بسم الله الرحمن الرحيم




ثقافة المجتــــمع الدينــــية .







الثقافة الدينية في مجتمعنا جيدة إلى حد ما ، وإن كانت تفتقر إلى عنصري التطبيق والتجديد الذين سنسلط الضوء عليهما في حديثنا هذا .

التطبيق : نحن غالباً نتجاوز القرآن كاملاً بدون أن نستحضر تطبيق آياته وأوامره ونواهيه ، وكم من آية في القرآن الكريم تبدأ بنداء (يا أيها الذين ءامنوا) ليتبعها أمر فيه خير أو نهي في إتيانه شر ، فلا ننتبه لها ولا تؤثر علينا وعلى قراراتنا. اسمعوا إلى هذا المثال يقول الله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) فكم من الأشخاص في مجالسنا اليومية ينقلون إلينا الأخبار عن فلان وفلان ثم يتبع الخبر تحليل واستنتاج ثم يغير هذا الخبر بلباس التحليل ثم ينتشر بين الناس ، فلو أن الناس طبقوا هذه الآية على أنفسهم أولاً وقبل كل شيء فلا نجد انتشار للأخبار الكاذبة ، فلا أحد ينقل إلينا خبر من غير أن يتأكد ثم لو تأكد منه أيضاً لطبق الحديث الشريف (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ) أما المتلقي فيتأكد أيضاً وإن عرف أنه كذب وافتراء قال سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم وإن كان صحيحاً تقرب إلى الله بستر المسلم ، ولكن في الحقيقة أن هنالك الكثير من الناس يتلهفون إلى الأخبار ويسترقون السمع من أجل أن يتربعوا في المجالس ويستأثروا بالحديث !! كذلك من الأمثلة على هذا الجانب حديث كفارة المجلس ، فنجد الذكر يعلق على جدار المجلس ، ثم لا أحد إن قام من مجلسه يقول ذلك الذكر مع أنه لابد منه في مثل حال مجالسنا اليوم ، إنه غياب لثقافة التطبيق وللأسف ، وليقس على هذه الأمثلة مالم يقل .
التطبيق عنصر تربوي لابد منه في ثقافة التربية أيضاً، فالمربي يجب عليه أن يعلم أبنائه كلما حفظوا آية أن يطبقوها في حياتهم ويستحضروا ذلك وكلما رأى الأب مخالفة لما تعلموه نبههم أن هذا خلاف ما تعلمناه من كتاب ربنا ، الخطيب في يوم الجمعة يبدأ خطبته كل أسبوع " عباد الله اتقوا الله " فكأنه يحضرهم ذهنياً وإيمانياً بما سيقوله في خطبته ثم بعد انتهى الخطبة هل اتقى الناس ربهم في الموضوع الذي تحدث عنه وطبقوه في حياتهم !!!! هنالك شيء لابد أن يغيره الإنسان في داخله من أجل أن يسلك مسلك التطبيق إنه " القناعة" القناعة الداخلية فبدون أن يغير قناعاته يصعب أن يغير حاله وسيدوم الحال على ماهو عليه وإن حاول وحاول أن يطبق ولكن لن يستطيع أو يستمر على الأقل مالم يغير القناعة الداخلية .

العنصر الثاني : عنصر التجديد ، فكم لدينا من طلاب العلم والمشائخ الكرام الذين نبجلهم ونحترمهم فنأخذ من علمهم ونسمع من كلامهم ولكن في بعض الأحيان نجد الملل !! نجد التكرار !! نجد التقليديه التي تعلمناها في مدارسنا !! نجد المطوية تتكرر في كل مناسبة دينية، نجد الخطبة تكرار والكلمة تتكرر والمحاضرة تتكرر !! حتى الطريقة تتكرر والأسلوب يتكرر ، فهي تكرار لما في بطون الكتب ، وكما نعلم أن لغتنا تمتاز عن كل لغات العالم وفي جنسها جاء التحدي لهذه الأمة ممثلاً في القرآن الكريم ، فهنالك طرق كثيرة ممكن أن نؤدي من خلالها الخطبة المؤثرة والمطوية النافعة ، فعلى سبيل المثال غياب القدوة من أهل مشاكل هذه الجيل فهل سمعتم يا معشر المسلمين أن خطيباً تحدث عن الإمام البخاري أو النووي أو ابن تيمية أو حتى علماء برزوا في مجالات علمية أخرى وهل قرأتم مثلاً مطوية منتشرة في المسجد تتحدث عن القيادة الذاتية والاجتماعية أو إدارة الوقت والأسرة والمحل والميزانية ! أو فوائد ما بعد إقامة الصلاة ! أو حتى عالم من علماء المسلمين تصاغ بلغة القصص المؤثر بالطبع حتماً ستمتد إليها الأيادي وتقرأها لأنها شيء جديد. وليست لغة الكتابة هي اللغة الوحيدة التي نستطيع أن نوصل رسالتنا إلى المجتمع من خلالها ، بل هنالك طرق أخرى كلغة الرسم بالفوتوشوب مثلاً فأنا أستطيع أن اختصر كل شيء في رسمه مؤثرة تفعل مالاتفعله ألف كلمة لأشخاص تؤثر فيهم الصورة أكثر من القراءة فهم كما يقال شخصيات بصرية ، هذه الرسمه قد تكون مثلاً في (استكر) توزع على السيارات من أجل أن تعلق أو ملصقة توزع على المحال التجارية بما يناسبها وهكذا ... إننا نستطيع أن نوظف عامل التقنية من صالحنا فنحن نكسب من يمتهن هذا العمل الدعوي الرائع من أجل إيصال كلمة الحق والإصلاح . بل حتى طرق الدروس العلمية وهذه لعلنا نفرد لها موضوعاً آخر لأهميتها .

إذن هاذين العنصرين برأيي من أهل العناصر في مجال الثقافة الدينية التي يجب أن تتحسن في مجتمعنا المعاصر