آخر المشاركات

النتائج 1 إلى 11 من 11

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    مهندس الكلمة

    salah غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    527

    منْ الذي سقط , اهي بغداد ام صدام ؟

    تحيات طيبات عليكم جميعا
    كتب ياقوت الحموي في معجمه ان بغداد حاضرة الدنيا وكتب الجاحظ عن البصرة انها سرّة الأرض وكتب المؤرخ الروماني هيروديت ان بابل هي الدنيا بعينها .. هذه الأرض التي قالوا عنها ان انهارها اعذب الأنهار وان هواءها اصفى واطيب هواء وان سكانها اكثر اهل الأرض اعتدال امزجة .. لماذا سلّمت مقاليدها بأيام معدودة الى غزاتها و فاتحيها ؟؟

    لماذا لم تقاوم هؤلاء الصليبيين بأسلحتهم الغامضة ومجنزراتهم الهائلة , بل العكس , استقبلوهم بالهتاف والورود ؟؟

    كتب احد الأخوة : انّ الشيعة هم من فعل ذلك ؟

    فالأمر ليس كما ذهب اليه واراد منّا تصديقه والأقرار بصحّته ,,
    ربّما اتّفق معه في انّ الشيعة لا يخلو تاريخهم من اخطاء و ارجافات شتى ,
    بيد ان هذا الأمر تشترك فيه الفرق الأسلامية الأخرى
    فلماذا لم يذكر ان الجيش الأمريكي بدأ توغّله من منطقة الدورة والبياع والعامل وجميعها مناطق بغدادية سنّية واستقبلت الأمريكان بالزهور وهتافات التأييد ؟.
    واظنّه يعلم انّ هذا حدث منذ خمسة ايام وليس اليوم او ليلة امس ..

    وكذلك الأمر مع البصرة , فهي ليست من الشيعة وحسب , بل وفيها من السنّة خلق كثير لا يمكنك اقصاءه من المشهد العراقي, كما لا اظنّه يجهل ان البصرة ذاتها والناصرية والعمارة تنتشر فيهما طائفة الصابئة المندائيين , وهي من اقدم الديانات البشرية ويُعتقد انها اسبق في زمن زجودها على الديانة اليهودية بتوراتها الكنعانية ولغتهم هي لهجة من لهجات اللغة الآرامية , وهؤلاء جميعا استقبلوا الأمريكان بذات الحرارة .
    والأمر يتكرّر مع المدن العراقية التي تشتمل بلداتها على طوائف وقوميات واثنيات مختلقة .كالأكراد من السنّة والشيعة والتركمان والكلدان والآشوريين واليزيديين والشبك والسريان النساطرة وسواهم ..

    الأمر يا اخي العزيز ليس في مقاومة العدو الخارجي الصليبي ( رغم ان العراق يشتمل بين سكانه اكثر من مليوني مسيحي وان المسيحية دخلت العراق في القرن الميلادي الأول على ايام آخر ملوك الآراميين الملك ابجر الأسود بينما لم تدخل الغرب الا في القرن الثالث حين تبنّتها الدولة الرومانية وجعلتها دينا رسميا توحيديا للدولة ) اقول ان الأمر لم يعد في مكافحة عدوّ خارجي ولكن في انهاء عدوه الداخلي وهو صدام حسين الذي لم يفرّق في طغيانه بين شيعي وسنّي ومندائي ومسيحي وكردي ويزيدي .....
    لذا كانت مظاهر الفرح العارم بالخلاص منه لا تقتصر على طائفة او قومية دون اخرى , بل شعورا جماعيا بالخلاص وان كان على يد امريكا ..
    فالعراقيون يُدركون ان امريكا سيئة , ولكن صدام اسؤا منها بما ليس في وسعنا ان نحصيه . لذا قبلوا بالسيء تجنبا للأسؤا .
    هذه هي حقيقة الأمر ولا شيء آخر ,
    اقول كلامي هذا لأنني جزء من هذا الجرح الفاغر والذي استمرّ بالنزيف لأكثر من ثلاثة عقود دون ان يجرؤ احد من العرب على ايقافه , بل العكس , حاول الجميع تمكين صدام من بناء مؤسساته القمعية بأنواع شتى من الدعم ليسهل عليه تفتيت لحمة الشعب المغلوب على امره ,
    فكلّكم تعرفون ان في مدينتكم رفحاء لاجئين عراقيين منذ عام 1991 قطعوا الصحراء ليصلوا اليكم فرارا من جور وطغيان صدام , وان هناك ما يزيد على الأربعة ملايين عراقي يتوزّعون اصقاع الأرض وينتظرون اليوم الذي يمنّ الله عليهم بالعودة الى رحم عراقهم الدافيء ,,
    هذا الأنهيار السريع لم يكن استسلاما او سقوطا للبلد التي منحت العالم اوّل قانون بشري لا يمكن الطعن في عدالته وهو قانون حمورابي واول بلد منح القاموس البشري مفردة الحرية واول بلد نشأت فيه الكتابة واول بلد شهد تأسيس مدنيات العالم القديم , فأول دولة تأسست في العالم كانت في العراق وفي القسم الجنوبي منه وهي الدولة السومرية الأولى واول بلد شهد نشوء ما يُعرف بالأمتداد الأمبراطوري واعني هنا اول امبراطور في التاريخ وهو سرجون الأكدي الذي وصل الى اليمن وامتلك آسيا الوسطى شرقا وحتى مصر غربا , .. انه ليس سقوطا لهذا البلد الطيّب الذي احتضن الأسلام وفي رحمه نشأت غالبية الفرق والمذاهب الأسلامية والدويلات التي اعقبت سقوط بغداد , بل انها هزيمة لصدام حسين الذي حاول بطرق لا تُحصى تدمير هذا الأرث الحضاري الكبير من اجل تأسيس مجده الشخصي ..
    انها هزيمة للطغيان بجميع صوره واشكاله
    انها هزيمة للجور الذي كان يريد من الناس ان يهتف له وان يصدّق انه الحق
    انها هزيمة للمشروع القومي لأن القومية فكرة لم تنولد من طبيعة مجتمعاتنا , بل انها مما اخذه البعض عن ساطع الحصري وهو رجل تركي اراد ان يأتي بمشروع كمال اتاتورك الى بلداننا العربية بعد ان فشل في تركيا ..
    انها هزيمة لمظاهر الأستبداد كما كتب عنها الشيخ عبد الرحمن الكواكبي قبل اكثر من مئة عام في كتابه طبائع الأستبداد ..
    انها هزيمة الرجل الأرعن الذي اراد ان يقود بلده الى النفق المظلم
    ..............
    اما العراق فأنه باق واعمار الطغاة قصار .. كما قال ذات يوم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري الذي مات هو الآخر قبل سنوات محروما من عراقه وقد سُحبت عنه جنسيته العراقية وهو الذي ولد في عام 1900 , اي قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1923 ,,

    مودّتي لكم جميعا
    التعديل الأخير تم بواسطة salah ; 10 Apr 2003 الساعة 12:17 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك