوزارية والأفكار - والحق يقال- لا تعني كثيراً من الناس على مستوى معيشتهم وحياتهم اليومية لذلك لا يلقون لأكثرها بالاً وربما لا يلحظون توقفها أو تغيرها من وزير لآخر، ولكن فيما يتعلق بحياتهم اليومية فالأمر يبدو أكثر إزعاجاً إذا لم تتعامل القيادات المتعاقبة في أية قضية تخص المواطن بجدية تامة ومصداقية يتناقلها الخلف عن السلف.
دعوني أحدثكم عن بحيرة رفحاء كمثال حي على التباين بين العمل المؤسساتي والعمل الفردي، هذه المكبات المائية كانت تؤول مسؤوليتها للبلدية (والتي تطوعت مشكورة بنقلها خارج النطاق العمراني بعشرة ملايين عوضاً عن الخمسين مليونا التي رصدتها وزارة الزراعة)، وأثناء توزيع المخططات السكنية لم يعمل القائمون عليها آنذاك (ومعظمهم من المتعاقدين) حساباً للتمدد العمراني والسكاني فأصبحت هذه المكبات بمرور الأيام تتوسط أحياء المحافظة، تخيلوا أحياء مكتملة بمدارسها ومراكزها الصحية وسكانها تحاصرهم روائح مزعجة، وتهاجمهم الحشرات حتى أن أحد جيرانها قال لي إنه شاهد حشرات لأول مرة في حياته ولا يعرفها من قبل، قلت له ساخراً احمد ربك على هذه الثقافة التي تزودكم بها هذه البحيرة، وكثير من جيرانها قد باع منزله فعلاً وغادر الحي برمته، والبعض أوقف مشاريع استثمارية عدة سنوات لعل وعسى، فبالله عليكم من يتحمل البقاء قرب مياه آسنة شبيهة ببيارة للصرف الصحي؟
هذا هو حال جيرانها في أكثر من سبعة أحياء مأهولة والشكوى لله!
ومن بعد البلدية آلت مسؤولية هذه البحيرة لوزارة الزراعة ثم لوزارة المياه ولا ندري أي الوزارات الأخرى ستحظى بشرف الإشراف عليها مستقبلاً.
بحيرة رفحاء ليست إلا مثالاً واحدا لعشرات القرارات التي تبدلت بتبدل المصدر، وابحثوا في مدننا ستجدون عشرات القرارات التي لم تنفذ وعانى منها الناس مثل معاناة رفحاء مع البحيرة والتي امتدت إلى أكثر من عشرين عاماً ولا يزال للمعاناة بقية طالما أن قرارات الوزارات فردية لا تنطلق من فكر مؤسساتي.
======================
الله يرحم حالنا يا استاذ منيف ......الظاهر بتصير قضيتنا مثل قضية فلسطين ويمكن احفادنا هم من سيجبر الجهه الجديده التي ستتشرف بالاشراف على بحيراتنا العزيزه بازالتها
.
مواقع النشر (المفضلة)