تحيّات طيّبات عليكم جميعا اخواتي واخواني في المنتدى
لقد تأخرت عليكم طويلا لأنشغالي بعملي الجديد في دولة الأمارات العربية ,, وكذلك الحرب واهوالها التي تسرق الأنسان من نفسه ..

ربما انا اكبر منكم سنّا , ولقد خبرت الحرب ورأيت مرارتها والمها الفادح , فلقد شاركت كجندي مشاة في الحرب الأولى عام 1988 وكنت حينها قد بلغت الثامنة عشرة للتوّ ,,
شاركت في ثلاثة هجومات بريّة , وتعرّضت مع اخوتي لآلاف القذائف في عمليات القصف على السواتر , ورأيت كيف تفتك شظايا القنابل بأجساد اصدقائي وتهشّمها ,
في الحرب يتجلّى الأنسان في اقسى شراساته وكأنه يستعيد ذاكرة حروبه الأولى عندما لم يكن يعرف التمدن والأستقرار ,
في الحرب تظهر شهوة الموت,
في الحرب يصنع الأنسان رفوفا لينسى عليها السلام
في الحرب لا تفرّق القذيفة بين الصالح والطالح
في الحرب يوزّع الموت هداياه على الجميع بالتساوي
في الحرب يتساوى الوجود والعدم
في الحرب تحفر القنابل جسد الأرض حتى تصبح كأنها مصابة بالجدري
في الحرب تغمض القنبلة عينيها
في الحرب لا ينفع العصفور جناحاه
في الحرب تتكسّر الأقلام
يستيقظ المارد من قمقمه
في الحرب ينام الضوء ويستيقظ الظلام
في الحرب تكون الحفر بديلا عن بيوتنا الدافئة
في الحرب تطحن الأمهات قلوبهن كالحنطة
في الحرب لانتذكّر سوى الدموع

اتذكّر عندما رجعت الى البيت , كانت امي طريحة فراش المرض منذ ايام . فكلّما تأتي جثّة في منطقتنا يسألون عن اهلها , تحسبها جثّتي , فيقتلها الخوف , وبعد ايام طويلة من هذا الرعب اليومي مرضت مرضا شديدا ,
اما ابي فلم يتحمّل الأمر , وقبضه الله تعالى دون ان اتمكّن من رؤيته ..

ما يحدث الآن في العراق يعيد الى ذاكرتي كل هذا الأرث الكبير من الألم واصدقاء طفولتي الذين فقدتهم ,
اننا محاصرون بين عدوّ داخلي هو صدام وعدوّ خارجي يتمثّل في امريكا وحلفائها ,
لا اطيل عليكم , يا اخواني .. ادعو الله ان ينجي العراق واهله ومحبيه من هاتين الآفتين , وان ، يمنّ عليه بفرجه القريب العاجل , انه سميع مجيب

صلاح