تحيّات طيّبات عليكم اخواتي واخواني في المنتدى
قبل حوالي خمسة الاف عام اخذ رجل مغمور لم يكن معروفا في بابل القديمة زمام المبادرة وقاد جمهرة من الفلاحين الذين ارهقهم الكدح وبسطاء الناس من اصحاب الحرف الأخرى ووقف امام اخر ملك من ملوك سلالة سومر الأولى وطالب بخفض الضرائب التي فرضها لتعميق الفارق الطبقي ولتمويل حروبهم على اعدائهم ..
وبعد ان يئس الناس الغاضبون من تحسين امورهم والتفات اولي الأمر الى معاناتهم , اعلنوا التمرّد والثورة , ولم يوقفها الا بعد ان ان ازالوا الحكم ونصّبوا الرجل المغمور ملكا جديدا على سومر .. وكان اسمه اوركاجينا .. وقام اوركاجينا بأصلاحات كبيرة وترك لنا وثيقة باللغة السومرية يقول فيها : صار بيت الفقير بجوار بيت الثري الكبير ..
كما تشتمل الوثيقة على مفردة ( اماأرجي ) اي : الحرية,,,
ولو تكن هذة المفردة معروفة من قبل .. وهذا البلد الذي منح القاموس البشري اعمق المفردات وقعا في تاريخه ... عاش يسعى اليها سعيا حثيثا منذ دهور دون ان يتمتّع بها سوى فترات قليلة لا تعدّ في حساب نمو المجتمعات الأنسانية شيئا مذكورا ..
لا ادري كيف اصف مشاعري وانا ارى ابناء بلدي واصدقاء طفولتي تتطاير اشلاؤهم بين صدام وامريكا المتحالفة .. اين ومتى ستنتهي كل هذه العذابات المريرة .. هل يستحقّ الشعب الذي منح العالم مفردة الحرية ان يحيا محروما منها ؟؟ ,,

كلّما يُفتح احد المعتقلات التي يزخر بها العراق اشعر بحجم الألم الذي يقف خلف كلّ صرخة يُطلقُها عراقي في زنزانة لا تسع جسده ..
في كلّ يوم يكتشفون مقبرة جماعية جديدة , اشعر ان مصير ضحاياها لا يتحمّله صدام وزبانيته , بل كل منْ سعى وراء ديمومة حكمه لغاية في نفس يعقوب ..
كل عراقي يموت اليوم يشترك في موته ليس اميركا وصدام وحسب , بل وكلّ من يقول ان صدام خير للعراق من غيره متناسيا ان صدام صنيعة لأميركا ولا تلد الأفعى سوى افعى ولن يختلف الأمر مع من سيأتي بعده , فهو الذي فتح هذا الباب الذي لن نجد اليد القادرة على اغلاقه حتى ولو بعد حين ..

الحريّة لا تُمنح . بل تؤخذ أخذا من فم مغتصبها , وهذا ما حاولنا الوصول اليه منذ اعوام طويلة دون ان نجد من يصغي الى صراخنا , فكل من ساهم بأدامة هذا الكابوس البعثي كان يرى ان المنا وصراخنا وقتلانا الذين ذابو في احواض الأسيد و على اعواد المشانق وشفرات المقاصل وسيل الرصاص .ترفا اجتماعيا لاغير ,,
ولكن : الا يرقص العصفور مذبوحا من الألم ؟؟

ليس هناك من احتلال رحيم ,,
وقد يأتي اليوم الذي حينما نحاسب فيه اميركا على جرائمها بحقّ شعبنا , ستقول : ولكننا لم نفعل عشر معشار ما فعله صدام بكم وهو ابن جلدتكم , ثمّ الا يكفي اننا حررناكم من طغيانه بعد ان عجز اخوانكم من العرب في ذلك ؟؟
الله الله في العراق
انه الأن كمن يختار الموت الرحيم بعد ان ذاق ما ذاق من انواع الموت الأخرى ...