[align=center]قبل سنتين من الآن قال لي أحدهم تلميحا لا تصريحا .. أنت تكتب كثيرا لكني لم أسمع أن كتبت شيئا عن أمك .. وهو يعلم مدى مالها في قلبي من مكانة .. فكانت كلماته بمثابة صفعة على الخد ، لم أستطع حيالها أي رد .. فقررت أن أكتب مقامة عنوانها يكشف مضمونها مباشرة وبدون تكلف خرجت كلمة ( أحبك يا أمي ) .. فإليك يا كل شيء بالنسبة إليّ هذه المقامة ..[/align]


[align=center]أحبك .. يا .. أمي [/align]


[align=justify]أحبك يا أمي ، كلمة نطق بها فمي ، أحبك يا أمي ، كلمة سرت في كل عضو من جسدي، أحبك يا أمي ، كلمة مُزجت بدمي ، كيف لا أحبك وأنتِ نبع الحنان ، كيف لا أحبك وأنتِ أعظمَ إنسان ، كم سهرتِ كي أرتاح ، كم ضحيتِ وواصلتِ الكفاح ، إذا مرضتُ لأجلي سهرتِ ، إذا نجحتُ من الفرحةِ طرتِ ، أنتِ كالكوثر العذب رواء ، أنتِ رمز المحبة والوفاء ، بطنكِ سكنتُ فيه الشهور ، وثديكِ كان غدائي والفطور ، وصدركِ غطاء لي ولحاف ، أنامُ عليه وأبداً لا أخاف، تُزيلين عني الأذى والأقذار ، فلا يصيبك ضيق أو نوع من الأكدار ، لو تأخرتُ دقيقةً عن البيتْ ، أو عن الأكل والشرب أبيتْ ، قلبتِ الدنيا ظهراً لبطن ، ولم يهدأ لكِ بال ويغمض جفن ، تحملتِ صنوف الآلام والصعاب ، من بداية الحمل حتى كتابة هذا الخطاب ، واليوم قد صرت في السن كبير ، وما زلت في حبكِ أجدد المسير ، ووالله لو جمعتُ كل ما في الأرض ، وأتيتُ بالطول أو بالعرض ، وحملتكِ على ظهري ، وحججتُ بكِ بيت ربي ، فليس يعدلُ طلقةً من طلقات الحمل والولادة ، فالفضل بعد الله لكِ والسيادة ، لكني مع الأسف لحقكِ تنكرت ، وفي وجهكِ تأففت وتذمرت ، لهوت مع الصحاب ، واغتررت بنشوة الشباب ، تمرضين فلا أذهب بكِ إلى طبيب ، وتطلبين مني قضاء الحاجات فلا مجيب ، جعلتكِ آخر الاهتمامات ، فكنتُ حيّاً في عداد الأموات ، كم أنا غرُّ تائه وضال ، يوم أن أعرضتُ عن ذات الحسن والدلال ، لكن حمداً لله ما دمت في زمن الإمهال ، فقد عقدتُ العزم أن أرغم إبليس ، وأقدم لأمي كل غالٍ ونفيس ، علّي أغسلُ الماضي السحيق ، وأكون لها نِعم الصاحبُ والرفيق ، أطلبي مني ما تريدين ، قولي أي شئ تحبين ، سأجلبه لكِ حتى لو كان في الصين ، أنا أبنك الصغير ، على رأسك أحوم وأطير ، وعذراً على ما مضى من تقصير ، وأجمل ما قلتُ في حياتي أنا الخــــادم وأنتِ الأميــــــر ..[/align]