بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
خطبت العيد الثانية تتكرر في مضمونها منذ سنوات ، وإن اختلفت في بعض جملها ولكن ما زالت
تحتفظ بكلماتها وأسلوبها ، فهي خطبة موجهة للمرأة بالدرجة الأولى اقتداء بالنبي صلى الله عليه
وسلم .
وسيشهد هذه الصلاة جمع غفير من المسلمين ونخص بالذكر أمهاتنا وما أدراك ما أمهاتنا اللتي
يمشين إلى الدار الآخرة نسأل الله لهن طولة العمر والصحة ، وهن من جيل الكفاح والتعب والركض
وأيام "الشقاء " هذا بالإضافة إلى فضلهن بالأمومة .
وفي يوم العيد هن أكثر الناس استحقاقاً للشكر ورد الجميل وإن مما يؤلم أن نسمع الخطبة الثانية من يوم العيد
والموجهة للنساء تفيض بكلمات الوعيد والتهديد والزجر والتحذير ثم بعد ذلك لا نسمع كلمة " شكراً يا أمهاتنا "
أو حتى كلمات الثناء والوعد بالخير في الدار الآخرة . وإن كانوا يحتجون بخطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم
العيد وتحذيره للنساء بأنهم أكثر حطب جهنم ، فأعتقد والله أعلم ( وأهل العلم يفتوننا في هذا ) أنه غير ملزم
للخطباء بأن يأتوا به في كل خطبة عيد ، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكره من أجل حثهن على الصدقة حتى
جعلن يتصدقن من حليهن ، وأيضاً لكل مقام مقال .
ومن جاء بالوعيد فعليه أن يأتي أيضاً بالوعد ، فالخوف والرجاء كجناحا طائر ، يحتاج كل منهما للآخر ،
وأذكر في خطبة عيد سابقة أني قلت لمن كان معي أن الخطبة الثانية سيذكر فيها كذا وكذا وكذا وهذا ما حدث .
فمع تكرار هذه الخطبة في كل عيد وتكرار نفس الأسلوب فإن هذا يعطي إنطباعاً بالقنوط واليأس في
نفوس الحاضرات ، ويعطي أيضاً إنطباعاً عند الرجال بأن النساء دعاة على أبواب جهنم .
وأيضاً عند الحديث عن اللباس العاري وما جاء فيه من الوعيد الشديد ، فإن بعض كبيرات السن يتكرس في
نفوسهن الصراع مع الجيل الحاضر ولذلك يظهر التباين والإختلاف في كثير من البيوت بين الأم وابنتها أو البنت
وجدتها أو الأم وزوجة الإبن ، فالأمهات يردن الحفاظ على الموروث والبنات يردن التماشي مع العصر ، بدون أن
تكون هنالك مساحة لتلاقي .
وربما تحدث الخطيب عن قيادة المرأة للسيارة ، والعمل للمرأة فمثل هذه القضايا تثار فقط في الإعلام ولا
تلامس واقع المرأة بمجتمع مثل رفحاء ، فينبغي أن يكون الحديث عن المرأة بتكوينها الإنساني والعاطفي ،
فمجتمعنا يسرف في الحديث عن الماديات ، و ( يطنش ) الحديث عن جوهر الروح وأعماقه ، فكم من بنت لم
تسمع من أبيها كلمة حنان أو لمسة شفقه أو ضمة رحمة ، ولذلك نشأت أجيال تبحث عن العاطفة في الطريق
الحرام ، وكم من أم لم تسمع من أبنائها وبناتها كلمات الحب وإذا كان هنالك تواصل فإنه تواصل جاف . وكم من
زوجة عانت من زوجها مراراة الحياة وقسوة السكن ، فكرهت الحياة ، وأهملت الذرية ، فهنالك فجوة بين
الواقع وبين ما ينثره الخطيب على الناس من كلمات ، فالعلاقة بين الرجل والمرأة بحاجة إلى إعادة بناء .
.
.
.
مواقع النشر (المفضلة)