قاس على النفوس ، قوي على القلوب ، أن يهزأ أحد بمبادئك ، أو يسخر بقيمك ، وإن أعظم المبادئ عند أهل الإيمان ، هذا الدين الذي نحمله ، وهذه الشرعة التي نتفيأ ظلالها ، ونستنشق عبيرها ، ولقد غاظ أصحاب القلوب المفعمة بنور الإيمان ، تلك الحملة الظالمة الجائرة ، التي تطل علينا بين حين وآخر بوجهها الكالح ، وبهرائها وزبالة أفكارها ، متخذة من النبي محمد عليه الصلاة والسلام مجالاً للطعن والشتم ، وتصفه بأبشع الأوصاف _ كذبوا وربي _
محمد النبي الكريم ، فداه نفسي وأبي وأمي ، شخصية تتقازم الشخصيات دونها ، وإنسان ما عرفت الإنسانية كشمائله ، وفي طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل .
ثم يمتد عداؤهم السافر ، وفعلهم الفاجر ، إلى هذا القرآن يوم داسته أقدام جنود الصهاينة ، في معتقلات غوانتانامو سيئة الذكر ، قبيحة الصيت .
وقبل يومين يظهر جون أبي زيد ليلصق الفاشية بالإسلام ، والنازية بتعاليمه ، وقبله جورج بوش .
لا أقف عند أقاويلهم هذه لندرة من يغتر بها من المسلمين ، لكنني أقول :
ما الفرق بين هذه الاستفزازات المتكررة ، والإهانات الموجهة ، التي يقصد منها جرح مشاعر المسلمين ، وزعزعة ثوابت دينهم ، التي نسمعها من الكفار الصرحاء ، وبين هذه الاستفزازات التي تثار داخل بلاد المسلمين ، ومن قبل بعض من ينتسبون إليه ؟
لا فرق في نظري بين هؤلاء وهؤلاء ، فمسلسل طاش ، على سبيل المثال ، يصور لنا تعاليم الدين ، ومظاهر التدين ، على أنها مجموعة من الآصار ، وقيود من الأغلال ، استهزاء بالحجاب ، وتندر باللحية ، وتشويه لقيم الإسلام .
وبالأمس يثير وزير الثقافة المصري فاروق حسني زوبعة الحجاب ، وأنه رمز للتخلف والرجعية ، ومما أضحكني أنه في معرض دفاعه عن نفسه ، يذكر بأن أركان الدين أربعة .
وفي تونس يقف عدو الدين والعروبة زين العابدين من الإسلام موقف العداء ، فيوجب ألا يصلي الشخص إلا في مسجد واحد لا يتعداه إلى غيره ، من أجل أن يكتب اسمه حاضرا في المسجد الذي خصص له أن يصلي فيه ، من أجل ماذا ؟ من أجل أن يعرف المواظبون على الصلاة ثم يحالوا للمسائلة ، أضف إلى ذلك أن اختلاط الطلاب بالطالبات مفروض حتى في كلية الشريعة ، بل تقام مسابقة في السباحة بين طلاب وطالبات كلية الشريعة ، كذلك سياسة تجفيف منابع التدين أول ما طبقت في تونس ثم صدرت إلى العالم العربي .
وليس عنا ببعيد بعض كتابنا الذين هم فرسان على النيل من علمائنا ، شجعان على نزع حجاب المرأة ، وعلى أن تقود السيارة ، وعلى المحاكم الشرعية ، وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكنهم جبناء في الدفاع عن دينهم ، أو نقد ما نقده يصحح الأخطاء ، ويقوم المسيرة .
هؤلاء هم رسل الفساد ، وعشاق الرذيلة ، وأذناب الاستعمار ، وأصحاب العقول المهجنة ، فكيف نريد أن يصمت الغرب عن مهاجمة ديننا وثوابتنا ، وفينا أبواق ناعقة ، رضعوا لبانهم ، وتعلقوا بأذيالهم.