مقال للأخ العزيز ...........{ نافع صياح التومي} من موقع ياله من دين
معوقات الهداية ::
نافع الشمري
إن التوبة والإلتزام والهداية أمنية لكل نفس بشرية والعودة إلى الحق مطلب لكل العقلاء ولكن هناك عوائق قد تقف بين المرء وبين الهداية وهي لا شك حواجز ولكن يستطيع قوي الإرادة بإذن الله تجاوزها وتخطيها بشرط أن يملك القدرة والعزيمة القوية باستشعاره لعظمة خالقة_ جلّة قدرته_ وبتفكره في يوم معاده {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (85) سورة القصص.
وإن الهداية للدين والحق أعظم نعمه أنعم الله بها على من شاء من عباده فهي أعظم مفقود عند من فقدها وخير مطلوب عند من يبحث عنها مع أن الحصول عليها ليس صعب المنال ولكنه يحتاج إلى صدق في التوجه إلى الله عز وجل ولا تتطلب المال والجاه فهي معروضة لكل أحد ولا ينالها إلا القليل:
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد ولقد عرضتِ بأبخس الأثمان
فالهداية غالية على الأنفس المؤمنة والقلوب الحية, ولم لا؟
وثمرتها الجنة ورضى رب العالمين.
فالجميع يرغب في الهداية ولكن تحول بينهم وبينها عوائق وموانع قد يعرفها الإنسان وقد لا يعرفها وقد يقف عليها ولا يعرف طريق الخلاص منها.
وياأيها الإخوة فالأصل في الإنسان الخير والهداية فقد خلق الله الخلق لعبادته وهيئ لهم ما يعينهم عليها من رزقه.
قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } سورة الذاريات.
إن النفس بفطرتها السليمة إذا تركت كانت مقرة لله ومحبة لله وتعبده ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك ما يزين لها شياطين الإنس والجن لما يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا, وقال صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه " كل مولود يولد على الفطرة" وعند أحمد وغيره " خلقت عبادي حنفاء وأضلتهم الشياطين".
إذن فالأصل في الإنسان الهداية, لا طريق الغواية, فالهداية مطلب شرعي وطلبها واجب على كل عاقل راشد لا خيار له فيها لأنها الأصل الذي خلق من أجلها خلق الإنسان.
ولا يتصور الإنسان أن الهداية ستأتيه وهو في ضلاله وغوايته دون طلب لها وسعي للحصول عليها, لذا أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم حفيده الحسن بن علي رضي الله عنهما فعن الحسن قال:" علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن : الهم إهدني فيمن هديت" فعلى الإنسان العاقل أن يسعى للحصول على الهداية بالدعاء ومجالسة الأخيار ومجاهدة النفس وكل الوسائل المعينة على ذلك وأن يقضي على جميع العوائق والعقبات وكل ما يقف حائل بينه وبين التوبة والإنابة والعودة إلى الله قبل أن يداهمه الموت وعندها يندم ولات حين مندم.
أما معوقات الهداية أيها الأخوة فهي:
1. الأصدقاء:
فنحن نلمس جميعاً ما للأصدقاء من أثر في توجيه السلوك والطبائع المتباينة وبالاختلاط يتأثر الأصدقاء بعضهم ببعض وهناك من الشباب من يرغب في الهداية ولكن أصدقائه يقفون حائل دون تحقيق أمنيته بصور شتى وأساليب عديدة:
لعل أبرزها عدم إعطائه فرصة للتفكير حيث نجد أنهم يجتمعون يومياً ساعات طويلة بحيث لا يكون أمام الواحد منهم فرصة للتفكير في وضعه وما هو عليه من ضياع ولو تأخر عن الحضور تجدهم يجرون معه كافة طرق الاتصال وإرسال من يقوم بإحضاره وقد يجتمعون في مسجد وتلقى كلمة فيتأثر أحد الأصحاب بها ولكن بعضهم أو غالبهم لا يتيحون له الفرصة للاستفادة منها, ومنهم والعياذ بالله _ من إذا رأى صديقة قد تأثر بزيارة لمقبرة أو بكلمة ألقيت في مسجد بادر وأسرع بإسماعه أغنية ماجنة عقب ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2. الغفلة والتسويف:
جميع الفطناء يتمنون الهداية ويحرصون عليها لما يعرفون عن آثارها الطيبة في الدنيا والآخرة ولكن هناك من لا يسعى لها ويقوم بتأجيلها وتسويفها ويغفل عن آثار هذه الغفلة: قال تعالى:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ} (1) سورة الأنبياء.
فكم من مسلم كانت التوبة والهداية من الأمور التي يبحث عنها ويخطط لها ويتمناها ولكنه أجلها حتى غفل عنها ظناً منه أنها شيء كاسد في متناول يده متى ما أرادها.
إن تأجيل التوبة إلى أوقات الرجولة وزمن الشيخوخة أفكار تعشعش في عقول الشباب من ذكور وإناث فكم من شاب نزل الموت بساحته وهو في زمن الغفلة فنسأل الله السلامة والعافية.
3. المخدرات :
كم تنخر المخدرات في جسد الأمة وكم أضاعت عليها شبابها وما انتشرت في مجتمع إلا ظهرت فيه الرذيلة وغادرته الفضيلة فأصبح تعاطيها و إدمانها عائقاً عن التوبة و الهداية وكم من شاب قضت هذه السموم على آماله وطموحاته فكانت نتيجتها ضياع الدنيا و الآخرة ، قال تعالى { خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين } .
4. المقاهي :
عن طريقها يتعرف الشباب على القنوات الفضائية و الأفلام المنحرفة و البرامج المنحلة والأخلاق المدمرة والصحبة السيئة و إن من اعتاد ارتياد هذه الأماكن يصعب عليه التخلص منها والتفريط فيها بسهولة إلا بصدق مع الله سبحانه و تعالى .
5. السفر :
من اعتاد السفر إلى أماكن اللهو والرذيلة من أجل ممارسة البغاء ونبذ الفضيلة وتعاطي الخمور يصعب عليه الالتزام لشدة تأثيرها فيه وكثير من الناس لا يستطيعون كبح جماح شهواتهم ورغباتهم في السفر ولا يستطيعون خطم أنفسهم عن شهواتها أو مجاهدة أنفسهم بنبذ السفر وتركه وليس عندهم استعداد للتضحية بشيء لله سبحانه وتعالى .
6. القنوات الفضائية :
فكم من رجل أضاع عمره و أهدر وقته وصحته وماله بسبب هذه القنوات وكم من فتاة هتك عرضها بسببها و إن الإنسان الواعي يستمع لنصح الناصحين وتحذير العلماء والواعظين من خطر هذه القنوات ويتركها سريعاً بلا عودة ومتى ما صدقت النية كان العون من الله عز وجل .
7. الشهوة :
فهناك بعض الشباب لا يقدرون على كبح جماح شهواتهم فكلما اشتهت نفسه شيئاً أعطاها دونما محاسبة لها وكلما فكر في الهداية وجد أن الهداية ستقف حائلاً بينه وبين مايشتهيه و من ثم ترك التفكير في الهداية كلياً إلا من رحم الله تعالى و أعانه على نفسه .
8. كرة القدم :
أصبح غالب الشباب مفتونين بها و إذا فكر الشاب في الهداية والالتزام أصبحت الكرة عائقاً يحول دون ما يصبو إليه فإذا فكر في قراءة كتاب نافع أو حفظ آيات من القرآن تضارب ذلك مع موعد مباراة وكلما فكر في السفر إلى عمرة أو حج حال بينه وبينها موعد هام لمباراة بل و أكثر من ذلك التفريط في صلاة الجماعة و إنا لله و إنا إليه راجعون ولاشك أن هذا عائق ولكن قوي العزيمة مع الاستعانة بالله يتخلص منها بإذنه تعالى .
9. الأغاني :
فقد أولع الكثير من الناس بها وكلما فكر شاب أو شابة في الهداية والالتزام وجد هذا العائق يحول بينه وبين ما يريد فعليهم أن يعلموا أن الدنيا ليست دار مقر بل هي دار ممر و أن تحقيق رغبات النفس بما يغضب الرب تبارك وتعالى سيجعلهم يتعرضون لعذاب الله يوم القيامة نسأل الله السلامة والعافية .
10. الدخان :
فالكثير من الشباب يقف هذا السبب حائلاً يمنعه من الالتزام ويجعله لا يفكر في مصاحبة الأخيار استحياء من ارتكاب هذا المنكر ويرى أن الطريق الذي سيحرمه من معشوقه لا يناسبه ويستمر في ذلك حتى يأتيه اليقين وهو على ذلك وليعلم الشاب أن ترك الدخان من أسهل الأمور فهو يحتاج فقط إلى عزيمة وقوة إرادة وتوكل على الله سبحانه وتعالى .
11. الزوجة :
إن كثير من الشباب يرغبون حقيقة في الالتزام والهداية ولكن المشكلة في الزوجة فهي تغار من صديقتها وقد تكون بعيدة عن التديٌن أصلاً فلذا كلما فكر الزوج في الالتزام بادرته بطلباتها التي تعارض الالتزام كالسفر للخارج وما يصاحبه من زيارات لأماكن الاختلاط والدخول إلى أماكن مشبوهة إرضاءً لها أو تقليداً لصديقات السوء ، و إن من الشباب من يقبل على الزواج وكله أمل بأن تساعده زوجته على تغيير حالته فإذا بها تزيد الطين بلة وخاصة إذا كانت الزوجة تملك مالاً حيث يسقط بعض ضعاف النفوس وسط إغراءاتها المادية وبخاصة ونحن في زمن قد طغت المادة فيه على كثير من القيم والمبادئ والله المستعان .
12. الزوج :
حيث ابتليت بعض الفتيات بأزواج سيئي الأخلاق و أصحاب فجور وكلما فكرت الزوجة بالهداية والالتزام وجدت زوجها يحول بينها وبين هذا الطريق فهو يجبرها على مشاهدة الأفلام والاستماع إلى الأغاني ويسهرها عن الصلاة وذكر الله ويؤذيها برائحة الدخان أو الخمر والعياذ بالله ولاحول ولا قوة إلا بالله .
يتبع ........
مواقع النشر (المفضلة)