أخي صالح الشيحي: قبل أن ترفع قبَّعة القلم

علي سعد الموسى
سأكتب تحت ضغط العشرات الذين أقحموني في مواجهة أخي صالح الشيحي، وإلا فليس بيني وبين أبي - وطن - من حجاب يستلزم أوراق الصحف ونحن الذين نلتقي منتصف المساء على الخواطر بالجوال والسؤال. أنا أكبر سناً، فيما هو واضح، من إمبراطور الكتابة الاجتماعية ولهذا سيتقبل عتبي وأنا أعترض - جزئياً - على ما سطره في يومين متلاحقين في حق أهله هنا بالجنوب: مرة يتهمهم بالغلظة والقسوة على النساء وأخرى بالفوضى على متن الطائرات. يوم الجمعة، اعتمد إمبراطوري الكبير، أبو وطن، على اتصال من مواطن يخبره وهو مار بجوار حديقة جبلية جنوبية أنه شاهد - جنوبياً - يركل زوجته بالحديقة ثم يقذفها خلف الأسوار قبل أن يرميها إلى داخل السيارة.
ما هكذا تورد إبل - النقل - أخي صالح، ذاك أن الكاتب - المتوثق - الواثق لا يكتب بناء على اتصال ولا يستورد القصة من مواطن - يمر بالجوار - ولو أننا أخي الكبير اعتمدنا في كتابتنا على كل - جوال - يرن بالجيب لاحتاج كل منا إلى صفحة كاملة ليكمل فبركات اليوم. الكتابة، أخي العزيز، ميثاق ووثائق والكتابة أوراق تعتمد على أوراق. ثم هب أخي أن ذاك الاتصال الذي جاءك من شخص عابر بجوار الحديقة كان صحيحاً في مصدره وقصته، فلماذا لا يكون - الضارب - زوجاً من بقية اتجاهات البوصلة؟ ولماذا لا يكون سائحاً جاء مثل الآلاف الذين جعلوا أهل أبها بها اليوم أقلية وسط هذا الزحام؟ ناهيك عن أن أهل البلد أنفسهم لا يخرجون لهذه الحدائق في الصيف. أخي صالح: لا ترفع مرة أخرى قبعة القلم كلما رن بجيبك الجوال.
ثم هب أنني اصطدتك في القصة السابقة وما زلنا في عراك حول الثانية فيما يختص بكراهية طواقم الطائرات لكل رحلة تتجه إلى أبها بسبب سلوك المسافرين. أخي صالح: فتش عن السبب قبل أن تواجه معضلة السلوك. فتش عن كل رحلة تؤجل لوقت آخر في شاشات المطارات لتكتشف أن - الصدفة - والصدفة وحدها تجعل من رحلات أبها - موعداً جديداً - غير الموعد المعلن المجدول ثم لك بعدها أن تكتشف نفسيات الذين تأجلت رحلتهم وماذا سيكونون عليه بعد الفرج. فتش عن - أبها - لتجدها واحدة من أكبر مراكز المبيعات على لائحة الخطوط ثم فتش عن حجم الرحلات والطائرات التي لا توازي ربع العدد المطلوب. فتش في مطارها لتجد أن حجم طلبات الانتظار تضاعف حجم أعداد - المؤكد - ثم فتش عن الطائرات لتجدها تذهب إلى مدن أخرى لن أبالغ إن قلت إن كل سكانها في اليوم بحجم المسافرين إلى أبها في الأسبوع. أخي صالح: فضلاً، لا ترفع قبعة القلم كلما واجهت موظفاً - بليداً - بالسؤال، مثلما كان عليه استفتاؤك الشفهي لحفنة من موظفي الخطوط.



http://www.alwatan.com.sa/daily/2006...writers02.html