[align=center]أحاديث المضارين ........ أيام انهيار السوق !!!!!!

أيها السادة الكرام

في منتدانا الطيب

بعد السلام

وفائق الاحترام

قال نفح الطيب ، وقد تذكر الأندلس وغصنها الرطيب ، وروضها الخصيب : عجيب أمر هذه

الدار ، لا تعرف القرار ، ولا ينعم صاحبها بالاستقرار ، هذه الأندلس ، كانت بأيدي المسلمين

عدد سنين فذهبت منهم كخلسة المختلس ، فعزى الناس شاعرها بقوله :

وهذه الدار لاتبقي على أحد .......... ولا يدوم على حال لها شان

قال نفح الطيب : أقول هذا الكلام تعزية لأهل الأسهم ، علّي أجلي شيئا مما لحق بهم

من الهم ، وأسليهم بذكر ما يلحق بأهل هذه الدار من المصائب ، وما طبعت عليه من تتابع

النوائب :

طبعت على كدر وأنت تريدها ........... صفوا من لأقذاء والأكدار

ومكلف الأيام ضـد طباعها .......... متطلب في الماء جذوة نار

قال نفح الطيب : وفي ظل هذا الانهيار ، تواترت لدينا الأخبار ، بهلاك عدد من الناس ، مختلفي

الأعمار والأجناس ، بسبب خسائرهم الكبيرة ، وهم لا حول لهم ولا طول أيديهم

قصيرة ، وأبصارهم حسيرة .
قال نفح الطيب : ولقد جلست في مجلس أشبه ما يكون بمجلس العزاء ، ضم عددا من هؤلاء ، يذكر

كل واحد منهم مالحق به من الخسائر ، حتى كانت دموع بعضهم تتناثر .

ولقد حدثنا مضارب عن أبيه قال : مرت بنا أيام وليال ، وهلال شهر يتبعه هلال ، نأكل النسبة بعد

النسبة ، ونجد العيشة في بيشة ، ونخرج الدباء من الكهرباء ، حتى جاءنا أمر الله ، وأصبحت

المصافي بصاع من شعير ، ثم فاضت عيناه وقال : لم أجد من تركة والدي ـ الذي قضى في هذه

الأزمة نحبه ، وغادر أهله وصحبه ـ قال: لم أجد سوى هاتين ـ وأشار الى نعجتين ـ ، من

أصل ألف سهم من المواشي .

قال نفح الطيب : وحدثنا مضارب آخر ، ودموعه تتقاطر ، أنه مر علي حين من الدهر ، نسي فيه

أن الأيام تسر وتضر ، وذلك بعد أن ذاق حلاوة السوق ، وأصبح يراهن عليه ويضع

الحقوق ، قال : وفي غمضة عين ، مسني سهم لعين ، وصار السوق بوضع تصحيحي ، هبت

رياحه على سهم الفتيحي ، الذي عشقته وأحببته ، ولعدة أيام صحبته قلت : فتنهد حتى كاد يغمى

عليه ، وقال ، سقى الله أيام الفتيحي ولياليه .

قال نفح الطيب : وبينما الجلوس على هذه الحال ، وكل منهم أتى بمقال ، حانت مني التفاتة إلى

أقصى المجلس ، إذا برجل تدل حركاته على أنه مهلوس ، فصاح بأعلى صوته

يا أيها الصحاب ، أما أنا فلا زلت أذكر أيها الأحباب ، تلك الخطبة الفصيحة ، والموعظة

البليغة ، لشيخ السوق ( سنبكا ) ، تلك التي أجهش من سمعها بالبكا ، عندما قال بوصية
قوية ، أوصيكم يا معشر المضاربين بسهم الدوائية ، فإنه سهم ثمين ، وعما قريب سيصل

الألفين ، إياكم أن يفوتكم ثم إياكم ، فإنه سيخلصكم بإذن الله من كل سهم رماكم .

قال نفح الطيب : فذكر الجميع هذه الخطبة ، وأثنوا على هذا المضارب خيرا ، ولم يروا بكلامه ضيرا .
قال نفح الطيب : فتبين لي أنه ليس بالرجل جنون ، ولكنه رجل لحقته بسبب ما حصل الديون

قال : وقد ذكرت في هذه المواقف كتاب عقلاء المجانين للواعظ الشهير ، والعالم

النحرير ، صاحب صيد الخاطر ، سقى قبره من المزن كل ماطر .

قال : ولقد كنت حضرت الخطبة التي أشار إليها ، والموعظة التي نبه عليها ، واشتريت

سهم الدوائية ، ولحقتني بسببه خسارة قوية ، والله المستعان ، وعليه التكلان .

قال نفح الطيب : ثم قام رجل في عمر الأربعين ، وقال : يا معشر المضاربين ، مالي أراكم

متكأكئين ، اشتغلوا أحبتي بغير هذه النازلة ، فإنما أنتم بها كمن هم في موج الكارثة ، وادعوا الله

بأن تصلوا سفاجة ، واتركوا عنكم اللجاجة .

قال : وقد تبين لي فيما بعد ، أن هذا المضارب قد أخذ بمبدأ الجد ، فخرج قبل حصول

المحذور ، وغادر قبل تداخل الأمور .

قال نفح الطيب : وبينما القوم على هذه الحال ، قام رجل فصلى على النبي والآل ، ثم قال : يا أيها

الناس ، أبعد الله عنكم الباس ، ما هذه الدنيا إلا ( مساهمة ) في الخير ، وإن العمر ( ينساب ) ولا

يبقى إلا ( صدق ) العمل ، والسعيد من قضى الحياة في ( الاستثمار ) ( لتعمير ) و ( نماء ) حياته

الأخرى لينعم ( بثمار ) و ( رياض ) الجنة ويسكن في بيوت من ( زجاج ) ويشرب من ( أنابيب )

الخمر واللبن ، فأكثروا من الاستغفار وأكثروا من زيارة ( مكة ) و (طيبة ) فإن الحج والعمرة من

أفضل الأعمال ، وليس ذلك بأمر ( عسير ) ، وإياكم أن تعيشوا في هذه الدنيا عيشة ( المواشي )

حتى تشرق عليكم ( شمس ) الحقيقة وأنتم لاهون ، ولتكن لكم هذه المواعظ كصعق ( الكهرباء )

تعودون بعدها الى ربكم .

قال نفح الطيب : فكانت موعظة لجميع الحاضرين ، وتسلية للمضاربين ، جزّاه الناس بعدها

خيرا ، ورأوا كل شيء في هذه الدنيا حقيرا ، وأطرقوا جميعا الرؤوس ، وكأنه وقف عليهم

بالفؤوس ، فلا تسمع إلا بكاء ونحيبا ، وكأن يوم موتهم أصبح قريبا .

قال نفح الطيب : وكان بعض هذه العبارات وصلني عبر رسائل الجوال ، وبعضها مما دار في الفكر وجال


وتقبلوا تحياتي[/align]