عرعر - «الحياة
يكتسب درب زبيدة في محافظة رفحاء (منطقة الحدود الشمالية)، قيمة تاريخية كبيرة، بوصفه طريقاً للحجاج والتجارة في عصور الإسلام القديمة. ويعود تاريخه إلى عصور ما قبل الإسلام، لكن زادت أهميته مع ظهور الإسلام عندما أخذ في الازدهار بدءاً من عهد الخلافة الراشدة والفترة الأموية، وبلغ ذروة ازدهاره في عصر الخلافة العباسية الأول، إذ أنشئت عليه المحطات والاستراحات، وتم تزويدها بالآبار والبرك والسدود والقصور والدور والخدمات المتنوعة.
وعملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على تسجيل الدرب ضمن أبرز 10 مواقع تراثية في المملكة تدخل ضمن قائمة التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو»، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وسلك حجاج العراق وبعض أجزاء منطقة الشام إلى الديار المقدسة هذا الدرب، بجانب ما مثله من قيمة تجارية للقوافل التي تتجه إلى جزيرة العرب في طريقها إلى مكة المكرمة لأداء الحج واستثمار هذه المناسبة الدينية العظيمة في البيع والشراء، ولا تزال أطلال الدرب باقية إلى اليوم باعتباره قيمة ثقافية وحضارية عريقة.
ويقطع درب زبيدة أراضي محافظة رفحاء من الشمال إلى الجنوب، وتنتشر على طولها مواقع ومنشآت أثرية، من: الآبار والبرك، ومنها بركة الظفيري التي تقع على مقربة من حدود المملكة مع العراق إلى الشمال من محافظة رفحاء في منطقة سهلية تسمى الظفيري، وتحيط بها بعض الكثبان الرملية من جميع الجهات، وبركة العمياء التي سميت بذلك لأن بركتها لا ترى الماء إلا ما ندر على رغم غزارة الأمطار الساقطة، وتقع شمال رفحاء، وبرك القاع التي تقع شمال شرقي رفحاء.
وتوجد أيضاً بركة الثليماء الدائرية الشكل، ووبركة الجميماء المربعة الشكل، وتقعان شمال شرقي رفحاء على مسافة 17 كيلومتراً، وهما من النماذج المثالية على درب زبيدة.
وتسعى «السياحة والتراث الوطني» إلى ترميم المعالم الأثرية على امتداد الدرب التاريخي، وجرى تهيئة بركتين من المعالم الأثرية المهمة في رفحاء على هذا الدرب، وهما الجميما، والثليماء، فيما تمت تهيئة بركة الشاحوف وقرية زبالا التاريخية جنوب رفحاء، ومشاريع تحسينية أخرى ستتم على مراحل لمحاكاة درب زبيدة قديماً.
وقال المدير العام لفرع هيئة السياحة في الحدود الشمالية جهز الشمري: «إن مشاريع درب زبيدة تأتي في إطار الاهتمام بالمواقع الأثرية، وتطوير البنية التحتية السياحية، وإيجاد مسارات سياحية في المنطقة تخدم التنمية السياحية، وإيجاد فرص وظيفية واستثمارية جديدة تسهم في دعم الحراك الاقتصادي في الحدود الشمالية».
بدوره، أوضح المؤرخ التاريخي مطر السبيعي أن طريق الحج من العراق إلى مكة المكرمة سمي باسم «درب زبيدة» نسبةً إلى السيدة زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور زوج الخليفة هارون الرشيد، لجهودها الخيرية وإصلاحاتها المتعددة على امتداد الطريق.
وأضاف أن تاريخ ذلك الدرب يعود إلى ما قبل الإسلام، وأنشئت بعده المحطات والاستراحات، وحفرت البرك وشقت القنوات واقيمت السدود والحصون والقلاع والاستحكامات، لتأمين الحجيج على طول هذا الدرب من بدايته من الكوفة في العراق إلى الديار المقدسة.
وخُطط مسار الطريق بطريقة علمية وهندسية فريدة، وأقيمت على امتداده المحطات والاستراحات، ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية، وهناك علامات ومواقد توضع مساء على طريق زبيدة، وذلك ليهتدي بها المسافرون فمنذ بداية الدولة العباسية أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال أحجار المسافة والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة.
منقول من صحيفة الحياة – عدد يوم الاحد 18-8-1438هـ
منقول من صحيفة الحياة – عدد يوم الاحد 18-8-1438هـ
مواقع النشر (المفضلة)