وداعا أيها البطل


إن الحمد لله الواحد المنان , الكريم الرحمن , الذي لاشريك له في السماوات ولا في الأرض ,وخلق الإنسان , والصلاة والسلام على الرسول المصطفى, خير نسل عدنان , وعلى الصحابة الغر الحسان, وبعد:

فإن أمة الإسلام تخسر أبطالها يوما بعد يوم , والأرحام لن تفتأ بإنجاب الآخرين من أشبال النصر , وسنة الله في الارض لن تتبدل ولن تتحول, (ذلك بأن الله مولى الذين ءامنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) فإن النصر والتمكين والكرامة والنعيم لأولياءه المؤمنين, والهزيمة والإذلال والخزي والعذاب لأولياء الشيطان.

فالله سبحانه وتعالى يدخل المؤمنين الصالحين الذين عملوا بطاعة الله وتركوا معاصيه جنات تجري من تحت دورها وقصورها وأشجارها الأنهار, جزاء على عملهم الحسن , وأم الكفار فمثلهم كمثل البهائم يتمتعون في الدنيا ويأكلون , وليس لهم عمل صالح ولا مقصد حسن ,إنما همهم شهواتهم ولذائذهم , كأنهم كالدواب التي لاعقل لديها ولا همة , ونار جهنم مستقر لهم .

لقد آلمنا فقد المجاهدين الصالحين وكان آخر العقد منهم البطل المغوار المجاهد الصنديد , شامل باسييف بطل الشيشان وقاهر الشيوعين ومنكس رأس الدب الأحمر .





علم هذا البطل وأصدقاءه بأن الله خاطبهم فقال(فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم الجنة عرّفها لهم)






فقد جد شامل وصحبه في قتال العدو وقصدوا اعناقهم بالضرب ,وأكثروا فيهم القتل وأضعفوا قواهم وثبتوا على هذا حتى لقوا الله , وهم يعلمون أن لو أراد الله لانتصر من الكفار وقهرهم بلا قتال من المؤمنين , ولكن شرع هذا الأمر ليعرف الصادق من الكاذب, ويتخذ من المؤمنين شهداء , وليعلم الله من ينصر دينه , ولتتم سنة المدافعة , وليتخذ من عباده أنصارا لدينه الذي ارتضى لهم .







لقد آمن شامل وصحبه أن من قتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله فأجره محفوظ عند الله ولن يبطل الله ثواب أعمالهم .






آمنوا أن الله سيرشدهم إلى عمل ما يرضيه ويوفقهم لكل خير , ويصلح لهم أقوالهم و أفعالهم وأحوالهم حتى يسعدوا في الدنيا والآخرة .




وتيقنوا بأن الله سيدخل من قتل في سبيله جنة النعيم , وقد بينها لهم وعرفهم بها في الوحي وعرفهم بأماكنهم إذا دخلوها. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }.





أما أمة الإسلام فما أسقط همم كثير من أبناءها , وما أبرد عزائمهم
أقوالهم : (لا تنفروا في الحر ) , (ائذن لي ولا تفتني ),(بيوتنا عورة ),(نخشى أ ن تصيبنا دائرة ) , (ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ).
يالخيبة من هذه حاله , ويا لتعاسة من هذه أعذاره ,
همنا البطون والصحون والدور والقصور , لم نرفع أبصارنا إلى سماء المثل , لم ننظر أبدا إلى نجوم الفضائل , هم أحدنا ومبلغ علمه : سيارته وثوبه ونعله فإنا لله وإنا إليه راجعون .
يا لتفاهة ماركنا إليه , دار فيها نجوع ونعرى , ونفقر ونحزن , ونمرض ونظلم , تبخس حقوقنا , ويستأسد بغلنا , ويرفع حقيرنا , ويذل رفيعنا , خسائر وبلايا , لا نعمل لآخرتنا ونحن نعلم أنها خير وأبقى ,حمقى نظن أن الدنيا هي القرار ومنتهى الأماني , تناسينا الموت وسكرته , والشباب وذبول زهرته .



شامل باسييف هنيئا لك السفر إلى دار الخلد , دار فيها غرف يرى ظاهرها من باطنها , وباطنها من ظاهرها , فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , يسير الراكب في شجرة من أشجارها مائة عام لا يقطعها , طول الخيمة فيها ستون ميلا , أنهارها مطّردة , قصورها منيفة , عيونها جارية , سررها مرفوعة , أكوابها موضوعة , نمارقها مصفوفة , زرابيّها مبثوثة , تم سرورها , عظم حبورها , فمال العقول لا تفكر؟ , مالنا لا نتدبر؟؟.



أخيرا ..... مادام أن مصيرك إن شاء الله هذه الدار فلتقر عينك وليفرح قلبك ولتسعد أبدا .

ونحن المسحوقون بالفقر , المنهكون بالفاقة , المبتلون بالمصائب , أهين رسولنا صلى الله عليه وسلم ,ومن قبله كلام ربنا , ودنس أقصانا , واغتصبت نسائنا ,وقتل علماؤنا , وسوّت دور إخواننا بالتراب, وصمتنا كانساء حت تفننا في الصمت فلا حول ولا قوة إلا بالله .
اللهم ارفع درجة شامل وأكرم نزله واغفر له ذنبه واكتبنا معه في الشهداء والصالحين .


سمعنا صائحا يبكـــــي أنينـــا
ويندب شاملا ندبا حزينــــــا
يقول الأسدُ لاتَبكـي ولكــــنْ
لهذا الليث فلتبكي السنينــا
فكم كانت به الصلبان تشقى
وكم من أهلها قتل المئينـــا
ترى بوتين مــــن جـــزع كفــأر
وجيش الروس مكسورا مهينا
وكم أذكى بهـــمْ نيران حــرب
وأنبأهم بصارمــــه اليقينــــا
حمى الإسلام بالقوقاز حـــُــرّا
مثال الليث إذ يحمي العرينا
ونادى الجندَ للإسلام قوموا
أذيقوا الروس بالسيف المنونا
فثاروُا من مرابضهمْ أســودا
تراهمْ في الوغــى متبسّمينـــا
رجالٌ كالصواعقٍ ملهبـــاتٍِ
بأجنحة الفخار مرفرفينــــــا
أمات الليثُ أم حــــيّ بقوم
يرون حيــاة ذي ذلّ جنــــونا
يرون الموت أولى من حيــــاة
يذلّ المـــــــرءُ فيها مستكينا
سيخلف شاملا بطــــل أبــيُّ
ويرجـــــــعُ بالجيوش مظفّرينـــا
فهذا الدين ينجب من بنيه
بنينا ليس مثلُهـــــــُـمُ بنينـا
كأنّ رجاله تيجــــان عـــــزّ
سحائبُ تمطـــرُ النصرَ المبينـــا



وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

ورقة التوت
15/جمادى الثانية/1427