.

.

.


الإخوة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

سبق لنا في الحلقة الأولى و الثانية و الثالثة من هذه السلسلة التعرّف على بعض الأخطاء في أدب المحادثة والمجالسة

ألا و هي ( 1- الـثـرثـرة , 2- الاستئثار بالحديث , 3- الحـديث عن النفـس على سبيل المفاخرة 4 - الغفلة عن مغبة الكلام ) ..

على هذه الروابط :

سلسلة أخطاء في أدب المحادثة و المجالسة . . ( 1 )

سلسلة أخطاء في أدب المحادثة و المجالسة . . ( 2 )

سلسلة أخطاء في أدب المحادثة و المجالسة . . ( 3 )



و هانحن في هذه الحلقة نواصل عرض بعض الأخطاء من كتاب الشيخ الدكتور / محمد إبراهيم الحمد . .
.

الـخـطـأ الـخـامـس : قـلـة الـمـراعـاة لـمشـاعـر الآخـريـن


فمن الناس من هو غليظ الطبع ، كثيف النفس ، صفيق الوجه ، لايحجزه عن المباذل يقين ، ولاتلزمه المكارم مروءة ، لايراعي مشاعر الآخرين ، ولا يأنف من مواجهتهم بما يكرهون .
فإذا ماحضر مجلساً ، وابتدر الكلام ، وضعت يدك على قلبك ؛ خشيت أن يزل أو يفرط على أحد من الحاضرين .
فإذا ماوجد مجالاً يشبع فيه طبيعته النزقة الجهولة هام على وجهه ، لاينتهي له صياح ، ولاتنحبس له شِرَّة .
فتارة يذكر الحاضرين بعيوبهم ، وتارة يؤذيهم بلحن منطقه ، وتارة يذكرهم بأمور يسوؤهم تذكرها .

=أكب رجل من بني مرة على مالك بن أسماء يحدثه في يوم صيف، ويُغِمّه، ويثقل عليه، ثم قال: أتدري من قتلنا منكم في الجاهلية ؟.
قال : لا ، ولكني أعرف من قتلتم منا في الإسلام .
و قال : من هم ؟
قال : أنا قتلتني اليوم بطول حديثك ، وكثر ة فضولك .

وقال ابن القيم : ومنهم من مخالطته حمى الروح، وهو الثقيل البغيض العقل، الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ، ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ، ولايعرف نفسه فيضعها في منزلتها .

بل إن تكلم فكلامه كالعصى تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به ؛ فهو يحدث من فيه كلما تحدّث ، ويظن أنه مسك يطيب به المجلس ، وإن سكت فأثقل من نصف الرّحا العظيمة ، التي لايطاق حمله ولاجرها على الأرض .

ويذكر عن الشافعي أنه قال : ماجلس إليّ ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر .

ولهذا فالرجل النبيل ، ذو المروءة والأدب هو من يراعي مشاعر الآخرين ، فلا يؤذيهم بكلمة ، ولايجرح مشاعرهم بإشارة أو نحوها ، بل يحفظ عليهم كرامتهم وماء وجوههم .

قال بعضهم : صحبت الربيع بن خيثم عشرين عاماً ماسمعت منه كلمة تعاب .


الـخـطـأ الـسـادس : الـتـعـمـيـم فـي الـذم



فتجد من الناس من يغلب عليه جانب المبالغة في إطلاق الأحكام ، فتراه يعمم الحكم في ذم طائفة ، أو قبيلة ، أو جماعة من الناس .
وهذا التعميم قد يوقعه في الحرج دون أن يشعر ؛ فقد يكون من بين الحاضرين من يتناولهم ذلك الذم العام ؛ فلا ينتبه المتكلم إلا بعد أن تقع الفأس بالرأس .

بل ربما عرض ذلك الذام نفسه للإساءة، فقد يسيء بصنيعه إلى شخص غضوب لايتحمل الإساءة، فيقوده ذلك إلى الانتقام والتشفي، ورد الإساءة بمثلها أو أشد .

ولهذا كان من الأهمية بمكان أن يتفطن المرء لهذا الأمر ، وأن يتحفظ من سقطات لسانه ، وأن يتجنب كل ما يشعر بأدنى إساءة لأحد من الحاضرين ؛ فذلك أسلم له ، وأحفظ لكرامته .
قال ابن المقفع : إذا كنت في جماعة قوم أبداً فلا تَعُمَّنَّ جيلاً من الناس ، أو أمة من الأمم بشتم ولا ذم ؛ فإنك لاتدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئاً فلا تأمن مكافأتهم ، أو متعمداً فتنسب إلى السفه .

ولا تذمن مع ذلك اسماً من أسماء الرجال أو النساء بأن تقول : إن هذا لقبيحٌ من الأسماء ؛ فإنك لاتدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك ، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين والحرم .

و لاتستصغرن من هذا شيئا ً ؛ فكل ذلك يجرح في القلب ، وجرح اللسان أشد من جرح اليد .

.

و إلى اللـقـاء - بإذن الله - .. ( أخـوكـم : مـراقـب )

.