بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

أيها الإخوة القراء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
إنني من خلال هذه الحلقات في هذا المنتدى لن أكتب لكم عن رواية نسجتها من الخيال وإنما سأتحدث لكم عن شخصية حقيقية والأرجح أنها لكاتب هذه السطور ولأننا كلنا يحرث في هذه الحياة فسأختار لصاحبنا أسم (حارث) وقد قال : صلى الله عليه وسلم ( أصدق الأسماء حارث وهمام )
وربما تجدني أبعد في الرمزية حتى تشعر وكأني أكتب لك عن شخصية أسطورية تعيش في عصر ما قبل الميلاد أو في أحد جزر المحيط الأطلسي وقد أقترب حتى تشعر أنني أكتب لك عن ذاك الشخص الذي ربما جلست وإياه عل مائدة واحدة قبل قليل لكن لا تجعل همك في معرفة بطل هذه القصة بقدر حرصك على أن تعيش مع فصولها وتنقد بذائقتك الأدبية ما ورد فيها لتقوم معوجا أو تجبر لفظا منكسرا فالمؤمن مرآة أخيه وهو له كاليدين تغسل إحداهما الأخرى

الحلقة الأولى :
تفتحت عينا (حارث )وهو يعيش في كنف أبوين أميين في بيت منسوج من الشعر يتوسطه ثلاثة أعمده وفي كل زاوية منه عمود ويسمى في العرف آنذاك (مثولث) وقد خصص الطرف الشمالي الشرقي للبيت قسما للرجال يفصل عن قسم النساء بفاصل يسمى (محجر) ويشتمل هذا القسم على عدد من الفرش والمراكي الخشبية والتي غلفت بالجلد المثبت بالدبابيس ومذياع وأواني إعداد القهوة والشاي (دلال وأباريق ومحماسة القهوة وبرادة القهوة وهي عبارة عن إناء مستطيل مصنوع من الخشب تبرد فيه القهوة بعد حمسها ونجر تطحن فيه القهوة والهيل وفناجيل وكاسات وملقاط ) تحفظ بصندوق خشبي له قفل حديدي من أجل ألا تصل إليه أيدي الصبية وكان حارث يقوم مع إخوانه بإعداد القهوة وخدمة الضيوف الذين يضيق بهم المكان حيث يتواجدون يوميا بعد صلاة العصر عند والدهم في (شبته )حيث يجتمعون فيتعلم الصغار من أخلاق الكبار حيث كانوا يرددون علينا مقولة (المجالس مدارس) وبالفعل كانت تلك المجالس لا تعلم القراءة ولا الكتابة ولكنها تعلم الأخلاق والمراجل وتربي الأبناء منذ نعومة أظفارهم على تحمل المسئولية واحترام الكبير وحفظ الحقوق والصدق
بينما القسم الآخر من البيت مخصص لأثاث البيت من الفرش والوسائد والشنط الحديدية التي تحفظ بها الملابس وهو مكان النوم ويوجد قسم صغير في طرف البيت مخصص للأواني المنزلية التي تستخدم في إعداد الطعام (قدور وصاج وصحون وطياس وملحقاتها)
ويسعى حارث مع أسرته كغيرهم من سكان هذه البيوت إلى تهيئتها بوسائل التبريد في الصيف ووسائل التدفئة في الشتاء
ففي الصيف يبرد الماء بواسطة (زير) أو (قربة) وترش أرضية البيت بالماء وترخى الأروقة ليشعروا بهواء بارد وفي القائلة يضع بعض المترفين (صقاع ) وهو قماش أو شرشف يلصق بالبيت من الأسفل ليحجز أشعة الشمس عن المكان الذي يقيلون فيه في نحر الظهيرة وكان الجلوس أمام البيت في مكان مفتوح بعد غروب الشمس هو العامل المشترك للرجال ليفروا من حرارة البيت ويطيب السمر في الليالي المقمرة حيث يمتد الجلوس إلى ما بعد منتصف الليل
أما في الشتاء فكانت وسيلة التدفئة الوحيدة هي الحطب لمن يتيسر له ولا بد لكل أسرة أن يوجد لديهم( لحاف أو مضرب) وهو عبارة عن غطاء من القماش المحشو بصوف الضأن ويخرج في الأوقات الصعبة في شدة البرد فهو لا يتناسب مع كل وقت لأن الأطفال لا يتمكنون من الحركة تحته إلا بصعوبة بالغة
لقد كانت الحياة بالنسبة لحارث آنذاك صعبة جدا ولكن الإنسان ابن بيئته يتكيف مع الظروف المحيطة به ويستطيع التعايش معها لاسيما وأنه يرى كل أقرانه يعيشون مثله فهو لم ولن يطلب وضعا أكثر رفاهية مما هو فيه
وقد كانت الألعاب الشعبية البسيطة التي يمارسها حارث مع إخوانه وأقرانه تعني له الشيء الكثير والتي تكون غالبا في المساء حيث انتهى الجميع من أعمال يوم حافل بالجد والنشاط يعمل فيه الصغير والكبير والرجل والمرأة على حد سواء 000

تابعونا<<< في الحلقة2