ترى بعض الناس قد جعل نفسه من الأكياس ، فيحاول استغفال الجمهور عن طريق تهوين الأمور ، يتحدث معك ببساطة حتى يتحول فعله إلى سذاجة ، ونحن لا نلوم البسطاء لكن حديثنا مع البلهاء ، الذين جعلوا هذه الخصلة مناراً لهم وشعلة ، الناس عنده جهّال وهو الذي بيده تبديل الحال ، الناس في نظره ثقافتهم ضحلة وهو الذي سوف ينقذهم من الغفلة ، إذا تكلم تشدّق بملء فيه حتى يجعلك تملّ المجلس بمن فيه ، إذا ناقشته في مسألة حولها مباشرة إلى مشكلة ، خصومٌ جحود وصديقه كأنه عدوٌّ لدود ، أحياناً تعلوه سكينة كبحرٍ هادئ ترسوه سفينة وبالمقابل تجده في أوقاتٍ كثيرة صاحب أصواتٍ مشينة ومن شدّة ارتفاع صوته أشبه الماكينة ، يقدم مصالحه الشخصية وليس يضرّه أن تنشر المطويّة ، يعشق اختلاط الأوراق والتعتيم حتى يلتبس عليك ابن السبيل باليتيم ، دائماً يدندن حول المثالية وإصلاح الحال والاهتمام بالرعية وإذا سبرت أعماله قلت : والله ما قسم بالسويّة ، كلامه خلاّب وفعله خراب ، يتلاعب بالناس كأنهم صبيان ويزعم أنه من الشجعان ، لا يتورّع في الغيبة خصوصاً ذوي الألباب ويتهم الخلق بأبشع الألقاب ، يهتم بتصنيف الناس فنعوذ بالله من شرّ الوسواس الخناس ، يستخفّ بنصح الآخرين ويحسب أن ليس مثله في العالمين ، يحب المشاركة في كلّ موضوع وإن لم يؤخذ بقوله تجده كأنه مصروع فالقلم عنه مرفوع ، إذا رآك تعمل في أي مجال من المجالات أهال عليك كمّاً من الاقتراحات ثلاثة أرباعها تجلب الندامات ... حقيقةً سئمنا من مخالطة هؤلاء إلى أن أصابنا النصب والإعياء ، أما علم ذلك المسكين أنه قد ذبح نفسه بغير سكين ، فلينظر في حاله المشين وليرتقِ بشخصه إلى كل ما يجمل ويزين ، هذا ما يبدو لنا في الحقيقة وإلى الله وحده نكل السريرة ، ونسأله سبحانه أن يجيرنا من عذاب النار وسعيره ، والصلاة والسلام على هادِ البشرية محمد بن عبدالله خير البريّة ..