إنسانية كوزمين






خلف ملفي

ربما - إلى درجة التأكيد - أن حادثة {المعوق} وهو يطلب القميص من {كوزمين} مدرب فريق الهلال {المقال}، لدى مغادرة المدرب أرض الملعب {غاضبا} لم تأخذ المساحة التي تستحقها، مع عدم إغفال {سردها} في سيناريو قضية أحداث نهائي كأس ولي العهد بين الهلال والشباب، والتي أدت إلى إلغاء عقد كوزمين بقرار رسمي، تضمن أسباب إقالته وهي: رميه للقميص الذي كان يرتديه وجميع الأجهزة الفنية ولاعبي نادي الهلال والذي يحمل صورة ولي العهد. ثانياً: رفضه الصعود للمقصورة الملكية للتشرف بالسلام على راعي المباراة. ثالثاً: ما قام به من تصرف غير مقبول تجاه رجال الأمن ومسؤولي التنظيم، رغم أن هناك تنسيقاً مسبقاً مع الناديين حول إجراءات التنظيم المتبعة في هذه المناسبة وإصراره على مخالفتها – حسب البيان الرسمي.
وفي سياق تعليق كوزمين على القرار قال {تذكرت أنني سمعت أحدا يطلب القميص، فوضعته على المنصة}.


ولكن كوزمين وبعد أن عاد إلى منزله وشاهد اللقطة، تيقن في قرارة نفسه أنه أساء إلى {معوق}، وأنبه ضميره فبحث عن هذا الشاب السعودي المعوق، إلى أن وصل إليه وصافحه واعتذر منه وقدم له هدية ومبلغا ماليا، ذكرت مصادر خاصة أنه {50 ألف دولار}، في حين شدد الأخ {المعوق} علي العنزي الذي وصلت إليه {الشرق الأوسط} قبل يومين على عدم الإفصاح عن قيمة المبلغ، واكتفى بأنها هدية خاصة.

وعموما، القضية ليست في المبلغ، ولكن في (إنسانية) كوزمين، الذي كان بإمكانه أن يكتفي باعتذار عبر وسائل الإعلام، لكنه أصر على أن يصل إلى المعوق، وأن يقدم له هدية خاصة بعيدا عن وسائل الإعلام، عدا منتديات شبكة الهلال التي كان مصورها حاضرا. ومن جانبنا في {الشرق الأوسط} وبعد حديث كوزمين لقناة أبوظبي الرياضية وتأكيده على أنه حرص على الاعتذار للمعوق، بل واعتذر {ثانية} عبر {أبوظبي}، حرصنا على الوصول للطرف الآخر، كعمل إنساني نرى في متابعته ومعرفة تفاصيله فوائد اجتماعية عظيمة من خلال جسر الرياضة.
والأكيد أنه عمل صحافي نفخر به، ولا سيما أنه إيجابي وتعاضدي وأخوي، وهو رسالة لمن – وللأسف الشديد – لا يتعاملون إنسانيا مع الكثير من الأحداث والأخطاء والفئات التي هي بحاجة للرعاية والدعم والعطف ولها أيضا حقوق وواجبات.
وفي هذا السياق، لم أستطع تجاوز عبارة علي العنزي وهو يقول عن كوزمين: {لاحظ .. هو غير مسلم}، والأكيد أن لهذا العمل وقع كبير وتأثير إيجابي عميق، وهناك كثيرون بيننا يجب أن يتعلموا من درس كوزمين الإنساني، وكذلك مصداقيته ووضوح تعامله، ومن يريد التأكد فعليه العودة لحوار المدرب الرائع في أبوظبي الرياضية، وليس أبلغ من قصته التي صورها في {صديقين تاها في الصحراء وكتبا على الرمل والحجر}، لكن اهتمامي الأكبر ذهب إلى (إنسانيته)، أما كفاءته التدريبية فقد حظيت بإجماع قياسي.

*نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية

[p5s][/p5s]
شعارهم "الهلال أولاً ... ثم الوطن"