الثقافية - إعداد: عطية الخبراني

شهد عام 2010م رحيل العديد من رموز الفكر والثقافة والأدب العربي، حتى أصبح جديراً بأن يطلق عليه «عام الرحيل» فما أن تنتهي الأوساط من فجيعة وفاة مفكر إلا وتليها وفاة كاتب أو شاعر، ويتوالى الرحيل ويموت الرموز وتبقى الثقافة العربية تشيع كل يوم راحل.

(الثقافية) تجمع كل هؤلاء احتفاء بهم واعترافاً بأحقيتهم بالتكريم وهم أهل له قبل هذا وبعد.

تحصر المادة أبرز راحلي عام 2010 من المفكرين والكتاب والمثقفين في العالم العربي، فقد جمعنا الجل وليس الكل وبالتتبع فلم نجد إلا راحلة واحدة هي الشاعرة السورية سوسن الجابي، وبالتأكيد أن هناك أسماء رحلت ولم يهتم الإعلام برحيلها، وذاك لا ينقص منها.

ترد الأسماء هنا تباعاً حسب تاريخ الوفاة وليس لأي حسابات أو منظور آخر.

توفيق بوغدير:

صحفي ومثقف وناقد دراما تونسي، يعتبر بوغدير من أبرز الأسماء الإذاعية في تونس، كما عمل صحفياً في العديد من الصحف والمجلات في زمنه كالزهرة والنهضة، وأسس فيما بعد صحيفة الصباح اليومية مع عدد من الأصدقاء.

برز في نقد العديد من الأعمال الفنية والمسرحية وكانت له جهود كبيرة وسباقة في ذلك داخل تونس بخاصة.

توفي في الثاني من يناير 2010م.

خليفة التليسي:

أديب وكاتب ليبي، كتب في المسرح والشعر والتاريخ، كما ساهم في العديد من مجالات الترجمة. شغل العديد من المناصب في ليبيا وخارجها وزيراً وسفيراً وأميناً لاتحاد الأدباء والكتّاب الليبيين وأميناً عاماً للاتحاد العام للناشرين العرب.

من مؤلفاته: «وقف عليها الحب» و»شاعر القرية» و»مختارات خليفة التليسي من الأدب العربي» و»هكذا غنى طاغور» والكثير من المؤلفات في الترجمة والشعر والمراجعات التاريخية.

توفي خليفة التليسي يوم الأربعاء الثالث عشر من يناير 2010م.

فاخر عاقل:

مفكر ومؤلف وطبيب نفسي سوري وأحد أبرز أساتذة علم النفس في سوريا والعالم العربي، نال درجة الدكتوراه في علم النفس من لندن.

حصد العديد من الجوائز والأوسمة داخل سوريا وخارجها؛ لما قدمه من أعمال وجهود في مسيرة حياته العلمية، كما عرف ببعض الآراء التي تستحق إعادة النظر في نظريات علم النفس السابقة؛ حيث يرى عاقل أن علم النفس قد تحول إلى علم أساسي وما زال العرب يدرسونه علما قائما على النظريات.

له العديد من المؤلفات في مجاله، منها «أصول علم النفس التربوي وتطبيقاته» الذي أعيد طبعه لأكثر من ست مرات، وكتاب «علم النفس وعلم التكيف البشري» و»رحلة عبر المراهقة « و»سلوك الطفل» و»الإبداع وتربيته» و»أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية». وله جهود في الترجمة؛ حيث ألف أكثر من قاموس.

توفي في 29 يناير 2010م.

محمد قلبي:

كاتب وصحفي تونسي، درس الفلسفة في فرنسا، وعرف بكتاباته الصحفية الساخرة اللاذعة. رأس وكالة تونس إفريقيا للأنباء، وكتب في العديد من الصحف التونسية كدار الصباح والشعب. ويعد قلبي من مؤسسي مجلة الأطفال «قوس قزح».

توفي في الواحد والثلاثين من يناير 2010م.

فؤاد زكريا:

مفكر وفيلسوف مصري وأستاذ الفلسفة بجامعة الكويت ورئيساً لقسم الفلسفة فيها سنوات عديدة. حاصل على دكتوراه الفلسفة من جامعة عين شمس.

يعتبر زكريا من أبرز أسماء الفكر التنويري والتفكير العقلاني. ينكر زكريا نظرية المؤامرة معتبراً أن الاستسلام لها هو نوع من الضعف الذي قد يلهينا عن مواجهة مشاكلنا وواقعنا العربي.

لفؤاد زكريا العديد من المؤلفات، أبرزها «ابسنوزا» عام 1962، ونال عنه جائزة الدولة التشجيعية في مصر، وكتاب «نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان» و»الإنسان والحضارة» و»التعبير الموسيقي» و»التفكير العلمي» و»الإنسان والحضارة» و»خطاب إلى العقل العربي» و»مشكلات الفكر والثقافة» و»الصحوة الإسلامية في ميزان العقل» و»الثقافة العربية وأزمة الخليج». ونال جوائز مهمة عدة، منها جائزة العويس الثقافية وجائزة الكويت للتقدم العلمي وجائزة الدولة التقديرية في مصر.

توفي في الحادي عشر من مارس 2010م.

نجم الدين صالح:

شاعر ومثقف سوري، تنقل في العديد من الوظائف الحكومية مُعلّماً ثم عضواً بمجلس الأمة ثم عضواً بمجلس الشعب السوري، وعرف بآرائه النضالية ودفاعه عن قوميته العربية ووقوفه مع القضية الفلسطينية على وجه التحديد.

غادر الحياة في الثالث عشر من مارس 2010 بعد أن ترك ديوانين شعريين، هما «زنبقة ونجم» و»الغاب المسحور».

كاظم السماوي:

شاعر ومناضل عراقي، اشتهر بآرائه الجريئة والصارخة ضد الحكومات العراقية؛ ما اضطره إلى الهجرة إلى خارج بلاده حتى سمي بشيخ المنافي. يعد السماوي أحد أبرز شعراء العراق في الأربعينيات. عمل في الصحافة وكتب في العديد من الصحف والمجلات داخل العراق وخارجها.

ومن مؤلفاته: «أغاني القافلة» و»ملحمة الحرب والسلم» و»إلى الأمام أبدًا» و»فصول الريح ورحيل الغريب» و»قصائد للرصاص قصائد للمطر» و»رياح هانوي» و»إلى اللقاء في منفى آخر».

توفي في الخامس عشر من مارس 2010م.

حامد حسن مطاوع:

صحفي وأديب وإداري سعودي، بدأ عمله الصحفي في جريدة البلاد (صوت الحجاز حينها)، وتدرج فيها حتى أصبح مديراً لإدارة الصحيفة حين بدأت الصدور باسم البلاد.

قضى ما يقارب 20 عاماً رئيساً لتحرير صحيفة الندوة السعودية التي عُرف فيها بمنهجه الصحفي المحافظ، وترك بصمته على الصحيفة حتى بعد مغادرته إياها.

اهتم كثيراً حين كان رئيساً لتحرير الندوة بنشر الوعي الثقافي وترسية مبدأ الاتزان في كل شيء، وخصوصاً في العمل الصحفي. ولعل مطاوع من الصحفيين القلائل الذين عاشوا فترتين صحفيتين مختلفتين بين صحافة الأفراد وصحافة المؤسسات.

توفي في 17 مارس 2010 م في مكة المكرمة.

أحمد علي آل مبارك:

أديب وسفير ومؤلف سعودي، يعد من رواد الحركة الثقافية في المملكة، إلى جانب عمله الدبلوماسي؛ حيث مثّل المملكة في أكثر من خمس دول سفيراً لها.

تنقّل المبارك في العديد من الوظائف الحكومية والدبلوماسية، وكان آخرها تعيينه مديراً للإدارة الإسلامية بوزارة الخارجية، التي غادرها عام 1994م.

كُرّم من قِبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مهرجان الجنادرية 1423هـ؛ حيث احتفت به الجنادرية ضيف العام الثقافي حينها. له العديد من الإصدارات والمؤلفات، منها: «علماء الأحساء ومكانتهم العلمية والأدبية» و»رسائل في المودة والعتاب والاعتذار» و»سوانح الفكر» و»الدولة العثمانية: معطياتها وأسباب سقوطها» و»عبقرية الملك الراحل عبدالعزيز»، وغيرها الكثير.

توفي في الثالث والعشرين من إبريل 2010م.

محمد أحمد البنكي:

أكاديمي وناقد ومثقف بحريني، من أبرز الأسماء الثقافية والنقدية البحرينية. تنقل البنكي في العديد من المناصب والمهام الوظيفية، التي كان آخرها وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام ومستشاراً لوزيرة الثقافة البحرينية. عُرف البنكي بنشاطه الثقافي، وكذلك دأبه في الكتابة الأدبية والنقدية، إضافة إلى أعماله الصحفية السابقة، ورئاسته للعديد من اللجان الثقافية التي كان أبرزها مهرجان «تاء الشباب» ورئاسة تحرير صحيفة الوطن البحرينية. من أشهر مؤلفات البنكي: «دريدا عربياً: قراءة التفكيك في الفكر النقدي العربي» و»عبدالله الغذامي والممارسة النقدية الثقافية»، كما صدرت له سلسلة أبحاث بعنوان «الرواية والتاريخ».

توفي البنكي في الثامن والعشرين من إبريل 2010م.

برهان بخاري:

باحث وكاتب ولغوي سوري، ابتكر عدداً من الوسائل التعليمية لطلاب المدارس، ثم قام بتنفيذ مشروعه الخاص بمحو الأمية للكبار، وأعدّ بعد ذلك مناهجه لتعليم اللغة العربية للأجانب، وتعليم اللغات الأجنبية للعرب، ووضع عدداً كبيراً من الكتب والأبحاث في هذا المجال. كما مارس بخاري كتابة المقالة الصحفية والنقد الأدبي والقصة القصيرة والرواية والشعر والمسرح، وكتب للصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.

وضع الأسس العلمية لأوّل معجم أوزبكي عربي، وعربي - أوزبكي بحكم أصوله الأوزبكية.

عمل على إنجاز مشروعه الضخم المعروف بإعادة بناء التراث العربي والإسلامي على الكمبيوتر، الذي يتألف بشكل أساسي من عشر موسوعات، أهمها موسوعة الحديث النبوي الشريف التي يربو عدد أجزائها على مائة جزء، وقام بطباعة الجزء الأول منها، والباقي قيد النشر، كما قام بشرح مشروعه في عدد من اللقاءات الصحفية والتلفزيونية والإذاعية باللغة العربية والإنجليزية.

كتب عدداً من المقالات الجدلية في صحيفة تشرين، منها: لماذا نعيد كتابة التاريخ - مؤرِّخ دمشق الكبير ليس مؤرِّخاً - الديمقراطية ورقعة الهوامش - القفز في الماء البارد - هل نحالف الشيطان - رسالة مفتوحة إلى بل كلينتون... وغيرها.

وافته المنية في الأول من مايو 2010م.

محمد عابد الجابري:

أستاذ الفلسفة والفكر العربي الإسلامي بجامعة الرباط، خاض حياة مليئة بالمعارك والعطاءات والمنجزات والسجالات الفكرية التي لم تنته حتى بعد مماته، وما زال الناس يقرؤون كتب الجابري، ويتفق البعض حوله ويختلف آخرون.

يعتبر الجابري من أبرز الباحثين المعاصرين في العقل والفلسفة، وتبنى العديد من المشروعات الثقافية والفكرية النهضوية لتجديد الفكر الإسلامي؛ حيث عمل الجابري على تأصيل ثقافة النقد والتنوير والوعي النقدي في الفكر العربي، وساهم مساهمات فاعلة في ترسيخ قيم التراث وتحديث الحقل الفلسفي والفكري، بمناقشة المذاهب والتيارات الفكرية والفلسفية والمفاهيم الاجتماعية والتربوية، عبر مؤلفاته وأعماله ومصنفاته ومداخلاته التي أثرت في كل مَنْ عاصره وقرأه، وقراءاته الكثيرة في التراث الفلسفي ونقد العقل العربي والنص القرآني.

رحل الجابري وقد ترك العديد من المؤلفات التي هزت العقلية العربية عند صدورها وأثارت جدلاً سيبقى ما بقيت هذه الكتب، ولعل أبرزها ثلاثيته عن العقل العربي (تكوين العقل، بنية العقل العربي، العقل السياسي العربي)، وكتابه «نحن والتراث» الذي قدم فيه الجابري نقداً للتراث الفلسفي برؤية حديثة وواعية وعاقلة، كما ألّف كتباً بعنوان: فكر ابن خلدون.. وجهة نظر نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر، ومدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، والدين والدولة وتطبيق الشريعة، والعقل السياسي العربي، والتراث والحداثة، وإشكاليات الفكر العربي المعاصر.

رحل الجابري في الثالث من مايو 2010 م بالرباط.

محمود السعدني:

أحد أبرز رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية، عمل وشارك في تأسيس العديد من الصحف والمجلات في مصر وخارجها، كان أبرزها مجلة صباح الخير المصرية، ومجلة 23 يوليو، ومجلة الفجر الإماراتية، وكتب في السياسة الكويتية، ونُفي بسبب معارضاته بعد انخراطه في الأحزاب السياسية. لم تمر تلك النجاحات والإخفاقات والتجارب على السعدني مرور الكرام؛ فهو يعتبرها جزءاً من حياته؛ حيث يقول «رغم الظلام الذي اكتنف حياتي، ورغم البؤس الذي كان دليلي وخليلي فإنني لست آسفاً على شيء، فلقد كانت تلك الأيام حياتي».

من أبرز مؤلفات السعدني: «الطريق إلى زمش» و»الولد الشقي في السجن» و»بالطول والعرض رحلة إلى بلاد الخواجات» و»تمام يا فندم» و»حكايات قهوة كتكوت» و»رحلات ابن عطوطة» و»وداعاً للطواجن».

توفي في الرابع من مايو 2010م.